11-أغسطس-2021

طفل يمني في ورشة حدادة (Getty)

أسقطت الحرب في اليمن أكثر من مئة ألف قتيل منذ ست سنوات حتى اليوم، وأصبحت المجاعة تهدد حياة الملايين من اليمنيين. في الوقت الذي يحتاج فيه 80% من سكان اليمن، أي حوالي 24 مليون نسمة، للمساعدات. خاصة مع انتشار أمراض معدية ومنها الكوليرا ومن ثم جاء كوفيد-19، بحسب تقرير متلفز لقناة ABCNEWS.

أدى تضخم الأسعار في الاقتصاد اليمني الذي مزقته الحرب إلى استفحال أزمة الجوع المستمرة

كما يضاف إلى ذلك ما تسبب فيروس كورونا من تفاقم أزمة التعليم العالمية، حيث كان 1.3 مليار طفل، بما في ذلك 650 مليون فتاة، خارج التعليم في ذروة إغلاق المدارس. ويحذر الخبراء من أن العديد من الأطفال لن يعودوا أبدًا إلى المقاعد الدراسية خاصة وأن البلدان تعاني من انكماش اقتصادي في أعقاب انتشار الوباء. ويؤدي فقدان التعليم إلى إلحاق ضرر طويل الأمد بالأفراد والمجتمعات مع تعرض الفتيات بشكل خاص للخطر، بحسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.

اقرأ/ي أيضًا: انشغال لبناني بأخبار الظلام وتهديد أزمة الكهرباء لمختلف القطاعات الحيوية

وفي اليمن، أدى تضخم الأسعار في الاقتصاد الذي مزقته الحرب إلى استفحال أزمة الجوع المستمرة. في الوقت الذي ارتفعت فيه تكلفة الحد الأدنى لسلة الغذاء في اليمن بأكثر من 20% هذا العام، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة. وقبل اندلاع الصراع العسكري في أواخر عام 2014، كان اليمن يعمل مع الأمم المتحدة للحد من عمالة الأطفال. حينها كان الحد الأدنى لسن العمل 14 عامًا، و18 عامًا للأعمال الخطرة. وأفادت اليونيسف بأن الحرب ضاعفت عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس إلى أكثر من الضعف ووصل العدد إلى مليوني طفل. ومع اقتراب ميزانيات الأسر من الانهيار، أصبح يتم تزويج الفتيات في سن مبكرة، ويتم تجنيد الأولاد كجنود، وإرسال الأطفال إلى العمل في سن مبكرة. وأفادت الأمم المتحدة بأن أكثر من 3600 طفل جندوا في الصراع المسلح في السنوات الست الماضية، بحسب ما جاء في تقرير لوكالة رويترز.

بدلًا من الذهاب إلى المدرسة، يقضي الطفل اليمني حارث منصور، البالغ من العمر 15 عامًا، أيامه في قطع أعناق الدجاج ونتف الريش وتعبئة اللحوم الطازجة لزبائن متجر صغير في العاصمة اليمنية صنعاء. إنه واحد من عدد غير معروف من أطفال اليمن الذين يعملون لإطعام أسرهم وإيوائها، حيث دفعت حصيلة 6 سنوات من الحرب البلاد إلى مزيد من الفقر والجوع. قال منصور، الذي توقف عن الدراسة في الصف الثامن "اضطررت إلى تولي هذه الوظيفة لأن والدي لا يستطيع تغطية نفقات المنزل بنفسه"، وأضاف "لا يوجد ما يكفي للمدرسة أو لأشياء أخرى". أما الطفل زكريا نجيب، 16 سنة، الذي بدأ العمل في ورشة حدادة في صنعاء قبل عامين. قال بينما كانت شرارات من الفولاذ تتطاير حول وجهه غير المحمي، "هذا الوضع، الحرب، هو الذي دفعني للعمل. عملي هذا يؤمن لنا خبزنا اليومي"، بحسب تقرير وكالة رويترز.

وفي مكان آخر بالعاصمة اليمنية صنعاء، الطفل عبده محمد جمال، البالغ من العمر 15 عامًا أيضًا، يقضي وقته بالعمل في ورشة حديد حيث يقوم بقطع ألواح من الحديد الطويل المستخدم في تسليح الأبنية الخرسانية. ويذكر أن القتال في مسقط رأسه في مدينة الحديدة غربي اليمن أدى إلى نزوح والديه وثمانية من أشقاءه إلى الريف القريب قبل عامين، وفي ظل مرض والده وعدم قدرته على العمل بدأ عبده وشقيقه العمل باكرًا. يكسب جمال ما بين 3 آلاف إلى 4 آلاف ريال يوميًا، أي ما يعادل 6 إلى 7 دولارات، لكن أكثر من نصف ما يكسبه يذهب على تأمين الطعام والسكن، ولم يتبق سوى القليل لإرساله إلى أهله. ويشير بالقول "في السابق كنت أدرس فقط ومن ثم أقضي الوقت المبتقي في المنزل، والحمد لله كل شيء كان جيدًا، فالطعام والشراب كانا يأتيان بسهولة"، ويتابع حديثه بالقول "ولكن الآن أصبح الأمر صعبًا للغاية، فكيس الطحين يكلف 18 أو 19 ألف ريال، بينما كان سعره في السابق  ما بين 5 آلاف إلى 8 آلاف ريال"، بحسب ما نقل موقع توداي أونلاين.

وكانت المنظمات الدولية قد حذرت العام الماضي من ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 35% في بعض مناطق اليمن بفعل أزمة فيروس كورونا. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن "ارتفع الطلب على الغذاء والوقود لتشغيل المولدات في المستشفيات والمرافق الأخرى بشكل كبير"، بحسب ما نقل موقع اليمن أونلاين. وتأتي هذه التحذيرات بعد نحو ست سنوات من اندلاع الحرب التي جعلت 80% من السكان يعتمدون على المساعدات الإنسانية، غير أنه حتى هذه المساعدات يجد أصحابها صعوبة في إيصالها إلى المعنيين خاصة أطفال اليمن في ظل الأوضاع الأمنية الصعبة القائمة في اليمن. وفي المقابل، فإن الأرقام الصادرة من اليمن لأعداد المصابين والوفيات جراء فيروس كورونا تثير الريبة، إذ ليس هناك أي أرقام رسمية في ظل تدهور القطاع الطبي في مواجهة الفيروس.

وتجدر الإشارة إلى كون الأزمة اليمنية من أحد أكبر الأزمات الإنسانية في العالم وتهدد مئات آلاف الأطفال والنساء في عام 2021. وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أنه "مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 150% عن المتوسط قبل النزاع، وانخفاض قيمة الريال اليمني، أصبح خطر الجوع بالنسبة للملايين حقيقة واقعة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

التمييز في العمل على أساس السن.. مشكلة عابرة للأجيال

الأزياء التكيفية للأشخاص ذوي الإعاقة.. أناقة وراحة في آن واحد