فصل جديد من الاتفاق الروسي – التركي في إدلب بدأ على وقع احتجاجات شعبية قطعت الطريق الدولي "إم 4" وخروقات للاتفاق من جانب قوات النظام، وجاء الرفض الشعبي في إدلب للاتفاق الذي لم يوضح مصير النازحين إثر العملية العسكرية الأخيرة للنظام وروسيا، كذلك رفضت بعض فصائل المعارضة الاتفاق بعد تخفيض أنقرة لمطلبها بانسحاب قوات النظام السوري إلى حدود سوتشي. وأعلنت وزارة الدفاع التركية الأحد الماضي تسيير أول دورية برية مشتركة مع روسيا على الطريق الدولي في محافظة إدلب.

رفضت بعض فصائل المعارضة الاتفاق بعد تخفيض أنقرة لمطلبها بانسحاب قوات النظام السوري إلى حدود سوتشي

وقال شهود لوكالة رويترز إن مئات المحتجين، وبعضهم يلوح برايات الجيش الوطني السوري، تسلقوا الدبابات التركية أو وقفوا في طريقها. وأظهرت صور نشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان مدنيين يشعلون النار على الطريق ويشكلون سلاسل بشرية.

اقرأ/ي أيضًا:  وقف إطلاق النار في إدلب.. تسوية أم فرصة لالتقاط الأنفاس؟

من جهتها قالت وزارة الدفاع الروسية إن روسيا وتركيا اضطرتا لاختصار أول دورية مشتركة بينهما على طريق إم4 السريع الذي يربط شرق سوريا بغربها بسبب ماسمته "استفزازات" من جماعات مسلحة. ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزارة الدفاع قولها في توضيح سبب اختصار مسار الدورية المشتركة إن "الإرهابيون كانوا يحاولون استغلال المدنيين كدروع بشرية للقيام باستفزازات". وأضافت الوزارة أن أنقرة مُنحت مزيدا من الوقت لتحييد المسلحين الذين نفذوا تلك الاستفزازات.

الدفاع التركية أوضحت في تغريدة على تويتر، أن قوات برية من كلا الطرفين، شاركت في الدورية المشتركة برفقة طائرات. وأضافت أن الدورية المشتركة تأتي في إطار اتفاق موسكو الذي أبرم في الخامس من آذار/مارس الجاري، بين رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين. وأشارت وزارة الدفاع في بيان آخر إلى أنه "تم اتخاذ التدابير اللازمة عبر التنسيق بين مركزي التنسيق التركي والروسي، من أجل منع الاستفزازات المحتملة للدورية البرية وتضرر السكان المدنيين في المنطقة".

كما صدر بيان مشترك عن البلدين تضمن الاتفاق على إنشاء ممر آمن على عمق 6 كم شمالي الطريق الدولي "إم 4" و6 كم جنوبه. وينص الاتفاق أيضًا على إطلاق دوريات تركية وروسية، على امتداد طريق "إم 4" (طريق دولي يربط محافظتي حلب واللاذقية) بين منطقتي ترنبة (غرب سراقب) وعين الحور، مع احتفاظ تركيا بحق الرد على هجمات النظام السوري.

أكدت وزارة الدفاع التركية على أن نقاط المراقبة التابعة لها في إدلب ستواصل مهامها، وأن سحب الأسلحة الثقيلة منها غير وارد

وأكدت وزارة الدفاع التركية على أن نقاط المراقبة التابعة لها في إدلب ستواصل مهامها، وأن سحب الأسلحة الثقيلة منها غير وارد. حيث دخلت خمسة أرتال عسكريّة للجيش التركي إلى الأراضي السوريّة، صباح اليوم الخميس من معبر "كفرلوسين" الحدودي شمال إدلب، بهدف تثبيت نقاط عسكريّة جديدة في ريفي إدلب وحلب.

اقرأ/ي أيضًا: تركيا والاتحاد الأوروبي.. أزمة مستمرة

وتتزامن التعزيزات التركية مع حشد قوات النظام والميليشيات الموالية، تعزيزات عسكرية ضخمة في مدينة كفرنبل، ومدينة سراقب المتاخمة للطريقين الدوليين حلب  دمشق M5)) وحلب - اللاذقية (M4).

