20-أكتوبر-2016

يأتي "سبعة" كإضافة خيار حزبي في بلد تكثر خياراته وتقل في آن معًا بحكم تركيبته الإثنية والطائفية وتكريسها في البنية السياسية والدستورية (جوزيف عيد/أ.ف.ب)

ماذا يعني تأسيس حزب سياسي جديد في لبنان؟، وما الجدوى من أحزاب ستكون بحكم "المعطلة" في جو عام ينحو إلى "أسطرة" الزعامات وأفكار التوريث السياسي، وفي أفضل أحواله، يخضع لنظام طائفي رسخه بشكل تام، اتفاق الطائف 1989.

البلد المنهك اقتصاديًا، والعاجز في السياسة عن إحداث فارق، ولو بسيط في المعادلة المحلية، قبل أن نقول في أي محيط إقليمي، قريب جغرافيًا أو بعيد عنه، هل باستطاعته استيعاب المزيد من الخيارات الحزبية؟ هو الذي بدأ يفرغ مكوناته من تنوعها ويتجه إلى "كونتينات" حزبية طائفية، تتطعم ببعض الأحيان بعناصر صاحبة أفكار علمانية أو يسارية، لا جدوى منها، أو كأنها تصرخ في وادٍ سحيق، لا يمت إلى الواقع بصلة.

اقرأ/ي أيضًا: لبنان والبطالة.. هل من حل في الأفق؟

في العموم، أثبتت التجربة، قبل التنظير أن الأحزاب، التي حضرت في الحرب الأهلية إلى جانب المجتمع المدني، كيد فاعلة في أعمال الترميم والإنقاذ والمساعدة، أسست لاحقًا، لجو مذهبي-محاصصاتي، في حكومات كان للنظام السوري اليد في تشكليها، واستمالتها لتكون جزءًا من منظومته الاستخبارية. فما القيمة التي سيضيفها حزب جديد، في صيغته العلمانية والمدنية، ضمن مجتمع مقسمّ أفقيًا وعاموديًا، وفي أدنى حدوده، يعيش بلا رئيس منذ أكثر من 3 سنوات.

ما القيمة التي سيضيفها حزب جديد، في صيغته العلمانية والمدنية، ضمن مجتمع مقسمّ أفقيًا وعاموديًا؟!

على ما يبدو، أن الآمال ما زالت مرجوة. إذ خرج حزب "سبعة"، إلى العلن، بعد أن أثار فضول اللبنانيين، عبر حملة إعلانية غامضة، على اللوحات الإعلانية. استدرجت تساؤلات على مواقع التواصل الاجتماعي، منذ أسبوع عنها. الإعلانات عبارة عن كادرات بنفسجية، كتبت عليها عبارات مثل، "هيدا لون لبنان الجديد"، وأخرى كتب عليها عبارة "صار وقت الجد"، فوق رسم لأسماك صغيرة متحدة معًا للقضاء على سمكة تفوقها حجمًا.

لكن سبعة، قال كلمته في مؤتمر صحافي، حول مشروعه الحزبي، الذي انطلق من مبادرة أطلقتها مجموعة من الخبراء والناشطين والمواطنين المهتمين بالإصلاح السياسي. انتقوا اللون البنفسجي كخيار أخير بقي لهم لأن كل الألوان قد استهلكت أو تم توظيفها في خيارات طائفية وحزبية ضيقة الإشارات أو حتى عائلية، كاللون الأزرق الذي يشير إلى تيار "المستقبل" أو البرتقالي للتيار الوطني الحر، وغيرها.

اقرأ/ي أيضًا: مافيا النقل في لبنان.. طُرُق ارتزاق ملتوية

وتلت الناشطة ندى ناصيف البيان الأول للحزب، إذ أكدت أن "لبنان بلغ حافة الانهيار نتيجة سوء إدارة السياسيين الذين حكموا البلاد لثلاثة أجيال"، وأشارت إلى أن زعماء الأحزاب يمارسون "أبشع وأشد أشكال الدكتاتورية والفساد الإداري"، رافضة التوريث السياسي الحزبي واستبعاد أصحاب الكفاءات.

وأكمل البيان الناشط أسعد الدويهي، الذي أكد أن "سبعة" يسعى إلى "تنظيم مشاركة المواطنين بالشأن العام وخلق قيادات جديدة بالمفهوم العالمي للأحزاب، عبر تشكيل نموذج عصري متطور للعمل السياسي بتتبع آخر التكنولوجيات وأحدث المفاهيم السياسية". وأضاف "نتبع هيكلية غير رئاسية، أي لا رئيس للحزب. ثمة نظام حزبي حديث يلغي الشخصنة ويكسر ثقافة الزعامة ويضمن تطبيق الديمقراطية التشاركية".

