27-مارس-2023
getty

روسيا مُصرة على استكمال خطوات التطبيع بين تركيا ونظام الأسد (Getty)

اصطدمت مساعي موسكو لعقد الاجتماع الرباعي لنواب وزراء خارجية تركيا والنظام السوري وإيران وروسيا باشتراطات وضعها نظام الأسد في اللحظات الأخيرة قبل موعد الاجتماع الذي كان مقررًا الأسبوع الماضي في العاصمة الروسية موسكو. 

كثفت موسكو من جهودها لعقد اجتماعًا رباعي في موسكو، من أجل تطبيع العلاقات بين تركيا والنظام السوري

واشترط نظام الأسد تقديم مجموعة من الضمانات في مقدمتها مطلب بـ "جدولة انسحاب القوات التركية من مناطق في شمال غربي سوريا"، كشرط للسير قدمًا في تطبيع علاقاته مع أنقرة، فيما تحدث مصدر بوزارة الخارجية التركية حينها لرويترز قائلًا إن السبب في تأجيل الاجتماع يعود "لأسباب فنية" دون الخوض في تفاصيلها.

إلا أنّ موسكو لم تستسلم لذلك، حسب مصادر مطلعة، فقد كثّفت من جهودها خلال الأيام القليلة الماضية، لعقد الاجتماع، وفي هذا الصدد أكّدت مصادر سورية وتركية عن "إحراز تقدم في المشاورات الجارية لعقد هذا الاجتماع، المتوقع أن تستضيفه العاصمة الروسية موسكو" نيسان/أبريل المقبل.

وكما كانت صحيفة "الوطن" القريبة من النظام السوري في دمشق، قد كشفت تأجيل اجتماع آذار/مارس بين نواب وزراء خارجية الدول الأربعة، فقد أعلنت الصحيفة أمس الأحد عن تفاصيل جديدة حول مفاوضات جارية لتذليل العقبات أمام انعقاد الاجتماع، حيث نقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسي غربي، قوله "إن المشاورات بشأن انعقاد اجتماع نواب وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران والنظام السوري متواصلة"، وأكّدت الصحيفة في هذا السياق  "حصول تقارب" حول عدد "من النقاط التي منعت انعقاد الاجتماع حتى الآن".

ونبّهت صحيفة الوطن المقربة من النظام في عددها الصادر، أمس الأحد، أنّ "الاشتراطات أو الضمانات" التي أصر عليها النظام بشأن الانسحاب التركي من الأراضي السورية كمقدمة لأي اجتماع وتقارب رسمي "ما زالت على الطاولة، وستشكل أرضية للانطلاق إلى أي مباحثات بين الجانبين"، مشيرةً في هذا الصدد، إلى ما سرّبته بعض وسائل الإعلام الروسية عن استعداد تركيا لسحب قواتها من سوريا، حيث ذكرت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" أن تركيا مستعدة لمراجعة شكل وجود قواتها في سوريا، من أجل تحفيز المفاوضات مع النظام السوري.

ويبدو أن المساعي الروسية لتسريع التطبيع بين أنقرة ودمشق تكللت "بنجاح نسبي" بعد المكالمة الهاتفية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان قبل يوم أمس السبت، حيث ناقش الجانبان حسب الكرملين "تطبيع العلاقات بين تركيا والنظام السوري، وأكدا على أهمية استمرار التطبيع، مع الإشادة بالدور الروسي في الوساطة بهذا الصدد".

وبحسب وسائل إعلام روسية مختلفة فإن الرئيس التركي "سلط الضوء على الدور البناء لروسيا كوسيط في جهود إعادة العلاقات بين بلاده والنظام السوري".

وعلى الجانب التركي، يشار إلى أن المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهم كالن صرّح في مقابلة قبل يومين "أن الاجتماع على مستوى نواب وزراء الخارجية للأطراف الأربعة سوف يعقد، وأن التفاصيل الإضافية حول تطورات هذا المسار ستظهر قريباً".

