17-مايو-2022
سوريا

"Getty"

نشر التلفزيون العربي تحقيقًا وثائقيًا خاصًا تتبع خلاله شبكات تصنيع ونقل الكبتاغون في المناطق الخاضعة للنظام السوري، وكشف بالأسماء أبرز المتورطين فيما بات يعرف بـ"تجارة الموت". الوثائقي المعنون "جمهورية الكبتاغون" ومدته 47 دقيقة، تضمن مقابلات مع عدد من الباحثين وهم: رئيسة برنامج نيو لاينز للسياسات كارولين روز، والكاتب الصحفي السوري عدنان عبد الرازق، وعضو مجلس النواب الأمريكي فرينش هيل، وعضو مشروع التحقيقات الاستقصائية الإيطالية سيسيليا أنيسي، والصيدلاني والخبير الكيميائي أحمد رامي مقدم، والباحث في مركز الشرق للدراسات سعد الشارع.

تضمن التحقيق إحداثيات وصور ومشاهد حية لمصنع إنتاج الكبتاغون داخل سوريا

وتضمن التحقيق إحداثيات وصور ومشاهد حية لمصنع إنتاج الكبتاغون داخل الأراضي السورية، بالإضافة إلى إحالة لمصادر سابقة كانت ذكرت تورط النظام السوري وعائلة الأسد في هذه التجارة، ومنها تقرير مشروع OCCRP. وطرح التحقيق تساؤلات حول ما إذا كانت سوريا قد أصبحت عاصمة للكبتاغون على مستوى العالم؟ وهل غدا الكبتاغون أهم شرايين بشار الأسد من أجل البقاء؟ وقد تمكن أحد المصورين من تصوير أحد المصانع بكاميرا سرية، ونشر المشاهد المصورة في التحقيق.

عضو مشروع التحقيقات الاستقصائية الإيطالية، سيسيليا أنيسي، أشارت بالقول "لا يمكن لهذه الكميات من الكبتاغون أن تغادر الموانئ السورية بدون تورط مسؤول كبير أو مسؤولين عن ذلك". يشير الوثائقي إلى أن عدم اتخاذ أي إجراء من قبل الأجهزة الأمنية السورية يدل على "غض النظر" أو التورط مباشرة في هذه التجارة الممنوعة دوليًا. تضيف سيسيليا أنيسي بالقول "يتضح أنه لا يمكننا سوى الجزم أن عائلة الأسد تدير ميناء اللاذقية ومتورطون في هذه التجارة ويسمحون بمرورها إلى دول العالم، وهناك دلائل على ذلك".

وأما عضو مجلس النواب الأمريكي، فرينش هيل، أشار إلى أن "هناك قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي ومجلس النواب الأمريكي من أجل مكافحة تجارة المخدرات وصناعتها، وهناك سعي لإقرار القانون في القريب، وهناك دعم في مجلسي الشيوخ والنواب لهذا القرار".

يشير الوثائقي إلى طرق التهريب من سوريا إلى لبنان والأردن ودول الخليج وغيرها من الدول حول العالم، فقد ضبط ملايين الحبات من الكبتاغون في اليونان وإيطاليا، في سفن انطلقت من ميناء اللاذقية. كما يشير التحقيق إلى طرق التهريب من العراق إلى البوكمال وممرات إضافية غير شرعية. وتزدهر هذه التجارة على مقربة من الحدود البرية مع الأردن أو بالقرب من ميناء اللاذقية وريفها، حيث تسيطر الفرقة الرابعة من الجيش السوري بقيادة ماهر الأسد على الميناء وكل ما يدخل ويخرج منه، بحسب ما يقول الباحث في مركز الشرق للدراسات سعد الشارع.

