08-أبريل-2018

فرانك جونستون/ كندا

في اللحظات الأخيرة، بينما تضيق الفتحة السوداء على ما فيها، انبثق منها مقرفصًا على الخلفية البيضاء حيث امتداد لا زوايا فيه ولا خطوط.

قال: أنا!

ثم صارت الأشياء تنبت من جنباته ومن أضلعه، تسيل من زوايا عينيه ومن فتحتي أنفه.

سالت نوافذ من أظافره أدرك وقتها كلمة عشب/معشوشب وحين فتحها هبت ريح قال إنها واسعة، متسعة ربما.

نبت زمن ما من كتفه وتراكمت على أطرافه الأتربة، قال وجه حسن، قال ما أحسنه ما أظرفه!

من بين أصابع قدميه تدفق ماء قال هذا معنى، تبخر بعضه صار غيمًا، قال هذا اسمي، تحجر بعضه صار حصاة قال هذا ظلي.

كلما شد هواءً نبتت شجرة قال هذا ربي، وإذا أفلته تفتق سُوَر قال هذا ربي هذا أكبر.

من كحته شبت نار، وُلِدتْ حفرة قال أغثني امنحني امرأة، زوّجني.

وقت تجشأ وُلِد الطين قال أرني أنظر إليك تجلى.

حين تمطى نبتت أسماء لا يعرفها قال احفظها، قال ألن أراك؟

من شخيره تناسل حزن، حزن كثير حزن كبير قال هذا نبي هذا الزمان.

حين تبوّل نزلت عتبة، سمع نحيبًا، قال أغثني مَسني الضجر، اخلق دروبًا لا تُمشى، اخلق أسئلة لا إجابات عليها، اخلق شيئًا ما يصعب شرحه.

وحين انتهى من تأثيث عالمه بما استطاع من اللغة، وحين ملّ من كل هذا وحين تعب، تكور على نفسه وراحت الفتحة السوداء على صدره تتسع، تبتلع كل ما حوله وتبتلعه قال آمنتُ بالذي آمنتْ به الناس قبلي قال ألن أراك.

*

 

في دورة التناسخ التي لا تنتهي، حطت روحه المرة في سرخسة، صار عشبة، ظن أنه ربما ما أحسن في هذه الدورة وما أساء فما هو أسوأ ما قد يصيب سرخسة؟ طحنته قواطع شاة، حسناً ربما اساء قليلًا، وحين حلبوا الشاة لأطفال الحي وحين ذبحوا الشاة لشيوخها نصفه صار أحلامًا ملونة ونصفه صار تفكيرًا زائدًا بالموت.

*

 

عروقه جافة وأقدامه قطع من رخام

تبول على أنفه العصافير ويستبيح اللبلاب شرفه

الواقف في وسط الساحة

الناظر إلى مساءات الناس وصباحاتها

الآوي العاشقين تحت معطفه

الحافظ سير الفاتحين

الواقف أبداً وسط الساحة

في الصباح تمثال

وفِي المساء رجل

لكنه حين يصير رجلًا ينسى كيف يمشي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

باب القتلى: العائلة

أصافحُ من قالوا إنهم أصدقاء