31-مارس-2022
دراجات

الغارديان

يعتبر الوصول إلى مجالات الترفيه المتنوعة كالرياضة والثقافة والفن وغيرها من المجالات، حق من حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة كما تنص عليه شرعة حقوق الإنسان. ومن ضمن العوائق التي تمنع وصول الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة إلى هذه المجالات، يأتي النقص في الخيال على صعيد محتوى المواد والأفكار الإبداعية لدى صانعي السياسات، ومقدمي الخدمات من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية في العديد من الدول عبر العالم. أو غياب النية والإرادة والتعاطف لتحفيز هكذا إنتاجات.

لكن في المقابل، هناك مبادرات رائدة في هذا المجال، ظهرت وتظهر بشكل دوري، وتعمل على تلبية حاجات الأشخاص ذوي الإعاقة، وبذات الوقت تحقيق المكسب التجاري. في معادلة يمكن وصفها بالتزاوج بين العمل الخيري والعمل التجاري. فمؤخرًا أطلقت شركة بريطانية خط إنتاج جديد، يهدف إلى إنتاج دراجات هوائية مخصصة للأشخاص من قصار القامة. المدير الإداري لشركة Islabikes التي تقع في منطقة لادلو في بريطانيا، تيم غودال، قال في حديثه لصحيفة الغارديان البريطانية "على مدى 15 عامًا، أي منذ بداية تأسيس الشركة، كان الأشخاص من قصار القامة يتواصلون معنا بشكل مستمر ويطلبون تجربة الدراجات الهوائية المتواجدة في قسم الأطفال".

وأضاف غودال "كان الخيار المتاح إعطاء دراجات هوائية من تلك المخصصة للأطفال لقيادتها، من قبل الأشخاص البالغين  قصار القامة، على الرغم من كونه خيارًا سيئًا للغاية، لكنه الوحيد"، وتابع حديثه بالقول "لقد شعرت بأن هذه المشكلة يمكن حلها من خلال البحث عن تصميم أفضل، وهذا ما حدث في النهاية".

فحتى الدراجات المخصصة للأطفال لم تكن تفي بالمطلوب، كونها لا تتناسب مع التشكيل الجسماني للأشخاص من قصار القامة. كانت هذه الدراجات غير مريحة ولا تتلاءم مع مقاييس الارتفاع والطول والعرض اللازمة لقصار القامة. وهكذا باتت الشركة Islabikes تضم أول مصنع للدراجات في العالم، ينتج كميات كبيرة من النماذج المصممة خصيصًا لمتطلبات الأشخاص من قصار القامة.

العديد من الشركات حول العالم اهتمت باستيراد هذا النوع من الدراجات. وكانت شركة إيسلابايك تشحن منتجها الجديد إلى كافة أنحاء أوروبا، وكذلك توفره للبيع عبر الإنترنت، وتسعى لتصديره إلى أكبر عدد من الدول حول العالم.

شاركت جمعية قصار القامة الرياضية DSA، والتي تعمل في مجال دمج الأنشطة الرياضية وتكييفها مع قصار القامة، في عملية تطوير التصميم النهائي للدراجات الهوائية لتتناسب مع أجسامهم. وقد استغرقت عملية التصميم عدة سنوات، وشملت العمل على نماذج متعددة حتى الوصول إلى النموذج الأمثل والفعال، والأكثر راحة.

يتضمن النموذج المستحدث تصميمًا يراعي القيادة المريحة لقصار القامة، ومنها تصميم المكابح للاستخدام بأصابع يد صغيرة، مقود قابل للانحناء للخلف والأمام بحسب الحاجة، كرسي بارتفاع مناسب، مقاييس ملائمة وقابلة للتعديل وفقًا لكل حالة.

عضو الجمعية ستيف سكوت، وهو شخص من قصار القامة، عمل بالتنسيق مع رئيسة الشركة المصنعة للدراجات الهوائية، إيسلا راونتري، للوصول إلى أفضل تصميم. تشارك سكوت مع راونتري رحلات عبر الدراجات الهوائية في عطلات نهاية الأسبوع، بغية تدوين الملاحظات ونقاط القوة والضعف في الدراجات، والنقاط التي يجب العمل عليها للخروج بأفضل تصميم متناسب مع الأشخاص قصار القامة.

في هذا الصدد، قال سكوت "شركة إيسلابايك وقفت إلى جانبنا، وقد فهم مسؤولو الشركة حاجاتنا"، وأضاف "لا يمكن لبعض التعديلات على الدراجة الهوائية أن تحل المشكلة كما كان يفعل والدي بدراجتي، حين كنت طفلًا" وأشار "ما فعله والدي أمر رائع، لكن الأحجام تختلف بين شخص وأخر من قصار القامة، وكما لا توجد دراجات متاحة بشكل عام لقصار القامة في المتاجر مثلًا".

ويرى سكوت بأنه "هذا هو الشيء المحزن في محاولة ركوب الدراجة الهوائية لقصار القامة. فإذا لم يتمكن الشخص من العثور على دراجة تناسبه فسيستسلم. فلا يمكن الدخول إلى متجر للدراجات الهوائية والقول (هل يمكنني الحصول على دراجة تناسبني؟"، وأشار "المسألة ليست بهذه البساطة". ويعتبر سكوت بأن "العديد من الأشخاص من قصار القامة يجدون صعوبة كبيرة في الوصول إلى هكذا دراجات مجهزة، أو ببساطة لا يستطيعون تحمل تكلفة نموذج معدل ومخصص وفق احتياجاتهم".

تسعى هذه الأفكار الإبداعية إلى ابتكار منتجات من شأنها إتاحة وصول الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة إلى مجالات الترفيه، مهما كان نوع احتياجهم، وذلك بهدف القضاء على الحواجز والموانع التي تحول دون إشراكهم في المجتمع، وتستبعدهم من عشرات المجالات الحياتية اليومية، وخاصة في مجال الترفيه.