11-يناير-2023
gettyimages

حتى الآن الجيش الأوكراني يؤكد على استمراره في القتال داخل باخموت (Getty)

تتضارب المعلومات حول صحة سيطرة موسكو على مدينة سوليدار الأوكرانية، بالقرب من باخموت. ففي وقت متأخر من يوم الثلاثاء، أعلن مالك مجموعة "فاغنر"، يغفيني بريغوجين، عبر قناته على تيليغرام، عن أن قواته سيطرت على وسط المدينة وبدأت بشن عمليات تطهير في مختلف أرجائها، مشيرًا إلى استمرارية القتال في بعض المناطق داخل المدينة

تتضارب المعلومات حول صحة سيطرة موسكو على مدينة سوليدار الأوكرانية بالقرب من باخموت

وأوضح بريغوجين بأن مجموعة من الجنود الأوكرانيين لا تزال محاصرة في وسط المدينة، مضيفًا أنه "سيتم لاحقاً الإبلاغ عن عدد أسرى الحرب"، قبل يؤكد أن قواته وحدها التي تقود العمليات في سوليدار.

وفي وقت لاحق، نشرت وكالة الأنباء الروسية الحكومية تقريرًا، قالت فيه بأن مجموعة "فاغنر" استولت على مناجم الملح في سوليدار بعد قتال عنيف. وهو ما علَّقت عليه واشنطن بأن بريغوجين "ربما يريد السيطرة الشخصية على مناجم المنطقة".

getty

وتدفع إشارة مالك "فاغنر" باستمرار القتال في وسط المدينة إلى التشكيك في اكتمال السيطرة الروسية عليها، على الرغم من حديثه عن سقوطها كاملةً في قبضة مرتزقته. وهو ما ذهب إليه أيضاً بعض المدونين العسكريين الروس البارزين، إذ حثوا القوات الموالية لجيش بلادهم على توخي الحذر بشأن الوضع في سوليدار، مشيرين إلى أن القتال العنيف في وسط المدينة وضواحيها استمر خلال الليل.

بالمقابل، نفت نائبة وزير الدفاع الأوكراني هانا ماليار، في منشور على قناتها في تيليغرام، أخبار سقوط سوليدار، مؤكدةً على أن قوات بلادها لا تزال تدافع عن مواقعها داخل البلدة، وأن الجيش الروسي يواصل القتال رغم "الخسائر الضخمة" التي مني بها. كما حث المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف المراسلين على انتظار الإعلانات الرسمية حول ما إذا كانت مدينة سوليدار قد تم الاستيلاء عليها ، مضيفًا أن "النجاحات التكتيكية مهمة جدًا بالتأكيد لأنها تأتي بسعر باهظ إلى حدّ ما".

ومن جهته، قال المتحدث باسم القوات الأوكرانية في شرق البلاد سيرهي شيريفاتي، في مقابلة تلفزيونية، إن "سوليدار تعرضت لـ86 ضربة بالمدفعية خلال الـ24 ساعة الماضية"، وأضاف أن "نخبة مقاتلي فاغنر نشروا هناك، وأن روسيا تستخدم أساليب الحرب العالمية الأولى، رغم تكبدها خسائر فادحة"، وتابع معلقاً: "هذه في الأساس ليست حرب القرن الحادي والعشرين".

بدوره، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن الوضع في دونيتسك صعب ويتطلب مستوى جديدًا من المساعدات العسكرية. ووجه الرئيس الأوكراني عبر تسجيله المصور اليومي، نداءات جديدة إلى حلفائه في الغرب يطلب فيها المزيد من الأسلحة والتمويل، مشددًا على أن "العالم الحر لديه ما يلزم لوقف العدوان الروسي على بلادنا وإيقاع الهزيمة التاريخية بموسكو".

وفي ذات التسجيل المصور، أشاد الرئيس الأوكراني بشكل خاص بـ "مقاتلي اللواء 46 الجوي لشجاعتهم وثباتهم في الدفاع عن سوليدار". وكان زيلينسكي قد صرح في وقت سابق بأن بلاده ربحت وقتًا إضافيًا بفضل ثبات جيشها، وأنها ستحرر كامل إقليم دونباس.