مردفًا القول  بأنّ "هناك 3 قضايا رئيسية مطروحة على طاولة البحث، وهي التنسيق في الحرب على "الإرهاب"، ودفع العملية السياسية لمواصلة محادثات "أستانا"، والعودة الكريمة للاجئين السوريين إلى وطنهم"، لافتًا الانتباه إلى أن النظام السوري "ما زال يجرّب بعض الطرق لتخريب هذه العملية" في إشارة إلى المناورة الأخيرة التي قام بها النظام السوري وحالت دون عقد الاجتماع الرباعي في موسكو منتصف آذار/مارس الجاري.

وتابع المتحدث باسم الرئاسة التركية: "الغرض من هذه الاجتماعات هو حماية وحدة أراضي سورية، إضافة إلى إنشاء نظام يأخذ في الاعتبار مخاوفنا الأمنية".

وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قد أعلن الأسبوع قبل الماضي، عن لقاء يجمع نواب وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران ونظام الأسد في موسكو، قبل محادثات مقررة بين وزراء الخارجية في وقت لاحق. وذلك، ضمن مسار التطبيع التركي مع النظام السوري.

وفي الأشهر الماضية تسارعت عملية التقارب بين أنقرة ونظام الأسد، بعد مجموعة من اللقاءات الأمنية، انتهت في لقاء جمع وزير الدفاع التركي ووزير دفاع نظام الأسد، في كانون أول/ ديسمبر من العام الماضي، وبرعاية من موسكو، في أعلى مستوى من اللقاءات منذ بداية الثورة السورية.

وجاءت هذه اللقاءات ضمن خطة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتطبيع مع نظام الأسد، والذي تحدث عن اللقاءات الأمنية، ومن ثم أخرى تجمع وزراء الخارجية، وصولًا إلى اللقاء في رئيس النظام السوري بشار الأسد.

وفي وقت سابق، كانت تركيا تُصرّ على عقد اللقاء، حيث أكدت مصادر دبلوماسية تركية، لوكالة "الأناضول"، بأن نائب وزير الخارجية التركي براق أقتشابار سيترأس الوفد التركي في الاجتماع المقرر عقده في موسكو، فيما سيكون على رأس الوفد الروسي ميخائيل بوغدانوف الممثل الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا، كما كشفت ذات المصادر أن مستشار الشؤون السياسية لوزير الخارجية الإيراني علي أصغر حجي سيكون ممثل إيران، بينما يقود وفد النظام السوري نائب وزير خارجيته أيمن سوسان.

الأسد يضع شروط التطبيع

يشار إلى أن رئيس النظام السوري بشار الأسد، عندما زار موسكو مؤخرًا من أجل مقابلة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أجرى مقابلةً مع قناة سبوتنيك الروسية، أعلن فيها عن "الضمانات" التي سبق وأشارت لها صحيفة الوطن المقربة من نظام الأسد.

وقال الأسد إنه سيلتقي بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان عندما تكون تركيا مستعدة لسحب جيشها بالكامل من شمال سوريا واستعادة الوضع الذي كان قائمًا قبل عام 2011.

المساعي الروسية لتسريع التطبيع بين أنقرة ودمشق تكللت "بنجاح نسبي" بعد المكالمة الهاتفية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان

كما اعترف الأسد بالدور الذي تلعبه موسكو لتطبيع العلاقات بينه وبين تركيا، قائلًا: "نثق في الجانب الروسي الذي لعب دور الوسيط لتسهيل الاتصالات لكن في إطار السياسة الروسية باحترام سيادة الدول .. وخروج القوات الأجنبية غير الشرعية من الأراضي السورية"، وفي الوقت نفسه أشاد الأسد بالوجود الروسي في سوريا، والذي وصل إليها عام 2015 من أجل قمع الثورة السورية.