20-أكتوبر-2017

حفل راقص في دمشق القديمة (فيسبوك)

عاشت دمشق مع عالمها السفلي بتصالح وصمت منذ أن اتخذها البشر مكاناً صالحاً للحياة، وحتى قبل انفجار الحرب لم يكن عالمها الماجن أكثر من مواخير سرية وأخرى علنية تحت ستار قانوني مفضوح، وازدهرت في جانبها السري عندما حلتّ الهاربات الروسيات من الفقر إلى أحضان ملاهي الريف الدمشقي أولاً، ومن ثم اكتشفن عالم دمشق المشفّر برجال أمنه وأعماله.

انتشرت على مواقع التواصل صور حفل رقص شرقي في دمشق القديمة وقد أثارت جدلًا واعتبرها البعض لا تنسجم مع خصوصية المكان وقيم السوريين

فنادق من الدرجة الثانية والثالثة احتضنت ليل دمشق بسريته المفضوحة فلا تستغرب وأنت تمر بالمرجة (ساحة الشهداء) أن يهمس شاب على باب الفندق ("استراحة يا أستاذ").. كان هذا نداء النشوة والرذيلة الموزع على شباب يبتسمون بخبث إلا من جاء من أقصى البلاد ليمارس تجربته الأولى ويخرج دون أن يملك أجرة عودته إلى المنزل.

اقرأ/ي أيضًا: دمشق.. فنادق المرجة آخر شهود مرحلة لن تعود

أما في حلب، فيتذكر السوريون والحلبيون على وجه الخصوص، أول ماخور مرخص في المدينة زمن والي حلب العثماني رائف باشا، الذي قام بافتتاح دار دعارة مرخصة عام 1901 أسوة بباقي مدن السلطنة العثمانية وذلك كما ذكر الطباخ في كتابه "إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء"، والغاية كانت منها حصر وتنظيم عمل المومسات في هذا المجال منعًا من تواجدهن في مختلف الأحياء وفرض رقابة صحية عليهن. كان هذا الحال قبل الحرب فكيف تغيرت الأوضاع الآن؟

دمشق القديمة.. تنتشي بعد الحرب؟

ليست نقية من بيوت الرذيلة، ولكن لمكانتها وطبيعة سكانها الذين يعرفون بعضهم كان لها خصوصية النأي عن البيوت المارقة، ولكنها بدأت قبل الحرب تُعد لمستقبل كهذا، بسرعة البرق بدأت المطاعم تأكل البيوت القديمة وتشوه آثارها، وبالرغم من كل الحملات والدعوات لإبعادها عن هذا التلوث إلا أن أحدًا لم يأخذ قرارًا بإنقاذها، وتركت دمشق القديمة تغرق بمشاكل الصرف الصحي والأبنية الآيلة للسقوط إلا من بعض وسائل الحماية البدائية التي فرضتها المحافظة.

بعد الحرب، أصبح كل شيء مفتوحًا على الصراخ في دمشق القديمة، وانتشرت المقاهي والمطاعم والخمارات والكافيهات السريعة لزبائن لا يعترفون بتاريخ الأحياء، التي كانت تُكون المنطقة.

اقرأ/ي أيضًا: الدعارة في سوريا.. حرب تفاقم الظاهرة وشبيحة النظام أكبر المستفيدين!

رقص شرقي مدان؟

ما يجري في دمشق القديمة يتجاوز حفل رقص فقد تحولت إلى ثكنة عسكرية ترتفع فيها الرايات السوداء وتسيطر الميليشيات الشيعية عليها

صفحات موالية للنظام وأخرى محايدة تعنى بالفن، نشرت صورًا مؤخرًا مما قالت إنه حفل رقص شرقي في دمشق القديمة، ولكن باستثناء بعض الصور، التي بدت فيها فتيات يستعرضن بلباس الرقص الشرقي، كان المكان يعج بالشباب الذي يرقص على إيقاع جنوني وأضواء خافتة ومشروبات روحية.

التعليقات ممن تابعوا هذه المنشورات كانت ساخطة، وانتشرت على مواقع التواصل، موزعة بين من يرى أنها "ظاهرة لا تنسجم مع قيم السوريين"، وآخرون طالبوا بـ"اتخاذ إجراءات صارمة بحق هؤلاء لانتهاكهم حرمات المدينة القديمة". فيما البعض القليل رأى أنها صور عادية فدمشق كغيرها من العواصم فيها هذا الخليط الغريب من البشر غير المتجانسين.

علق أحد المتابعين مستهجنًا السماح أو الموافقة على هكذا مظاهر تحت مسميات الانفتاح وأن ما تعرضه الصور مجرد انحطاط أخلاقي بالقول: "وين الانفتاح بالموضوع لو شيء موضوع ثقافي أو عن التعايش وتعدد الثقافات أو أي موضوع يهم المجتمع محدا بيحضر بس هيك شيء كتار بيحضرو.. دمشق بحياتنا ما كانت مدينة انحدار وانحطاط اخلاقي هي مدينة الياسمين والحب.. الحب مو الانحطاط الأخلاقي".

البعض أصر أن ما تنقله الصور "لا ينسجم مع قيمنا العربية والشرقية"، فيها وضح آخرون أن "لا شيء جديد في الموضوع لكن كل شيء كان مخفيًا وأصبح علنيًا الآن".

لكن في حقيقة الأمر، ما يجري في دمشق القديمة يتجاوز حفل رقص شرقيًا كان أم غربيًا، يثير بعض الجدل على السوشال ميديا، فالحارات الآمنة التي كانت مكانًا للفرجة رغم الإهمال تحولت إلى ثكنة عسكرية ترتفع فيها الرايات السوداء والميليشيات الشيعية تسيطر عليها، ورايات أبو الفضل العباس ويا حسين عناوين لحفلات اللطم التي تجوب المكان من مدخل الجامع الأموي إلى باب شرقي على أطراف الغوطة الشرقية، وهذا ما يبعث قلقًا متزايدًا على حاضرها ومستقبلها.

حفل راقص في دمشق القديمة (فيسبوك)

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

عقارات دمشق.. الشقة بمليار ليرة والغلاء وصل العشوائيات

الحنين إلى سينما القاع في دمشق