05-نوفمبر-2021

(Getty Images)

 

انشغلت وسائل التواصل في الأردن الأيام الماضية بخبر وفاة السيدة حمدة، التي تعمل بأحد مشاغل الخياطة في مدينة الزرقاء الأردينة، نتيجة لما وصفه مقربون منها بأنه "مضاعفات القهر"، جراء أزمة إهانات توجّهت إليها والصراخ في وجهها من قبل رؤسائها في العمل بحسب ما تناقلته وسائل إعلام محلية وحسابات ناشطين من الأردن.

 أكّد المسؤولون في الطب الشرعي في الأردن أن وفاة السيدة حمدة غير مرتبط بشكل سببي ومباشر بالظروف التي عانت منها في العمل

وفي حين أكّد المسؤولون في الطب الشرعي في الأردن أن وفاة السيدة حمدة غير مرتبط بشكل سببي ومباشر بالظروف التي عانت منها في العمل، إلا أنّ الناشطين وجدوا في قصّتها مثالًا يذكّر بالظروف العامة التي يعاني منها العمّال في المهن المختلفة في الأردن، ولاسيما النساء منهنّ، واللواتي يعملن تحت شروط تعجيزية ولساعات عمل طويلة، في مقابل أجور زهيدة، على الرغم من تكلفة المعيشة العالية وارتفاع نسب التضخّم في الأردن في الآونة الأخيرة. 

 

ناشطو وسائل التواصل في الأردن تفاعلوا مع قضية " حمدة  الخياطة" ودعوا إلى محاسبة المتسبّبين بوفاتها أو مراجعة الظروف التي تعمل بها السيدات في مثل هذه المشاغل، وتعديل قوانين العمل بما يضمن حقوق العامل وكرامته، ويؤمن له بيئة سليمة في العمل. وقد استخدم المغرّدون بشكل خاص وسمي #ماتت_حمدة و#حمدة_الخياطة، فنشرت الناشطة هلا العبادي مقطع فيديو لوالدة حمدة، تتحدث فيه عن ملابسات وفاة ابنتها، نتيجة نوبة الحزن والغضب التي تعرّضت لها، بعد تعرّضها للإهانة والصراخ من قبل مسؤولي المصنع التي تعمل به.

وأشارت الدكتورة الأردنية سلمى النمس، الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، إلى مساعي اللجنة في الأشهر الماضية للدفع نحو دخول الأردن في اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 190، لحماية العمال والعاملات من العنف والتحرش في عالم العمل، وعلى تبني وتطبيق استراتيجة وطنية لها، وأضافت : "للأسف ما من استجابة من الحكومة"، وذلك في معرض توضيحها للجهود التي تبذلها اللجنة لمتابعة مثل هذه القضايا وتوفير الأطر القانونية التي تضمن حقوق العمال والعاملات وتقدّم الدعم لهم في مواجهة تسلّط بعض أرباب العمل واستغلالهم. 




وقال المغرّد بدر الحويان إن " موت حمدة كانت طعنة بخاصرة الوطن، وهو يدق بيت كل أردنية نشمية تشتغل وتكافح من أجل لقمة عيشها" واعتبر الحويان أن موت حمدة لا بدّ أن يفتح أبواب كثيرة من تسلّط القطاع الخاص على عاملينها، وأنه في ذمة كل مسؤول في البلد على حدّ قوله.

وعلّقت المغرّدة سوسن الدحيات على وفاة حمدة، فرأت أنّه نموذج للإذلال اليومي والضغط النفسي، قتل القهر والإحساس بالظلم، وأضافت : " يا رب يمر من قهرها بنفس شعور وبنفس الاهانه والذل الي مرت فيه.وحسبي الله ونعم الوكيل بكل شخص تسبب بأذى وجرح شخص بلسانه أو بسلطته. الله يرحمها و يبدلها دارا خيرامن دارها.


المغرّدة لميس محمد المجالي قالت إنه موت السيدة حمدة بهذه الظروف يمثل "مفارقة عجيبة" على حد وصفها، وذلك لأن هذه السيدة تعمل على حياكة الملابس للناس، وهي تموت بعد أن نزع عنها المجتمع أي دعم وسند. 

 

بدوره اعتبر المغرّد إسلام بن خالد " إن لقمة العيش مرّة، ومرارتها أن يموت الإنسان قهرًا من أجلها ".

أما الناشط خليل الهروط فتوجّه إلى حمدة الخياطة بالقول: "سيفتقدك أبناء جلدتك، أما رب العمل فحائر ببديل للعمل، وستكونين مجرد قصة أزعجه انتشارها".

يذكر أن صحيفة الغارديان البريطانية قد نشرت تقريرًا قبل سنتين، حول الاعتداءات الجنسية، والعمل القسري، وأوجه الاستغلال المختلفة التي تتعرض لها العاملات والعمال في معامل نسيج وحياكة في الأردن، مع شهادات حية لعمال وعاملات اضطر بعضهم للعمل 24 ساعة متواصلة، وواجهوا ظروف عمل وصفت بالوحشيّة، وهي ظروف يرى مراقبون أنها قد تفشت بشكل أوسع في السنوات الأخيرة، ولا سيما مع التردّي الحاصل في الظروف الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها الأردن، وتزايد معدلات الفقر بين الأردنيين.  

يرى محامي ذوي السيّدة حمدة بأن المشتكى عليهم (أرباب العمل) متورطون في جنايتي القتل القصد بالاشتراك أو الإيذاء المفضي إلى الموت

وعلى الرغم من تقرير الطب الشرعي، إلا أن محامي ذوي السيّدة حمدة، قد قرر الاستناد على التقرير نفسه في شكواه لدى المدعي العام الأردني، حيث ذكر المحامي أن التقرير حدد سبب الوفاة بـأنه "انفجار "أم الدم الدماغية" وتمزقها مما أدى الى النزف الدماغي وموتها نتيجة لذلك". وبذلك تقول لائحة الشكوى المقدمة من المحامي إن الضغط النفسي والعصبي والتوتر الذي تعرضت له المتوفّاة هو الذي تسبب بحدوث هذه الحالة التي نجم عنها موتها المفاجئ. وفي نظر محامي الادعاء، فإن هذا يكفي للترافع ضدّ المشتكى عليهم، والذين يعتقد أن تصرفاتهم مع المجنيّ عليها تشكّل "جنايتي القتل القصد بالاشتتراك أو الإيذاء المفضي إلى الموت"، وهي جرائم يعاقب عليها القانون. 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

أحزاب أردنية: مخرجات اللجنة الملكية تهدف إلى تجريف الحياة السياسية

الأردن يأمل في إيصال الكهرباء إلى لبنان بحلول نهاية العام الحالي

الأردن: وثائق باندورا "شوّهت الحقيقة وتضمنّت ادعاءات مضلّلة"