30-يوليو-2021

من منافسات ألعاب القوى في أولمبياد ريو 2016 (Getty)

تعتبر ألعاب القوى من  أقدم أنواع الرياضات التي مارسها الإنسان، فحسب عديد المؤرخين فإن ثقافة العيش لدى إنسان المجتمعات البدائية، والتي اتسمت بالقوة كطابع محدد للأفضلية والبقاء، مثلت بذرة النمو الأولى وشكلت بيئة خصبة لجنوح الإنسان البدائي نحو القوة كمحدد أول للتفاعل مع محيطه.

 ما انفكت حاجة الإنسان الأول عن الجري للحصول على صيد لغذائه و غذاء عائلته، وعن الوثب لتخطي الموانع والحواجز الطبيعية التي تعترض طريقه أثناء الصيد، وعن قدرته في الرمي لاقتناص الفريسة وللدفاع عن النفس، ومع تتابع الحضارات وتطور الأليات والاكتشافات الجديدة، والتي قادت الإنسان لنهج عيش مختلف عن سالفه، لم تبق للقوة الجسدية الأهمية السابقة نفسها، لكنها أصبحت تمثل مظهر تفاخر وتحدٍّ بين الرجال، فعُقدت المنافسات في الصيد، وأقيمت السباقات في السرعة والتحمل، لكن الفوضوية بقيت تسودها.

 لم تقونن وترتقي هذه النشاطات لمستوى الرياضة والنظام إلا بعهد الإغريق، والذين اعتنوا بهذه المهارات وطوروها ووضعوا لها النُظم والقوانين التي تحكم منافساتها، وكانت مسابقات الميدان والمضمار هي الأساس الراسخ التي أقام لها الإغريق ما سموه بالأعياد الأولمبية، حيث يعود تاريخ أولى مسابقات ألعاب القوى لسنة 1453ق.م ببلاد الإغريق، حيث نظمت أولى الدورات الأولمبية بأثينا، واستمرت ألعاب القوى  مزدهرة حتى سنة 393م حين رأى القيصر الروماني وجوب إيقاف الألعاب الأولمبية وتحريمها، لما كان يرافق هذه الألعاب من شعائر وعادات وثنية لا تتفق وأصول الديانة المسيحية، ولما تمثله هذه الألعاب من "تمجيد للقوة وأبطالها يفوق تمجيد الرسل والقديسين"، ولأنها أخيرا وسيلة من وسائل التدريب العسكري.

أما ألعاب القوى بشكلها الحديث التي تشمل مجموعة متنوعة من فعاليات الجري والقفز والرمي والمشي، كذلك مجموعة من الفعاليات المركبة التي تمارس بصفتها حدثًا واحدًا، تعود لأواخر القرن التاسع عشر، فقد بدأت عام 1820 تمارس في بإنجلترا وغلب عليها الاحتراف عندما نُظم أول تجمع للألعاب بمدينة شروبشاير، كما أقيمت أول بطولة لألعاب القوى في إنجلترا عام 1866،  وتم تشكيل الاتحاد الإنجليزي عام 1880، و زاد بعدئذٍ عدد الدول المهتمة بها،  لتكون ضمن البرنامج الاولمبي بدءاً من عام 1896، وهو تاريخ إقامة أول دورة أولمبية حديثة، ومنذ ذلك التاريخ استمرت اللعبة بالانتشار، وتوالى تشكيل الاتحادات في بلدان العالم المختلفة بهدف تنظيم النشاط ونشر اللعبة ووضع القوانين لها.

دورة الألعاب الأولمبية 1896

أنواع المنافسات فيها:

تحتوي ألعاب القوى على العديد من الرياضات التي تتفرع أساسا من العدو والقفز والرمي:

1-منافسات العدو:

تقام سباقات العدو على مضمار بحيث يكون لكل متنافس مسار مستقل في جميع السباقات، لا يقل عرضه عن 1,22م ولا يزيد عن 1.25م، أما اتجاه الجري فيكون بحيث تكون اليد اليسرى لجهة الداخل، ويجب أن يتسع المضمار لستة مسارات على الأقل، أو لثمانية مسارات إذا أمكن في اللقاءات الدولية.

 وتنقسم سباقات العدو لثلاثة أنواع من المسافات:

العدو لمسافات قصيرة: 100 متر – 200 متر – 400 متر.

مسافات متوسطة: 800 متر – 1500 متر

مسافات طويلة: 5000 متر – 10000 متر

الماراثون: هو ما يعرف بسباق التحمل، ويقام على الطرق العامة، وهو عبارة عن سباق يشمل 20 كم للرجال والسيدات، و50 كم للرجال دون السيدات.