ونقلت شبكة سي إن إن الأمريكية عن جندي أوكراني من اللواء 46، قوله: "لن يخبرك أحد بعدد القتلى والجرحى، لأنه لا أحد يعرف على وجه اليقين ما هو العدد". ومشيرًا إلى معارك شرسة في سوليدار والقتال على أمتار قليلة على في داخل المدينة. وأضاف الجندي الذي نقلت عنه الشبكة، أنه يعتقد أن قادة الجيش الأوكراني سيتخلون في النهاية عن سوليدار وتساءل عن سبب عدم قيامهم بذلك حتى الآن، قائلًا: "أريد فقط أن أفهم ما هو الهدف [القتال من منزل إلى منزل] لماذا نموت، إذا كنا سنغادرها على أي حال اليوم أو غدًا؟".

وتتمثل الأهمية الاستراتيجية لسوليدار في كونها جزءًا من خط الدفاع الأوكراني أمام منطقة سلوفيانسك وكراماتورسك في مقاطعة دونيتسك شرقي البلاد. أما من الجانب الروسي، فإن الاستيلاء على البلدة خطوة مهمة للانطلاق نحو السيطرة على باخموت، ومن ثم الاتجاه للهدف الأكبر، وهو إتمام السيطرة على منطقة دونباس بأكملها.

ويعتبر الاستيلاء على سوليدار، إذا ما صحت الأخبار حوله، أكبر مكاسب روسيا منذ آب/أغسطس الماضي، والذي يأتي بعد سلسلة هزائم وانسحابات مهينة منيت بها قوات موسكو خلال معظم النصف الثاني من عام 2022، إثر الهجوم المضاد الذي شنته كييف.

وتقاتل القوات الروسية منذ أشهر للسيطرة على سوليدار وباخموت، وتقول موسكو إن الاستيلاء على البلدتين سيكون خطوةً كبيرةً نحو السيطرة الكاملة على مقاطعة دونيتسك في إقليم دونباس، وهي واحدة من أربع مقاطعات أعلنت ضمها قبل ثلاثة أشهر.

فيما أشار "معهد دراسات الحرب"، وهو مؤسسة بحثية مقرها الولايات المتحدة، إلى أن بريغوجين "سيواصل استخدام نجاح مجموعة فاغنر المؤكد والمصطنع في سوليدار وباخموت، للترويج بأن المجموعة، باعتبارها القوة الروسية الوحيدة في أوكرانيا القادرة على تأمين مكاسب ملموسة".

ويقول الخبراء العسكريون في معهد دراسة الحرب إنه على الرغم من أن الاستيلاء على سوليدار سيكون أمرًا مهمًا، إلا أنه لن يشير إلى أن مدينة باخموت على وشك الوقوع في أيدي الروس. وخلص معهد دراسة الحرب ، في تحليل يوم الثلاثاء، إلى أنه حتى لو استولت روسيا على سوليدار، يمكن لأوكرانيا الدفاع عن جنودها وإعادة إمدادهم في باخموت.

وقال التحليل: "إن حقيقة السيطرة على الأرض في سوليدار غير واضحة بسبب الطبيعة الحركية للقتال الحضري"، مؤكدًا على أن "القوات الروسية كافحت بشكلٍ كبير لتحقيق مكاسب تكتيكية كبيرة في منطقة سوليدار لعدة أشهر".

واعترف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بصعوبة الوضع في المناطق الأوكرانية التي ضمتها موسكو. 

اعترف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بصعوبة الوضع في المناطق الأوكرانية التي ضمتها موسكو

بدوره، قال وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم "على الرغم من محاولات روسيا المستمرة لتقسيمنا، إلّا أن الوحدة داخل الاتحاد الأوروبي وعبر المحيط الأطلسي كانت قوية. والاتحاد الأوروبي مستعد لحرب طويلة وسيواصل الوقوف إلى جانب أوكرانيا من خلال الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري والإنساني لأطول فترة ممكنة"، مؤكدًا على نية الاتحاد الأوروبي فرض المزيد من العقوبات على موسكو.