16-ديسمبر-2019

العدد الأول من نيزك

"يُروى أنّ الأشياء اللامعة، تأتينا على حين غرّة". بجملة مُضيئة كهذه، أطلق عدد من الشُّعراء اللبنانيين مساء الأمس، الأحد 15 كانون الأوّل/ ديسمبر، عند الساعة السابعة مساءً، العدد الأوّل من النشرة الشعرية المعنونة بـ "نيزك"، والهادفة، كما يريد لها القيّمون عليها، باسل الأمين وزنوبيا ظاهر ومحمود وهبة، لكي تكون نافذة تؤرّخ لجيلهم الذي يكتب الآن، ولكي يكون الشِّعر نفسه، أيضًا، في متن الحراك الشعبيّ، لا على هامشه.

تقول نشرة "نيزك" الشعرية" إن الشعر في متن الحراك الشعبيّ اللبناني لا على هامشه

القائمون على النّشرة الشّعرية التي انطلق عددها الأوّل على شكل جريدة خارجة إلى العلن من مقهى "رويز" الثقافي في العاصمة اللبنانية، أكّدوا أنّها "استعادة لإرثٍ نأبى انقطاعه"، وكذا "امتدادًا لمراحل وتجارب شعرية كانت في بيروت، وكان لكلّ منها لونها وزمنها وشعراؤها"، وفقًا لما جاء في بيانها الذي أكّد بدوره أنّ "نيزك" جاء "ليقلب العالم رأسًا على عقب"، ووُجد ليكون: "منبرًا حرًّا يشبهنا ويمثّلنا، ويحتضن هواجسنا وتطلّعاتنا، ويكون سندًا لثلّة من الصعاليك، لم تترك الحياة لهم شيئًا سوى الشِّعر. ثلّة ثرثارة، ناقمة على كلّ شيء، فوضوية عبثية، هدفها الفراغ، ومبتغاها اللاشيء".

اقرأ/ي أيضًا: 12 صوتًا شعريًا من لبنان: كل شيء زائف

هكذا، جاء العدد الأوّل من "نيزك" حاملًا في جعبته مجموعة نصوص شعرية وأخرى سردية، محلّية وعربية. بالإضافة إلى أبواب ثقافية مختلفة، منها ذاكرة كشكول، وبصريات، وغيرها. أمّا سمتها الرئيسية، فهي تناول موضوعيّ الانتفاضة اللبنانية من جهة، والإنسان في واقعنا الراهن من جهةٍ أخرى، مُذكِّرًا بأنّ بـ "الشِّعر وحده يحيا الإنسان"، ومقدّمًا المبادرة هذه، أي النشرة، كـ "صالة عرضٍ لكلّ شاعر/ة وأديب/ة، متنفّساً لمن ضاقت بهم سبل الحياة الصغيرة"، عدا عن أنّها "صرخة مدويّة في وجه كلّ أشكال الانعزاليّة والتطرّف ورفضًا قاطعًا للسياسات الثقافيّة البالية الموجودة اليوم".

أراد هؤلاء الشّعراء أن يكون للانتفاضة اللبنانية جانبًا شعريًا، يستعيد الشِّعر من خلاله مكانته كطريقة، مؤثّرة ونوعية للاحتجاج، وكذا وسيلة للتعبير عن الرفض، وقول "لا". وعلى هذا الأساس، جاءت الصفحة الأولى من النشرة الشّعرية، نيزك، مذيّلة بستّة "لاءات"، تتوسّط خلفية حمراء اللون. وما بعد هذه الصفحة، نقرأ: "في انتظار النيزك/ علم/ بالألوان/ يرفرف/ فوق رأسك المقطوع/ (...)/ البيت منذ ولدت سجّان/ (...)/ في دخول النيزك/ هلع/ وجه السجّان لم يفهم النكتة/ ضحك/ لكنّ مسخًا في جوفه/ انكمش" نقرأ لزنوبيا ظاهر في نصّها المعنون بـ "ثقب". بينما نقرأ لربيع الأتات: "يا لخيبة هذا الحكم/ يقبضون على بعضنا/ فنتسرّب بين الأصابع".

وتحت عنوان "سنحبّ أحلامنا"، يكتب باسل الأمين: "كلُّ ما طلبناه، أن يحبّنا أحد/ حتى حينما نزلنا إلى الطرقات/ وطالبنا بإسقاط الحكومة/ كنّا ناقمين/ على هذه الحياة/ كنا نحتاج عناقًا واحدًا/ أن يمسّد أحدهم/ بيده على جباهنا/ ويخبرنا أنّا سنستيقظ غدًا وأحلامنا معنا". أمّا كميل عبد الله، فنقرأ له: "اسرقوا الوقت منهم/ لم نتعب بعد/ احملوا الذكريات على محمل الجدّ/ انقلوها رفاةً إلى بيوتهم/ البيوتُ أضرحة القتلى/ الهيكلُ سجلٌّ للحروب السابقة".

يريد الشّعراء اللبنانيون أن يكون للانتفاضة جانبًا شعريًا يستعيد الشِّعر من خلاله مكانته كطريقة مؤثّرة ونوعية للاحتجاج

عدا عن المشاركات اللبنانية، ضمّت النّشرة الشّعرية "نيزك" في عددها الأوّل مشاركات عربية مختلفة، تُترجم سعي أسرتها لأن تكون مساحة شعرية غير مقيّدة بحدود معيّنة. هكذا، نقرأ للعراقي كاظم خنجر: "المفخّخات التي لا تنفجر في يومها/ باردة ويابسة/ كالطعام البائت". بينما نقرأ للسورية هنادي زرقة: "أنا رمية النرد الأخيرة/ في حرب لا نرد فيها/ لا نقش/ ولا كتابة". أمّا المصرية آلاء حسانين، فقد قدّمت نصًّا بعنوان "لا تدينني الحياة بشيء"، تقول فيه: "لا تدينني الحياة بشيء/ وكذلك أنا/ عندما يتخمّر دمي/ لا أقول: لماذا لا يزحف قمر/ ويقفز إلى حجري".

اقرأ/ي أيضًا: أنسي الحاج.. نصوص غير منشورة

بعيدًا عن الشّعر، ضمّت "نيزك" نصوص سردية للروائي حسن داوود "برفقة جورج"، والمؤرّخ أحمد بيضون "بيروت"، والكاتب حازم صاغية "هل يضحكنا المستبد؟"، والشاعرة رولا الحسين "والآن ثورة 17 تشرين"، وسمر دياب "تهويمات من قلب الثورة"، وفوزي يمّين "ثورة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

الهيمنة.. قصة بحث عن فؤاد غبريال نفاع

الأعمال الشعرية الكاملة لبسام حجّار.. كلمات صاحبها الأسى