11-سبتمبر-2023
أرمينيا والحرب مع أذربيجان

ترتفع وتيرة التصعيد في محيط إقليم قره باغ، وسط مخاوف من تجدد الحرب في الإقليم (Getty)

حامت شكوك قوية حول التوصل إلى اتفاق بين السلطات الأذربيجانية  وإقليم ناغورني قرة باغ الانفصالي يقضي بإعادة فتح الطرق المؤدية إلى أذربيجان وأرمينيا. وكان الطرفان أعلنا في وقت سابق التوصل إلى اتفاق يسمح بإدخال المساعدات الإنسانية الروسية إلى الإقليم، قبل أن ينفي مستشار السياسة الخارجية الأذربيجاني حكمت حاجييف إبرام الاتفاق. وفي الأثناء، أبدت السلطات الأرمنية في يريفان  استعدادها لإجراء محادثات عاجلة، لتجنب أي تصعيد محتمل يعيد شبح الحرب بين البلدين.

ووفقًا لحاجييف مستشار الرئيس الأذربيجاني للشؤون الخارجية فإن سلطات بلاده قدّمت عرضًا "بإعادة فتح الطرق المؤدية إلى أذربيجان وأرمينيا في الوقت نفسه"، إلّا أنّ ما وصفه بـ"النظام غير الشرعي" في قره باغ رفض المقترح حسب قوله. وعاد حاجييف ليجدد مطلب باكو بفتح الطريق إلى أذربيجان أمام شحنات المساعدات.

وكانت تقارير إعلامية أرمينية، أكدتها باكو، ذكرت أن الانفصاليين في قره باغ "وافقوا على السماح لشحنات المساعدات من أذربيجان بدخول الإقليم، مقابل إعادة فتح الطريق إلى أرمينيا، الذي أغلقته أذربيجان منذ كانون الأول/ديسمبر 2022".

التوتر يتصاعد، مع استمرار أذربيجان في حصار إقليم قره باغ، ورفع التأهب العسكري في محيطه

وتحدثت وكالة رويترز عن توقف شاحنة تحمل مساعدات كانت متوجهة إلى منطقة ناغورنو قرة باغ الانفصالية في أذربيجان على الطريق أمس الأحد، وذلك على الرغم من الاتفاق الذي أعلنته الحكومة والانفصاليون من أصل أرمني لفتح الطريق لأول مرة منذ عقود.

وكان الاتفاق، الذي أعلنته وكالة أرمنبريس للأنباء الأرمينية يوم السبت بعد تولي زعيم جديد منصبه في المنطقة الانفصالية، سيسمح لشحنة مساعدات روسية بالعبور إلى ناغورنو قره باغ من الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة. وهذا من شأنه أن يلبي مطلبًا طويل الأمد لحكومة أذربيجان لربط المنطقة الانفصالية ببقية البلاد.

لكن التلفزيون الأذربيجاني عرض صورًا للشاحنة التي أرسلها الصليب الأحمر الروسي وهي متوقفة على جانب الطريق في مدينة باردا شمال شرق قره باغ. ولم يقدم أي من الجانبين تفسيرًا علنيًا كاملًا للوضع، أو ما إذا كان اتفاق فتح الطريق لا يزال قائمًا.

ومنذ التسعينيات يخضع جزء كبير من قره باغ، المعترف بها دوليًا كجزء من أذربيجان، لسيطرة انفصاليين من الأرمن، يشكلون غالبية سكان المنطقة البالغ عددهم نحو 120 ألف شخص.

لكن أذربيجان استعادت مساحات واسعة من الأراضي داخل الإقليم وما حوله في حرب قصيرة عام 2020، ومنذ ذلك الحين مارست ضغوطًا متزايدة على الانفصاليين.

وعلى مدى الأشهر التسعة الماضية، فرضت باكو حصارًا فعليًا على المنطقة من خلال إغلاق "ممر لاتشين" الذي يربط قره باغ بأرمينيا، إذْ تدّعي باكو أن الانفصاليين يستخدمونه لجلب الأسلحة.

وبحسب المعلومات المتوفرة فإن آخر شحنة مساعدات إنسانية أُرسِلت عبر ممر لاتشين كانت في منتصف حزيران/يونيو من العام الماضي.

