14-أبريل-2020

فوتومونتاج لـ مصطفى يعقوب/ سوريا

أثارت تغريدات الإعلامي الإسرائيلي إيدي كوهين، قبل عدة أيام، عن قرب انتهاء فترة حكم الأسد في تموز/يوليو المقبل، ردود فعل متباينة من السوريين، كان في مقدمتها رد الإعلامي فيصل القاسم الذي نصح السوريين بالتعامل مع تسريبات كوهين كـ"نكتة كوميدية"، أو سوداء، لجهة إرغامنا على التصديق بوجود تعارض بين المصالح الوجودية (الأمنية) لإسرائيل والمصالح الوجودية للأسد (الحكم العائلي). فالمضحك والكوميدي من وجهة نظر قاسم هو تصديقنا لعبثية لجوء صاحب البيت (إسرائيل)، إلى التضحية بحارس بيتها (الأسد)، مع علمها المسبق بأنها لن تجد أفضل منه للقيام بهذه المهمة، فالأصل بين حارس البيت وكلبه، كما يقول القاسم، تبادل المنفعة" فهل رأيتهم أحدًا، يربي كلبًا ليقتله؟".

أثارت تغريدات الإعلامي الإسرائيلي إيدي كوهين، عن قرب انتهاء فترة حكم الأسد ردود فعل متباينة من السوريين

في الوقت التي تعامل فيها القاسم مع تسريبات كوهين كنوع من الكوميديا السوداء، التي تجعل من صاحب الكلب حارسًا لكلبه، رأى فيها المعارض فهد المصري، مرشح كوهين لمنصب الرئاسة، مناسبة لإطلاقة بيان ترشحه الرئاسي. الذي حرص فيه التأكيد على صدقية التسريبات، التي ستشكل بداية العد التنازلي لحكم آل الأسد. اللافت في خطاب الفهد المصور شيئان، الحرص على الظهور بمظهر المرشح التوافقي لجميع أطياف الشعب السوري، بما فيهم أبناء القاعدة الشعبية لنظام الأسد، والتأكيد على حماية حدود دولة إسرائيل من خلال تأكيده على فك الارتباط مع المشروع الإيراني في المنطقة.

اقرأ/ي أيضًا: بشار الأسد.. صورة الأب الكاريكاتورية

كان يمكن لتسريبات كوهين أن تظل حبيسة رسائل التهديد الإسرائيلية، التي بدأت تضيق ذرعًا بسلوك النظام المزدوج الذي يدعي عدم قدرته على وقف التغول الإيراني في سوريا من جهة، والتواطئ على ترسيخ ذلك الوجود من جهة أخرى. لولا المقابلة التي نشرتها وكالة ستيب الإخبارية مع المعارض كمال اللبواني الذي أكّد صحة هذه التسريبات، كونها صدرت من قوى دولية فعالة ذات صلة بالملف السوري، كما أكّد دور كوهين فيها لا يتعدى موقع الإعلامي الذي قرّر الاستفادة من هذه التسريبات لتحقيق سبقه الإعلامي.

اللافت في حديث اللبواني عن التسريبات المتعلقة بعزل الأسد تأكيده على أن حصيلة توافقات دولية، لم يرغب أن يفصح عن اسمها، مع أن كل الدلائل تشير إلى الطرف الأمريكي، الذي قرر على ما يبدو أن يأخذ بتغير المزاج الإسرائيلي نحو الأسد، الذي لم يعد مصدر ثقة بعد أن أثبت عجزه في لجم التوجه الإيراني القاضي بالمشاغبة على الأمن الإسرائيلي.

كان يمكن لرواية السيد اللبواني أن تكون محكمة وقابلة للتصديق، لولا مرورها على ذكر مستشار الأسد الرئاسي علي مملوك، وقصته مع رفض المهمة الرئاسية الموكلة له، ما لم يحصل على الدعم الدولي الكافي، لتقليص الوجود الإيراني في سوريا. فما هذا النظام الذي يسمح لشخص مثل مملوك ليتآمر عليه في قعر داره؟ وما هو الدور القيادي الذي يتمتع به هذا العلي للتنطع لمثل هذه المهمة، ودوره في الهرمية الحاكمة لا يتعدى دور المستشار العديم الحل والقوى؟ أم أن الأمر في رمته لا يتجاوز رغبة اللبواني في سرد الحكاية التآمرية على مسامع السلطات الأسدية، ولسان حاله يقول: "بطيخ يكسّر بعضه"؟

في ترويجه لخبر عزل الأسد، بدا كمال اللبواني متساوقًا، بقصد أو دونه، مع الرغبة الإسرائيلية في إيصال رسائل التهديد العلنية للأسد

على الرغم من حديث اللبواني المفعم بالثقة عن انطلاق قاطرة تغيير التركة الأسدية، إلا إننا سرعان ما نلمس توجسه من ذلك التغيير، الذي إن تم سيكون شأنًا خاصًا في البيت الداخلي لنظام آل الأسد، حيث سيتم فيه إخراج الأسد صاحب الهوى الإيراني، ليحل محله شخص ذو هوى إسرائيلي. الأمر الذي يجعل المرء يتساءل عن الحكمة التي تقف وراء تطوع اللبواني لتسريب الخبر، ما دام الخبر بحدّ ذاته لا يصب في مصلحة الشعب السوري من قريب أو من بعيد. فهل الأمر برمته كما قال اللبواني لا يتعدى العجز المرافق لحالة اجترار التفاصيل وتدويرها؟ أم أن الأمر يتعلق بحالة من حالات التشفي التي قرر اللبواني مشاركته مع التيار العريض للناس الذين دمر الأسد حياتهم؟

اقرأ/ي أيضًا: بشار الأسد.. استحالة السياسة

في ترويجه لخبر عزل الأسد، بدا اللبواني متساوقًا، بقصد أو دونه، مع الرغبة الإسرائيلية في إيصال رسائل التهديد العلنية للأسد، التي تطالبه بالمفاضلة بين الرغبة في البقاء على سدة الحكم، أو التماشي مع المشروع الإيراني الذي يطمح لمنافسه الإسرائيلي في سيطرته على المنطقة. أفلم يكن الأجدر باللبواني، كسياسي معارض، أن يبادر للكشف عن تهافت تلك المقايضة التي تدعو للمفاضلة بين بقاء الأسد وقربه من المشروع الإيراني، بدلًا من الوقوع في فخ الترويج للرسائل الإسرائيلية تارة، والانغماس في لحظة التشفي العارية من حاكم مستبد تارة آخرى؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

تقدير موقف: تزايد وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا.. الأسباب والنتائج

زيارة البشير إلى سوريا.. استكمال لخيار إسرائيل