ويقول الدويهي إن الرؤية الحزبية الجديدة انبثقت من كون "لبنان يفتقد حزبًا سياسيًا جامعًا، يلبي طموحات المواطن"، معتبرًا أن "إحداث ثورة بالعمل الحزبي جزء أساسي من أهدافنا". كما أكد أن قانون من أين لك هذا سيطبق في الحزب، كاشفًا أن تمويل الحزب سيكون عبارة عن تبرعات أو خدمات مجانية أو نشاطات تمويلية.

يفتقد لبنان حزبًا سياسيًا جامعًا، يلبي طموحات المواطن

إذًا، "سبعة" يشبه إلى حدّ ما طموحات "شباب الحراك المدني"، لا بل يفوقهم في التنظيم وتأسيس بيان سياسي، ويضم في صفوفه عددًا من الناشطين الذين كانوا جزءًا من الحراك الشعبي. ويتهيأ الحزب للمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة. صحيح أنه لم يحدد برنامجه ولا مرشحيه، إلا أن الانتساب للحزب هو مدخل للتجديد: "نقول لكل شخص عم يسمعنا اليوم.. سبعة.. بتشبهك".

وتستند مبادئ الحزب بشكلٍ أساسي على أسس الديمقراطية التشاركية، والشفافية، وإشراك المواطن في وضع السياسات، بالإضافة إلى السيادة الوطنية ونبذ التبعية والطائفية والفساد والتوريث السياسي، واستغلال المناصب العامة لأسباب شخصية. ومع تركيز خطاب "سبعة" على مبدأ الشفافية المالية، ورفض التمويل الخارجي والفساد الإداري، سارع إلى الإجابة عن تساؤلات حول مسألة تمويل حملته الإعلانية. فأشار الدويهي إلى أن حملة اللوحات الإعلانية، التي أنفق عليها 62 ألف دولار، تمّ تمويلها عبر تبرعات من قبل عددٍ قليل من المواطنين والمواطنات اللبنانيين. وأعلن الدويهي أن المجموعة ستعلن قريبًا جميع المساهمات والنفقات، كما ستطلق حملة لجمع المزيد من المساهمات، متمنيًا على اللبنانيين أن "يظلّوا يسألوننا وغيرنا من الأحزاب: من أين لكم هذا؟".

والحال أن على المؤسسين التنبه، إلى عدم الاعتماد على مجموعة صغيرة من المانحين، لأن هذا الأمر غير قابل للاستمرار على المدى الطويل. فضعف التمويل يجعل من الصعب جذب المناصرين، ونقص المناصرين يحول دون تطوير شبكة قوية ذات قاعدة عريضة لجمع التبرّعات.

تستند مبادئ حزب سبعة اللبناني الجديد بشكلٍ أساسي على أسس الديمقراطية التشاركية

والتنبه أيضًا يسري لتكون برامج الحزب، واضحة ومفصّلة وتتجاوز الحديث عمّا يعارضه لتحدّد ما تنوي عمله، أي تلبية حاجات المجتمع الاقتصادية والاجتماعية الحقيقية. وتصميم برامج من خلال مشاورات شاملة مع الناخبين، والتخلّي عن البرامج الأيديولوجية البالية وإيجاد طرق جديدة للتوصّل إلى حلول بشأن تحدّيات توفير فرص العمل، وضمان الحراك الاقتصادي، وتحقيق المساواة أمام القانون، ومكافحة الفساد، وضمان تمثيل سياسي أوسع وأكثر عدلًا، وهو ما لا تفعله الأحزاب اللبنانية الحالية، التي تعمل على المزيد من التضييق وتكريس الطائفية في المؤسسات العامة، وزيادة الدين العام.

يشار إلى أن لبنان، يضم أحزاب وحركات سياسية عدة، من مختلف التوجهات السياسية. وترتكز العديد من الأحزاب على قواعد شعبية من طائفة معينة. ويمكن بشكل عام، يمكن تقسيم الأحزاب اللبنانية إلى أربع فئات: أحزاب قومية وأممية غير عربية، وأحزاب قومية عربية، وأحزاب طائفية وإثنية، وأحزاب لبنانية ذات قواعد مسيحية وإسلامية. ولم يأت الحزب على ذكر الدوافع وراء إطلاق اسم سبعة على نفسه!

اقرأ/ي أيضًا: 

لمَ علينا الرحيل من لبنان؟

لبنان.. قوى الأمن الداخلي في حماية "المدام"؟