وكان الجانبان، قد أعلنا، قبل يوم السبت، أن الطريق  سيُفتح يوم الأحد للسماح بشحن المساعدات الروسية.

حصار الأرمن في قره باغ

ووصفت وكالة أرمنبريس الإعلامية ذلك بأنه جزء من صفقة سيتم بموجبها أيضًا فتح ممر لاتشين للتخفيف من الوضع الإنساني البائس في المنطقة. 

وقال مستشار الرئيس الأذربيجاني للشؤون الخارجية حكمت حاجييف، إن الطريقين قضيتان منفصلتان، وأن نقطة تفتيش أذربيجانية ستبقى في لاتشين على الرغم من تخفيف القيود هناك.

في الأثناء، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان لها "إنها تجري محادثات مع الجانبين بشأن فتح الطريقين أمام المساعدات نافية أنها تحتجز شحنة الصليب الأحمر الروسي".

وأضاف بيان اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنّ "قرار السماح بمرور المساعدات الإنسانية أو عدم السماح بها هو في أيدي الجانبين". وجدد البيان أن "هدف اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنساني بحت للوصول إلى من هم في أمس الحاجة إلى المساعدة بما يتماشى مع مبادئنا الأساسية المتمثلة في الحياد وعدم التحيز والاستقلال".

وشهدت الأيام الأخيرة تصاعد التوترات حول إقليم قره باغ، حيث قالت أرمينيا إن أذربيجان تحشد قواتها، وهو الأمر الذي تنفيه باكو. 

وفي هذا الصدد، يشار إلى إعلان وزارة الدفاع الأذربيجانية، أمس الأحد، أنّ أحد جنودها أصيب بلغم على خط المواجهة في قره باغ، وهو ما نفته سلطات الإقليم.

وكان برلمان إقليم نوغورنو قره باغ، انتخب السبت الماضي سامفيل شهرامانيان رئيسًا جديدًا للإقليم، بعد أسبوع من استقالة سلفه. ونددت أذربيجان بالتصويت ووصفته بأنه غير قانوني.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهو مؤيد قوي لأذربيجان، إنه تحدث مع نظيره الأذربيجاني علييف، هاتفيًا وأدان التصويت في قره باغ، وأضاف الرئيس التركي أنه سيجري اتصالًا هاتفيًا مع رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان في الأيام المقبلة.

يشار إلى أن علاقات أرمينيا مع حليفتها التقليدية روسيا تدهورت بشكل حاد في الأسابيع الأخيرة، حيث اتهمت يريفان موسكو بالفشل في إعادة خطوط النقل إلى الإقليم.

ولموسكو قوات حفظ سلام في قره باغ وعملت كضامن لاتفاق أنهى حرب 2020، والذي دعا إلى بقاء ممر لاتشين الذي يربط كاراباخ بأرمينيا مفتوحًا. وتقول يريفان إن القوات الروسية لم تفعل شيئًا لمنع الأذربيجانيين من فرض حصارهم. وهو ما نفاه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال قمة مجموعة العشرين في الهند التي اختتمت أعمالها أمس الأحد.

شهدت الأيام الأخيرة تصاعد التوترات حول إقليم قره باغ، حيث قالت أرمينيا إن أذربيجان تحشد قواتها، وهو الأمر الذي تنفيه باكو

أمريكيًا، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الذي تحدث إلى رئيس الوزراء الأرميني باشينيان السبت الماضي، في بيان إن واشنطن "تشعر بقلق عميق بشأن الوضع الإنساني المتدهور بسرعة في المنطقة".

وناشدت يريفان، على لسان رئيس وزرائها نيكول باشينيان، واشنطن وأوروبا وإيران مساعدتها على نزع فتيل مواجهة مع أذربيجان المجاورة، بسبب حظر إرسال المساعدات إلى ناغورني قره باغ، وذلك في مجموعة اتصالات هاتفية مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، والمستشار الألماني أولاف شولتس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.

وفي اتصاله مع بلينكن، أعرب باشينيان "عن استعداده لإجراء محادثات عاجلة مع رئيس أذربيجان علييف".