سباقات التتابع: تتابع أربعة عدائين من كل بلد لمسافة 4×100 متر، بحيث يقطع كل عداء ربع المسافة.

سباقات الحواجز: هناك  110 متر حواجز للرجال، و100 متر حواجز للسيدات، و400 متر حواجز، 3000 متر موانع للصنفين

2-منافسات القفز:

القفز العالي: وهو القفز إلى أقصى ما يستطيع اللاعب تحقيقه من ارتفاع دون استخدام أي وسائل مساعدة، وبدأت منذ بداية الألعاب، ودخلت منافسات السيدات الأولمبياد في دورة فرنسا 1924 .

القفز بالزانة: في هذه الرياضة يبدأ اللاعب بجري السريع بالزانة الطويلة في يده، وعندما يصل إلى مكان القفز يرتكز على  الزانة في الأرض، ويحاول أن يرتفع فوق الحاجز، محاولًا تجاوزه دون لمسه، ودخلت منافسات السيدات لأول مرة في دورة سيدني 2000.

الوثب الطويل: ويتمحور حول القفز لأبعد مسافة ممكنة، عبر الاعتماد على قوة الجري أولا ثم قوة الدفع.

الوثب الثلاثي: يتكون من ثلاث قفزات متتالية، في القفزة الأولى يجب على اللاعب أن يلامس الأرض بنفس القدم التي بدأ بها السباق، وفي القفزة الثانية  يلامس الأرض بالقدم الأخرى، و خلال الثالثة والأخيرة  يلامس الأرض بالقدمين معاً.

اقرأ/ي أيضًا: رياضات أولمبية في طوكيو 2020.. حكاية لعبة الريشة الطائرة منذ نشأتها

3-منافسات الرمي:

الجلّة: وهو عبارة عن كرة من الحديد وزنها 7.257 كغ، ويتم رميها لأبعد مسافة ممكنة، وأُضيفت منافسات السيدات لأول مرة في دورة لندن 1948.

القرص: وهو عبارة عن جسم بشكل صحن يصنع من الخشب،  ويحيط به إطار معدني ذو حد دائري، ويتم رميه لأبعد مسافة ممكنة.

الرمح: يبدأ اللاعب بالجري لمسافة 30 متر، ثم يقوم برمي الرمح بقوة لأقصى مسافة ممكنة، وأقيمت منافسات السيدات لأول مرة في دورة لوس أنجلوس 1932.

 المطرقة: وهي تشبه رمي القرص، وفيها يقوم اللاعب بالدوران حول نفسه عدة مرات، للحصول أكبر قدر من القوة الممكنة لرمي المطرقة لأبعد مسافة، ودخلت منافسات الرجال لأول مرة في دورة باريس 1900، بينما ظهرت منافسات السيدات لأول مرة في دورة سيدني 2000.

أهم بطولاتها :

بطولة العالم لألعاب القوى، وتعقد كل سنتين.

بطولة العالم لألعاب القوى داخل الصالات، وتقام أيضاً كل سنتين.

الدوري الماسي ويقام سنوياً.

بطولة العالم للعدو الريفي، وتقام سنوياً.

بطولة العالم لنصف الماراثون، وتقام سنوياً.

كأس العالم لسباق المشي وبطولة العالم للناشئين، وبطولة العالم للشباب، وهذه البطولات تقام كل سنتين.

اقرأ/ي أيضًا: رياضات أولمبية في طوكيو 2020.. المبارزة

أفضل اللاعبين :

كارل لويس: سيطر لويس على عالم الوثب الطويل وسباقات التتابع، 100 متر و200 متر، وفاز بتسع ميداليات ذهبية وفضية واحدة في أربع دورات أولمبية.

جيسي أوينز : فاز أوينز بأربع ذهبيات في ألعاب برلين 1936،حقق انتصاراته في سباق 100 م، الوثب الطويل، سباق 200 م و4 × 100 م تتابع.

يان سيليزني: فاز أفضل متسابق في رمي الرمح في ألعاب العصر الحديث بثلاث ميداليات ذهبية: في برشلونة 1992 وأتلانتا 1996 وسيدني 2000.

جاكي جوينر كيرسي : فازت بثلاث ذهبيات وفضية وبرونزيتين في السباعي والوثب الطويل في أربع نسخ أولمبية.

فاني بلانكرز كوين : فازت الهولندية  بأربع ميداليات ذهبية في سباق 100 متر و200 متر و80 متر حواجز و4×100 متر تتابع، في ألعاب 1948.

