21-يونيو-2023
lk

أصوات طرق التقطت ولا يزال العمل جاريًا لتحديد مصدرها. (Ocean Gate)

تتجه أنظار العالم بأسره منذ ثلاثة أيام إلى غواصة ضائعة في أعماق البحار، في داخلها خمسة أشخاص، قرروا خوض المغامرة التي حذّر منها كثير من الخبراء، بغية إلقاء نظرة على حطام إحدى السفن الأكثر شهرة على مرّ التاريخ، ألا وهي سفينة تايتانيك، والتي لا تزال تثير فضول الناس حول العالم، منذ غرقها في شمال المحيط الأطلسي وهو تحاول العبور في رحلة أولى من بريطانيا إلى نيويورك، عام 1912. 

العالم يبحث عن خمسة من أثرياء العالم بعد أن فقدت الاتصال بغواصتهم الاستكشافية الصغيرة "تايتان" 

مؤخرًا، وعبر غوّاصة تدعى "تايتان"، قامت على تطويرها شركة تطلق على نفسها اسم "بوابة المحيط" (أوشين غيت)، كان المأمول أن يقترب بعض المهووسين بالماضي خطوة إضافية لفكّ اللغز والوقوف على حطام السفينة التي نتخيّلها جيدًا وركابها، بفضل العديد من الأعمال السينمائية والوثائقية التي خلّدت الحدث وأسطرته وحوّلته إلى سلعة ذات قيمة رمزية وإمكانيّة مادّية ضخمة. 

هذه الغوّاصة، التي انقطع الاتصال بها منذ يوم الأحد الماضي، والتي ستتحوّل بذاتها ربما إلى أسطورة جديدة، هي ابتكار تقني جديد قائم على مفاهيم خلّاقة مبهرة في عالم الهندسة، لكنّها لا تخلو من الجرأة والمغامرة والحياد عن التصاميم القياسية. يبلغ طول المركبة حوالي سبعة أمتار، وتسع خمسة أشخاص كحد أقصى في كل رحلة، كما يمكنها بحسب موقع الشركة أن تصل إلى عمق 4000 متر تحت سطح الماء. 

 

هذه الجدّة في التصميم، حالت دون حصول غواصة "تايتان" على أية شهادة اعتماد بحرية معترف بها، بخلاف المركبات المشهورة الأخرى، ومن بينها مركبات تنتجها شركة "أوشن غيت" نفسها، ولها القدرة على الغوص في الأعماق البعيدة للبحار. 

فقبل سنوات عديدة من اختفاء غواصة "تايتان" في المحيط الأطلسي يوم الأحد الماضي، 18 حزيران/يونيو، وعلى متنها خمسة أشخاص، تلقت الشركة العديد من التحذيرات أثناء استعدادها لمهمتها المثيرة، والتي تماثل مهمة شركات الفضاء الرأسمالية الضخمة، التي تتعهد باصطحاب الأثرياء في جولات إلى المجهول، لكن هذه المرّة لتفقّد حطام تايتانيك، على عمق 3800 متر تحت سطح الماء، وبتكلفة للتذكرة تبلغ 250،000 دولار أمريكي. 

أما اليوم، وبعد اختفاء الغواصة، لم يتبّق أمام من فيها سوى ساعات قبل أن ينفد ما لديهم من أكسجين، ويمحى وجودهم في غياهب المحيط. 

ساعات معدودة حّتى لحظة الصفر 

يوم أمس الثلاثاء، وبحلول الساعة الواحدة بعد الظهر بالتوقيت الشرقي في الولايات المتحدة وكندا، قال خفر السواحل الأمريكي إنه من المحتمل أن أمام ركاب الغواصة 40 ساعة في أحسن الأحوال قبل نفاد مخزون الأكسجين لديهم، وهو ما يمنح السلطات وفرق الإنقاذ ساعات قليلة حتى يتمكنوا من تحديد موقع الغواصة الضائعة واستعادتها قبل وفاة من فيها. 

إلا أن أمام هذه المهمة العديد من التحديات الوخيمة، بما في ذلك الموقع النائي لنقطة غوص المركبة، والظروف الجوية الصعبة، والعمق الاستثنائي للمحيط في المنطقة التي فقدت فيها الغواصة، والتي يمكن فهمها عبر الاطلاع على هذا الفيديو.

