19-يوليو-2023
gettyimages

الضعف التقني لدى الشرطة في قطاع غزة، يعطل إمكانية كشف كافة الكميات التي تصل إلى القطاع (Getty)

كشفت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية عن تزايد عمليات تهريب مخدر الكبتاغون القادم من سوريا إلى قطاع غزة عبر المعابر الحدودية، حيث انتشر بشكلٍ كبير في قطاع غزة، بما يفوق الأنواع الأخرى من المخدرات، التي تكافحها الحكومة في غزة.

تكشف الحكومة في قطاع غزة، عن عمليات تهرب مخدر الكبتاغون إلى قطاع غزة، عبر الحواجز الحدودية

وتحت عنوان "الكبتاغون المخدر السوري يعيث فسادًا في غزة"، قالت الصحيفة الفرنسية، إن "كل الطرق في غزة تنتهي حتمًا عند جدار، غير أن هناك استثناءً واحدًا لهذه القاعدة، شارع صلاح الدين، الشريان الرئيسي لهذا الشريط من الأرض المحصور بين البحر والسياج الأمني الذي تسيطر عليه إسرائيل".

تنا

وتشير الصحيفة الفرنسية إلى أن مصادر دخول هذا المخدر، تأتي من خلال معبر إيريز في شمال القطاع، ورفح في جنوبه، حيث تمر آلاف الشاحنات من هناك كل يوم لتزويد سكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة باحتياجاتهم، ويخضع قطاع غزة لحصار إسرائيلي شديد منذ عام 2007، ورغم خضوعه لرقابة شديدة وتجريم من حركة حماس لتعاطي المخدرات، إلا أن مهربي المخدرات ينجحون في نقل حمولتهم إلى هناك.

المعابر الحدودية أبرز مصادر دخول المخدر

واعتبرت “لوفيغارو” أن الكميات المصادرة على الحدود تعطي فكرة عن حجم هذه الظاهرة، مشيرةً إلى أن الحكومة الإسرائيلية، أعلنت في شهر كانون الثاني/ يناير الماضي عن مصادرة عدة آلاف من حبوب الكبتاغون مخبأة في ثلاجة في طريقها إلى غزة.

وعلى الجانب الفلسطيني، قالت الصحيفة الفرنسية، إن إدارة مكافحة المخدرات بجهاز الشرطة تتولى بشكل خاص هذه المهمة، بحيث تعمل في جميع أنحاء القطاع، لكن مقرها الرئيسي في مدينة غزة ويخضع لحراسة مشددة، وتضم الإدارة 40 شرطيًا من أصل 8500 شرطي يعملون في قطاع غزة.

وتحدث مدير إدارة مكافحة المخدرات العميد أحمد القدرة إلى "لوفيغارو"، قائلًا: "أنشطتنا الرئيسية تتمثل في زيادة الوعي بمخاطر المخدرات ومحاربة العرض والطلب"، وأضاف "عندما نمسك شخصًا يحمل القليل من المخدرات، نقوم بفتح ملف ونتركه يذهب"، وتابع "من ناحية أخرى، إذا قبضنا عليه مرة أخرى، فإننا نضعه في السجن. وهناك محاكمة وعقوبة يمكن أن تتراوح من ستة أشهر إلى السجن المؤبد. وقد يُعاقب على الصفقة [التجارة] بالإعدام".

وبحسب الضابط الفلسطيني، تجاوزت كميات دخول الكبتاغون إلى القطاع، كميات دخول "الحشيش" والترامادول، ويوضح العميد أحمد، أن هذه المواد تدخل إما عبر حاجز إيريز، في أمتعة المسافرين العائدين من الخارج، أو عبر حاجز كرم أبو سالم للشاحنات الذي تسيطر عليه إسرائيل، وأن غالبيتها تدخل عبر الحاويات من خلال إسرائيل.

تواطؤ إسرائيلي

وبحسب الأمم المتحدة، فقد دخل قطاع غزة في شهر أيار/مايو الماضي نحو 6900 شحنة من البضائع المصرح بها من قبل إسرائيل عبر معبر كرم أبو سالم، وفي هذا الإطار قال العميد أحمد القدرة: "نحتاج إلى جهاز أشعة إكس لفحص هذه الشحنات، لكن إسرائيل ترفض تزويدنا بهذا الجهاز".

وحاولت "لوفيغارو"، الاتصال بالسلطات الإسرائيلية للتعقيب على تصريحات مدير إدارة مكافحة المخدرات بجهاز الشرطة في قطاع غزة، إلا أنها رفضت التعليق والرد.

وفي غياب جهاز أشعة للتفتيش، يلجأ أفراد إدارة مكافحة المخدرات إلى إجراء عمليات تفتيش عشوائية بالاستعانة بالكلاب، وقد تمكنوا خلال فصل الشتاء الماضي من العثور على 50 ألف حبة كبتاغون مخبئة في شحنة خشب.

تشارك الكلاب المدربة بتفتيش شحنات السلع

ويوضح الضابط الفلسطيني، أنه في شهر أيار/مايو الماضي، تم تفتيش حاويات وعثر فيها على 30 ألف حبة كبتاغون، وهو ما يعادل قيمته مليون شيكل (حوالي 250 ألف يورو)، وقمنا بحرقها أمام الصحافيين في غزة.

وتوضح الصحيفة الفرنسية، أنه منذ أن شددت حركة حماس من حربها على تجارة المخدرات في قطاع غزة، أصبح من المستحيل تقريبًا العثور على المخدرات، حتى في السوق السوداء، وأصبح سعر حبة ترامادول 100 شيكل (حوالي 25 يورو)، مع العلم أن متوسط الراتب في غزة يصل إلى حوالي 420 يورو في الشهر.

التقت "لوفيغارو" مع أحد المتعاطين ويدعى محمد في مدينة غزة الذي تحدث إليها في "إحدى الأمسيات على طاولة سرية في الطابق العلوي من أحد مقاهي الأرجلية المطلة على البحر الأبيض المتوسط"، كما تصف الصحيفة الأجواء.

تم إغراق قطاع غزة بكميات كبيرة من الكبتاغون

يقول محمد: "في البداية كنت أدخن الحشيش، بعد ذلك نصحني بعضهم بأخذ الترامادول لأنه يمنحني الطاقة اللازمة للعمل.. كنت أتناول ثلاث حبات في اليوم، لكن حركة حماس منعته"، ويضيف محمد " لذا التفت إلى التجار. كان الأمر سهلًا بالنسبة لي لأنني كنت أعرفهم لفترة طويلة، إذ أجدهم في كل مكان، عندما أشتري المخدرات، أحتفظ بها في يدي، وعندما أرى رجال الشرطة أسقطها على الأرض".

زكي وزكية الصناعي

يشير محمد إلى أنه تم القبض عليه مرة واحدة، وتعرض للسجن لمدة ثلاثة أشهر، موضحاً أنه “في السنوات الخمس الأخيرة، انفجرت تكلفة الترامادول حيث وصلت تكلفة الوحدة 20 شيكل فقط، والآن نجد الكبتاغون في كل مكان! لكن لا يمكنني تناول سوى نصف حبة من الكبتاغون كل يوم بسبب آلام العظام التي يسببها لي"، وفق قوله.