26-أغسطس-2019

الفنان الفلسطيني يوسف عوض

يستثمر الفنان الفلسطيني يوسف عوض النصوص الشعرية والسردية كأطروحة أساسية للحوار الذي يُحاول اقتراحه بين الحروف من جهة والألوان من جهةٍ ثانية. معرضه الذي ينطلق غدًا في "مركز البيرة الثقافي" بعنوان "زينب"، ترجمة حرفية للعلاقة التي يُحاول يوسف عوض إقامتها بين الحروف والألوان، والفنّ التشكيلي والأدب، دون أن يتّجه لجعل لوحاته هذه أعمالًا لغوية كاملة، أو رسومات قائمة على معاني الكلمات البلاغية. وإنّما يُحافظ على سمة بارزة جاورت لوحاته منذ معارضه الأولى، وهي أن تكون اللوحة مساحة خاصّة لإفراغ شحنات غضبٍ داخلي، أو فورانات مزاج يحكمهُ السخط والاحتجاج والقسوة حيال واقع عنيف ومرير، يُستبعد فيه أي رخاوة أو رقّة.

معرض "زينب" ترجمة حرفية للعلاقة التي يحاول يوسف عوض إقامتها بين الحروف والألوان، والفنّ التشكيلي والأدب

"الفكرة، فكرة المعرض، بدأت من نص لأحد الكتّاب الثلاثة الذين حوّلت نصوصهم إلى رسومات، وهم أماني أبو صبح (فلسطين)، جمانة القصّاب (البحرين)، وحكمت حامد (فلسطين). ولكنّ هذا العمل الذي كان تجربة أولى، أو مفتاح وعتبة أولى للمعرض، لم يُشارك فيه بحكم أنّه خارج سياقه من جهة، وأنّني حوّلته إلى لوحة دون قصد آنذاك من جهةٍ ثانية". يقول يوسف عوض الذي بدأ آنذاك بتحويل مجموعة إضافية من النصوص إلى رسومات، بينما كانت فكرة المعرض لا تزال تتبلور في ذهنه؛ أن يكون المعرض جامعًا لهذه النصوص والرسومات معًا تجعل منه سيرة جمعية وبصرية بتسلسل زمني ذي صيغة واحدة، بحيث يصير من الصعب على المتفرّج التمييز بين نصّ كاتبٍ وآخر. وعلى هذا الأساس، ولدت فكرة "زينب".

اقرأ/ي أيضًا: الفنانة ديالا برصلي.. طائرة ورقية لأطفال يصنعون السماء

في اللوحات الـ 101 التي تشكّل معرض يوسف عوض، تحضر زينب لا كعنوانٍ للمعرض نفسه، بل تتجاوز العنوان لتكون جزءًا كبيرًا من اللوحات المعروضة، ولا تغيب عن أيٍّ منها، بشكلٍ يُظهر بوضوحٍ شغف الفنان الفلسطينيّ بها، دون أن تكون هويّتها، من الأساس، واضحة. ولكنّنا سنعرف من خلال حديث عوض لـ"ألترا صوت" أنّ زينب جاءت لتكمّل مسيرة الشخصية الأساسية في كلّ أعماله السابقة، وهي شخصية "أيوب". وأنّها أيضًا: "شريكته في الحب، والحرمان، والسخط، والاحتجاج. وتسرد معه أيوب سيرة الـ"باء" الضائعة، من خلال البحث عنها في 101 عمل منفصل ومتّصل في آنٍ معًا. ويُمكن القول أيضًا إنّ زينب هي كلّ امرأة، وأي امرأة، لأنّ هذا المشروع عام وليس خاص".

أن يكون معرض يوسف عوض جامعًا لهذه النصوص والرسومات معًا، تجعل منها سيرة جمعية وبصرية بتسلسل زمني ذي صيغة واحدة

نعرف إذًا أنّ الأنثى في اللوحة هي "زينب"، وأنّ الشخصية المرافقة لها هي شخصية "أيوب". نراه في واحدة من الرسومات واضعًا يده على كتفها، وأسفلهما نص مكتوب، يقول: "لم تأت لسرقة طمأنينتي/ لكنّ إسرافك بالادعاء أنّ شيئًا لم يحدث يؤذيني".

اقرأ/ي أيضًا: الفنان والناشط الصيني آي واي واي يغادر ألمانيا ولا يثق ببريطانيا

نرى في اللوحة أيضًا شفرة لا يضعها عوض في متنها أو هامشها، وإنّما في المسافة الفاصلة بينهما. الشفرة تتكرّر في بقية اللوحات، تكون قلادة في عنق أيوب، أو ملاصقة لجسده. "الظهور الأول للشفرة كان في معرض (الموت الفجائعي) وهي في الأساس حبل خلاص من الحياة". يقول يوسف عوض، ويكمل منهيًا حديثه لـ"ألترا صوت": "لوحات ذلك المعرض تتحدّث عن إنسان يحاول الموت بكلّ الطرق المتاحة، ويجد مراده أخيرًا بابتلاع شفرة. ومنذ ذلك الوقت والشفرة جزء من أعمالي، وعلامة من علاماته البارزة أيضًا".

 

اقرأ/ي أيضًا:

صورة المرأة السودانيّة في رسومات آلاء ساتر

معرض أسامة بعلبكي.. شراكة شخصية مع العزلة