في عام 1987، عندما تزوجت آكي ماتسوزاكي من رئيس الوزراء الراحل شينزو آبي، الذي كان مستشارًا سياسيًا صاعدًا في ذلك الوقت، سلكت الزوجة الجديدة الطريق التقليدي المتوقع من المرأة اليابانية، فتخلت عن وظيفتها في وكالة للدعاية والإعلان هي الأكبر في اليابان والعالم.
كانت آكي آبي سيدة اليابان الأولى الأطول خدمة في تاريخ اليابان
لكن وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود من الزواج من آبي، من بينها تسع سنوات كسيدة أولى لليابان، أثبتت ماتسوزاكي أنها سيدة استثنائية وغير تقليدية بمختلف ما تعنيه العبارة، سواء في شكل العلاقة التي ربطتها مع الزعيم الياباني الراحل، أو في حياتها كشخصية عامة شديدة الحرص على استقلاليتها، والنأي بنفسها لو لزم الأمر عن المواقف السياسية المثيرة للجدل التي تبناها عقيلها.
فقد اكتسبت آكي ماتسوزاكي، أو آكي آبي كما تعرف في اليابان، شهرة واسعة بسبب آرائها الجريئة والتقدمية، وأقدمت على الكثير من الخطوات التي تدل على رفضها البقاء في ظل زوجها، حتى لو كان رئيس وزراء دولة عظمى مثل اليابان، وقررت أن تبني لنفسها حضورًا اجتماعيًا مستقلًا خاصًا بها، على نحو أشبه بما تقوم به السيدات الأول في البيت الأبيض.
من هي آكي آبي؟
آكي ماتسوزاكي، مواليد العام 1962، هي الآن أرملة رئيس الوزراء الياباني السابق، الراحل شينزو آبي، الذي قتل يوم الجمعة، 8 تموز/يوليو برصاصتين من الخلف، أطلقهما عليه رجل أربعيني يدّعي عداوة شخصية مع الرجل لأسباب شخصية غامضة. وقد أثارت الحادثة حالة واسعة من الغضب والصدمة داخل اليابان وخارجها، إذ تعدّ مثل هذه الحوادث شديدة الندرة في اليابان.
تنحدر آكي من أسرة يابانية ثريّة، ووالدها كان على رأس واحدة من أكبر شركات الحلويات والسكاكر في اليابان وأقدمها. درست آكي في مدرسة مسيحية خاصة، وتخرجت فيها، قبل أن تنضم للعمل مع وكالة "دينتسو" الشهيرة للإعلانات، وكان ذلك قبل أن تلتقي بزوجها، شينزو، وتتزوج منها عام 1987.
لم يحظ الزوجان بأي أولاد، رغم محاولات عديدة، واللجوء إلى عمليات تخصيب لم تتكلل بالنجاح. وفي نهاية التسعينات، عملت آكي آبي فنانة "دي جي"، وحظيت بشهرة محلية في هذا المجال.
آكي تفقد زوجها
في يوم الجمعة، استقلت آكي آبي القطار في رحلة استغرقت عدة ساعات، في محاولة يائسة لكي تكون بجانب زوجها الذي يرقد في حالة حرجة للغاية في المستشفى، في موت سريري، تضاءلت معه فرص نجاته. تلقت آكي خبر وفاته باتزان، وعادت معه بالتابوت إلى منزله في طوكيو. في يوم الجنازة والدفن، ظهرت السيدة آكي بملابس الحداد إلى جانب عدد من أقاربها، حزنًا على رحيل شينزو الصادم.
حافظت السيدة آبي على هدوئها الواجم في جميع لحظات ظهورها في الأماكن العامة أثناء الجنازة الخاصة، بعد أن كانت قد توارت عن الأنظار طوال الفترة الماضية عقب استقالة زوجها من منصبه عام 2020.
معارضة داخلية للزعيم
توصف آكي آبي بأنها مختلفة عن العديد من أسلافها من عقيلات الزعماء اليابانيين، إذ كانت تعبر بوضوح عن مواقفها الداعمة للقضايا التقدمية والتغيير، وكانت قريبة من الشارع الياباني بسبب شخصيتها واهتماماتها المتعددة، ولاسيما في مجال الإعلانات والموسيقى.
وقد نالت آكي لقب "زعيمة المعارضة الداخليّة" للرئيس الوزراء، إذ عبرت في أكثر من مرّة عن مواقفها المعارضة لبعض سياسات زوجها، في عدد من القضايا الداخلية والخارجية ،ولاسيما فيما يتعلق بزيادة الوجود العسكري الأمريكي داخل اليابان، إضافة إلى موقفه من ملف الطاقة النووية. كما كانت آكي آبي مدافعة صريحة عن حقوق مجتمع الميم، وشاركت في مسيرة "الفخر" للمثليين في طوكيو في عام 2014.
