16-أبريل-2019

غرافيتي في فانكوفر، كندا

إرادتي صلبة، لقد توقفت عن التدخين حبيبتي بناء على طلبك. لقد مر الأسبوع الثاني وأنا ما زلت أقاوم رغبة التدخين العارمة التي تجتاحني بعد الأكل. لا بأس بذلك ما دمت إلى جانبي كي أفش خلقي شوي. ولكن البارحة بعد رحيلك صرعتني الرغبة فأشعلت سيجارة واحدة فقط لا غير. كنت على وشك الاحتراق لولا أن لهيب السيجارة أنقذني.

أرجو المعذرة ولكنني حذفتك من لائحة أصدقائي الفيسبوكيين، ثم محوت رقمك من هاتفي، لم أمح صورك لأنني أحتفظ بذكريات الماضي كلها. المضحك أنني أشعلت سيجارة ثالثة أثناء تقليب الصور ثم أكلت الزرزور القطني الأبيض المر وأنا أردد "الله يمرق هالليلة على خير". لا تقلقي، الليلة الأولى فقط تشعر المرء بالوحدة ثم ما يلبث أن يعتاد الغياب، صدقيني "ما حدا بموت من الحب".

لقد كانت ليلة عصيبة ومليئة بالمشاعر المقرفة، لقد شعرت بالغثيان في كل مرة تراءى وجهك أمامي. إنها المرة الأولى التي أشعر فيها أنني أكرهك، ووددت لو أمسك رقبتك بيد واحدة ثم أعض شفتيك ليسيل الدم منهما، لا بأس حبيبتي فقد اغتصبت سيجارة ثانية عن آخرها حتى اشتعل الفلتر معها بين أصابعي.

لماذا تضحكين؟! حسنًا، لا أريد جوابًا منك. تفضلي، لقد جلبت لك هدية، ولكن أولًا عليك أن ترفعي شعرك بيديك. نعم هكذا حبيبتي. الآن أغمضي عينيك وتخيلي أنك عارضة أزياء عالمية وأنا مصورك الخاص. هيا زمّي شفتيك كالبطة الى الأمام. افتلي خصرك قليلًا. سأعد حتى الثلاثة ثم افتحي عينيك. الهدية ضربة كف من اليد اليسرى. لم تتحرك أو تقوم بأي ردة فعل. بقيت جامدة وصامتة.

قلت: الآن ارتحت قليلًا بعد أن نقلت السكين العالق في بطني منذ ليلة أمس إلى خدك الجميل. أرجوك لا تبكي. هل أنت مصدومة؟ هل آلمتك؟ لماذا تنظرين الي بهذه الطريقة حبيبتي! اجلسي "طولي بالك، تنفسي، شهيق، زفير" لم يكن أمامي سوى خيارين، إما أن أجثو تحت قدميك وأبكي بكاء الأطفال، وإما أن أصفعك على وجهك.

صدقيني لقد أعدمت علبة الدخان كلها البارحة ولم أنم. انظري، لقد صنعت مقبرة جماعية في المنفضة. حسنًا أعترف، إرادتي ليست صلبة بما فيه الكفاية حين يتعلق الأمر بك. أنا رجل لا يستفزني أحد سوى أنت، وكما تعلمين نحن الرجال نختنق حين نغضب. لماذا كل هذا الصمت؟ تكلمي، قولي شيئًا، أي شيء، تحركي، لا تقفي هكذا كالتمثال، لا ترمقيني بنظرات القاضي تلك، أنا لست متهمًا بل أنت المخطئة. أوووف هيا ضميني الى صدرك. لماذا أنت كالدمية؟ أين لهفتك؟

اتركي الدبوس. قلت لك اتركي الدبوس في شعرك ودعينا نتكلم بوعي. هل أنت مجنونة؟ لا تستعملي أظافرك يا امرأة. اهدئي، اهدئي ولا تخرمشي بأظافرك، لقد جرحت وجهي. قلت لك توقفي عن الصراخ وممارسة العنف لأنه لن يجدي نفعًا. هيا اقتليني، أغرزي السكين في قلبي، هيا ماذا تنتظرين! سأساعدك أيضًا في عملية اغتيالي. انظري الى عينيك الملتهبتين المتقدتين بالحقد. كم أنت حقًا فاقدة للصواب.

تقول لي بصراخ منخفض لكأنها تهمس، ورأسها يتقدم جسدها لكأنها ذاهبة الى الحرب: "بدي لملم عليك الجيران كرمال الناس تعرف إنك بتضرب مرا".

أجيبها: "يلا اصرخي وأنا سأصرخ مثلك فأنا لا أكترث لأحد".

تهجم صوبي. تمسك علبة دخاني. تمزقها. أشتعل غضبًا كسيجارة.

أنفعل. طفح الكيل. الدخان يخرج من أذني كمدخنة. أهددها: لا تلمسي علبة الدخان، لقد أفسدتيها، يا إلهي، حقًا "إن كيدهن عظيم". لكن على من تقرع مزاميرك يا داوود!

لا تضربيني، لا تشدي شعري، اياكي أن تستخدمي أسنانك، أوتشش، اتركي الطنجرة النحاسية، المكنسة، الشفاطة، فرشاة الأسنان، الصحون والملعقة الفضية. اتركيهن من يديك يا مختلة. تعالي، ضميني، ضميني واهدئي، لقد جعلتني كالثور الهائج، والأن ضعي يديك على وجهي كي أضبط أعصابي، روضيني كحصان، أمسكي رأسي بيديك كما تمسكين رأس تلميذ ولننظر الى بعض، دعينا نتأمل وجوه بعضنا البعض، ها أنا أسمع أنفاسك. لن أقلع عن التدخين الليلة. سأدخنك حتى الصباح، سأدخنك حتى الصباح.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ما بين حالين: زينة وذاكرة

حيث يبيت الغريب