المنافسات في طوكيو :

يتنافس الرياضيون  في منافسات ألعاب القوى بأولمبياد طوكيو 2020 على 48 ميدالية ذهبية، وذلك في 24 مسابقة فردي الرجال و23 فردي السيدات، حيث إن سباق المشي لمسافة 50 كيلومترا ليس موجودا في منافسات السيدات، وستشهد دورة الألعاب الأولمبية للمرة الأولى على الإطلاق إقامة منافسات سباق التتابع 4 × 400 متر المختلط بين رجلين وسيدتين بترتيب رجل سيدة - رجل سيدة.

 أما بالنسبة للمرشحين للميداليات، فعلى مستوى الرجال، فستشهد منافسات سباق 100 متر رجال المنافسة الأكثر شراسة حيث أنه للمرة الأولى منذ أثينا 2004، سيغيب يوسين بولت عن قائمة العدائين المشاركين في سباقي 100 متر و200 متر في الألعاب، فالعداء الجامايكي، الذي يعتبر أحد أفضل العدائين في كل العصور، كان قد سيطر بشكل كامل على السباق  بتحقيقه ثلاثة  ذهبيات في ثلاث دورات أولمبية متتالية بكين 2008 ولندن 2012 وريو 2016، فغياب النجم الجامايكي سيفتح باب المنافسة على مصراعيه، ولعل الأمريكي جاستن جاتلن صاحب ذهبية أثينا 2004 يعد من أبرز المراهن عليهم لخلافة بولت في سباقات السرعة.

 

 وفي 200 متر فمع استبعاد بطل العالم كريستيان كولمان، سيكون الأمريكي نواه لايلز، بطل العالم في 200 متر، أحد أبرز المرشحين للفوز بالسباق، وبالنسبة لسباق ل 400 متر سيكون الجنوب أفريقي وايد فان نيكيرك أبرز المرشحين لنيل الذهب الثاني له بعد ذهبية ريو،  أما على صعيد ال400 متر حواجز  كارستن وارهولم المرشح الأبرز لنيل اللقب الأولمبي، خاصة بعد رقمه الأخير ببطولة العالم حيث حقق زمن 46.87 ثانية وهو ثاني أفضل رقم بعد الرقم القياسي الأولمبي.

 بينما في سباق ال10000 متر فبعد أن فشل صاحب ميداليتي 2012 و 2016  العداء البريطاني محمد فرح في التأهل، إثر إخفاقه في تحقيق الزمن الأولمبي المقدر 27 دقيقة و 28 ثانية، يأمل العدائيين  الأوغنديين والكينيين والإثيوبيين في اعادة اللقب للمنطقة الإفريقية، وعلى مستوى المارثون فيطمح إليود كيبشوجي للفوز بذهبيته الثانية توالياً ومعادلة إنجاز كل من أبيبي بيكيلا 1960 و1964 ووالديمار سيربينسكي، الفائز في 1976 1980، خاصة أن أرقامه قد تجاوزتهما بتحقيق زمن قدره ساعة و 59 ثانية و40 جزء.

وعلى مستوى السيدات، فيبدو أن سباقات السرعة من فئة 100 متر و200 متر ستكون المنافسة فيها ثنائية، بين الجمايكية  شيلي برايس صاحبة ذهبيتان أولمبية وصاحبة ثاني أفضل زمن تاريخي في ال100 متر بزمن قدره 10.63 ثانية ، والأخرى هي النجمة الباهاماسية شونا ميلر صاحبة ذهبية 400 متر في ريو والتي تتطلع هذه المرة للفوز بال200 متر، أما على مستوى سباق ال1500 متر فتبدو الهولندية أبرز المرشحين للذهب خاصة بعد أن حطمت الرقم القياسي العالمي في بطولة العالم بالدوحة 2019، لم تكتفي بذلك فقط بل أصبحت أول عداءة تتمكن من تسجيل رقميين قياسيين يمنافستين مختلفتين في بطولة واحدة، فبالإضافة لرقم ال1500 مترًا، حطمت أيضا الرقم القياسي لسباق ال10000 مترًا،  بزمن قدره 29 دقيقة و 6 ثواني و82 جزء، لذلك تعد أيضا المرشحة الأولى لتتويج بسباق ال10 ألف متر، أما على مستوى الماراثون ستكون بريجيد كوسجي، مواطنة كيبتشوجي، حاملة الرقم القياسي للسيدات والفائزة بسباق ماراثون لندن 2020، الأوفر حظًا للفوز بلقب السيدات في أول مشاركة أولمبية لها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

رياضات أولمبية في طوكيو 2020.. 5 مسابقات جديدة تحضر للمرّة الأولى

رياضات أولمبية في طوكيو 2020.. التايكواندو