يستهدف النظام السوري دول الخليج لما فيها من سوق تدر الأموال، وللعبث بالأمن الاجتماعي لهذه الدول

مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد OCCRP كانت قد نشرت في وقت سابق من عام 2021 تقريرًا تحدثت فيه عن تورط عائلة الأسد في هذه التجارة، ونشرت أسماء المتورطين وهم "ماهر الأسد وسامر الأسد ورامي مخلوف". الكاتب الصحفي السوري، عدنان عبد الرازق، أشار بالقول "بشار الأسد يعي ماذا يفعل، وهو يحول سوريا إلى دولة مخدرات، وهذه الدولة تصبح خطرًا على الجوار". وتستخدم هذه التجارة لتحقيق أهداف أهمها جني المال والاستخدام السياسي، من حيث إفساد المجتمع وإلهاء المجتمع المحلي والدولي بالآفات الاجتماعية، عوضًا عن ملاحقة النظام السوري وإدانته، أي "يتم توجيه الضوء إلى المجتمع دون النظر إلى السياسة".

ويستهدف النظام السوري دول الخليج لما فيها من سوق تدر الأموال، وللعبث بالأمن الاجتماعي لهذه الدول. فالأردن على سبيل المثال كان قد صرح في وقت سابق بأنه يشن حربًا على تجارة المخدرات بسبب دخول كميات كبيرة من الكبتاغون إلى أراضي المملكة الهاشمية، مما أدى إلى ارتفاع نسبة الجرائم في البلاد.

يشار إلى أن توتر العلاقات اللبنانية الخليجية قد نتج عن ضبط كميات هالة من الكبتاغون المصدرة من لبنان إلى المملكة العربية السعودية، ومحشوة داخل الفاكهة دون أن تتمكن الحكومة اللبنانية من ضبط تهريب الكبتاغون إلى السعودية. مما دفع بالمسؤولين السعوديين إلى توجيه أصابع الاتهام وتحميل المسؤولية إلى حزب الله والإيرانيين، عن تغريق المجتمع السعودي بهذه المواد.

وأتت هذه الاتهامات مضافة إلى معلومات نشرتها صحف عالمية وشبكات استقصاء صحفية، عن تورط شخصيات سورية في باخرة الأمونيوم، والتي انفجرت أو فجرت حمولتها داخل مرفأ بيروت، وأدت إلى مقتل ما يزيد عن 200 مواطن لبناني. فيما تجدر الإشارة إلى أن الوزير اللبناني السابق ميشال سماحة لا يزال يقبع خلف القضبان في سجنه في لبنان، بعد الكشف بالصوت والصورة عن إدخاله المتفجرات إلى لبنان لاغتيال شخصيات لبنانية، وتفجير المساجد بعلم وأمر من اللواء السوري علي مملوك والرئيس بشار الأسد وفق ما تظهره أحاديثه المسربة.

الصيدلاني والخبير الكيميائي، أحمد رامي مقدم، أشار بالقول إلى أن الكبتاغون يتواجد منذ عدة عقود وهو ليس ظاهرة جديدة، فقد أنتج الكبتاغون في ألمانيا الغربية لأغراض طبية كعلاج اضطراب نقص الانتباه والخدار والاكتئاب، ومن ثم ظهرت إمكانية الإدمان على تعاطيه وتم تطويره لاحقًا في منطقة الشرق الأوسط. يحتوي الكبتاغون في الأصل على مادة فينيثيلين هيدروكلوريد وتم حظره دوليًا في ثمانينات القرن الماضي. صناعته سهلة وبسيطة وغير معقدة. كل ما يتطلبه الأمر "شخص كيميائي وبعض المساعدين ومواد أولية ومكابس بدائية قادرة على إنتاج أكثر من 100 ألف حبة يوميًا"، بحسب ما أورد مقدم. ويختلف سعر حبوب الكيبتاغون ويتراوح بين بضعة دولارات وصولًا إلى 25 دولارًا، ويعتمد السعر بشكل كبير على الجودة والعرض والطلب على هذه الحبوب.