 

من يوجد في متن الغواصة؟ 

لم تنشر السلطات المعنية أسماء الأشخاص الخمسة المفقودين، لكن وسائل إعلام أجنبية، منها شبكة سي أن أن ونيويورك تايمز، أكدت وجود رجل الأعمال البريطاني هاميش هاردينج، المقيم في الإمارات العربية المتحدة، والغطاس الفرنسي بول هنري نارجولي، والملياردير الباكستاني شاهزادا داود ونجله سليمان داود، البالغ من العمر 19 عامًا فقط. أما خامس الركاب فهو الرئيس التنفيذي لشركة "أوشين غيت"، ستوكتون راش. 

"ضوضاء" أم طرق على جدران الخزان؟ 

أشارت معلومات وردت في مذكرة حكومية أمريكية داخلية إلى أن نظام السونار اكتشف أصوات طرق يوم الثلاثاء تحت الماء في المحيط الأطلسي الشمالي أثناء البحث عن غواصة مفقودة يوجد على متنها خمسة أشخاص اختفوا قبل يومين أثناء غوصهم لاستكشاف حطام سفينة التايتانيك.

ولم يتضح متى سُمعت أصوات الطرق تلك بالضبط أو طول مدتها وما مصدرها، ولكن وفقًا لتحديث لاحق أُرسل يوم الثلاثاء في الليل، فقد سمعت مزيد من الأصوات لم تحدد ماهيتها، إذ تشير المذكرة إلى أنه "سمع المزيد من التغذية الصوتية، وهو ما سيساعد في توجيه وسائل المساعدة على السطح، كما أنه يعزز الأمل في وجود ناجين".

هذه المعلومات أكدها أيضًا خفر السواحل الأمريكي، الذي قال إن مركبة من طراز بي ثري تابعة للبحرية الكندية التقطت الأصوات، ولا زال العمل جاريًا لتحديد مصدرها.

نظام السونار اكتشف أصوات طرق يوم الثلاثاء تحت الماء في المحيط الأطلسي الشمالي أثناء البحث عن غواصة مفقودة يوجد على متنها خمسة أشخاص اختفوا قبل يومين أثناء غوصهم لاستكشاف حطام سفينة التايتانيك.

المركبة الكندية رصدت أيضًا جسمًا مستطيل الشكل في المياه، ولا يزال العمل جاريًا لتحديد مصدر الصوت ومحاولة العثور على ناجين من الغواصة.

ومن المعلوم أن إنقاذ الناس في أعماق المياه أصعب من إنقاذهم على السطح. بحسب ما نقلت نيويورك تايمز، فإن العديد من الغواصات البحثية التي تعمل تحت الماء تكون مزودة عادة بمعدات توجيه صوتية تصدر أصواتًا يمكن أن يكتشفها رجال الإنقاذ تحت الماء في حال حصل أي مكروه، لكنه ليس من الواضح ما إذا كانت هذه التقنية متوفرة في مركبة "تايتان".  كما أن هناك صعوبات كبيرة أخرى تواجه مهمات الإنقاذ من هذا النوع، إذ إن المركبات التي تستطيع النزول إلى مثل هذا العمق تحت المياه محدودة جدًا، وهو ما يفرض على المركبات التي تشارك في المهمة أن تصعد إلى السطح كل فترات وجيزة عوضًا عن النزول إلى قاع المحيط.

يشارك في عمليات البحث والإنقاذ التي وصفت بالمعقدة قوات بحرية كندية وأمريكية إضافة إلى سفن تجارية تطوعت للمشاركة في العملية المعقدة للعثور على المركبة التي تحمل على متنها خمسة من أثرياء العالم. 

 

هاها

 

مع دخول عمليات البحث يومها الثالث، أعلن عن دخول المزيد من السفن والطائرات للمشاركة في البحث عن المركبة المفقودة، كما قال الناطق باسم البحرية الأمريكية إن القطاع العسكري في الولايات المتحدة سيرسل خبراء ومعهم نظام انتشال خاص بأعماق المحيطات للمساعدة في إنقاذ من هم على متن المركبة، إذ  يمكن للنظام أن يرفع أجسامًا ضخمة تحت المياه، يمكن أن يصل حجمها إلى حجم المركبة المفقودة، التي يقدر وزنها بحوالي 11 طنًا.

كما سينشر كل من خفر السواحل الأمريكي والقوات الجوية الملكية الكندية المزيد من الطائرات والسفن للمساعدة في عملية البحث عن الغواصة ذات المفقودة على عمق 21 قدمًا. ويضمن أسطول المركبات المشاركة في العملية سفينة كندية متخصصة في تركيب الأنابيب وتتمتع بقدرات كبيرة تحت الماء.