الأمم المتحدة.. فشل دبلوماسي في إدلب

اعتبرت الأمم المتحدة أن "الطبيعة المخيفة للصراع السوري دليل دامغ على فشل الدبلوماسية الجماعية في سوريا".

جاء ذلك في بيان أصدره المبعوث الأممي الخاص الي سوريا "غير بيدرسون"، بمناسبة الذكرى التاسعة لانطلاق الثورة السورية. وقال المبعوث الأممي في بيانه "يدخل الصراع السوري الآن عامه العاشر، ومازالت معاناة الشعب السوري خلال هذا العقد المأساوي والمرعب تتحدى العقل والمنطق".

وتأتي الذكرى التاسعة للثورة السورية مع اشتداد الصراع المسلح في منطقة إدلب ونزوح نحو مليون شخص باتجاه الحدود التركية (شمال) واستمرار النظام السوري وروسيا في خرق كافة الإتفاقيات المبرمة.

وأضاف بأن "مئات الآلاف من السوريين فقدوا حياتهم، ومئات الآلاف تم اعتقالهم أو اختطافهم، وانتشرت على نطاق واسع انتهاكات لحقوق الإنسان والجرائم والدمار، وفر نصف السكان من منازلهم".

وتابع "ومع وجود ما يقرب من مليون شخص نزحوا حديثًا بسبب العنف الشديد في الأشهر الثلاثة الماضية في منطقة إدلب وحدها، تتفاقم المأساة".

وأكد المبعوث الأممي أن "مصير الشعب السوري أصبح مرتبطا بصورة خطيرة وحتمية بالمنطقة الأوسع والمجتمع الدولي، وأصبحت الطبيعة المخيفة والدائمة للصراع هي دليل على فشل جماعي للدبلوماسية".

قال المبعوث الأممي: "يدخل الصراع السوري الآن عامه العاشر، ومازالت معاناة الشعب السوري خلال هذا العقد المأساوي والمرعب تتحدى العقل والمنطق"

وشدّد بيدرسون على أن "الحاجة ملحة إلى مستويات غير مسبوقة من التعاون الدبلوماسي والثبات لوضع نهاية لهذا الصراع". ودعا "المجتمع الدولي لإيجاد حل سياسي وفق قرار مجلس الأمن 2254 (2015)".

اقرأ/ي أيضًا: لقاء تركي روسي على وقع المعارك في إدلب

ويطالب القرار 2254 (18 كانون الأول/ديسمبر 2015)، جميع الأطراف بالتوقف الفوري عن شن هجمات ضد المدنيين، ويحث على دعم وقف إطلاق النار. كما يطلب من الأمم المتحدة أن تجمع بين الطرفين للدخول في مفاوضات رسمية، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، بهدف إجراء تحول سياسي.

ويصادف اليوم الأحد، 15 آذار/مارس، الذكرى التاسعة لانطلاق الاحتجاجات المناهضة لنظام بشار الأسد، والتي قوبلت بشكل عنيف من قبل قوات الأمن والجيش، لتتحول لاحقًا لصراع مسلح بين المحتجين وبين النظام السوري. وأعلنت الأمم المتحدة، الجمعة، تقلص العنف بشكل عام وتوقف الهجمات الجوية على منطقة إدلب السورية منذ إقرار تركيا وروسيا اتفاقًا لوقف إطلاق النار هناك.

جاء ذلك في تصريح للمتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، جينس لارك، خلال مؤتمر صحفي عقده في مكتب الأمم المتحدة بجنيف. وأكد أن كل هذه التطورات لا تجعل من إدلب "مكانًا آمنًا"؛ حيث ما تزال المنطقة الشمالية الغربية الأكثر إثارة للقلق في سوريا مع دخول عامها العاشر للحرب.

لماذا يريد النظام السيطرة على كامل إدلب؟

أعلن نظام الأسد نيته السيطرة على كامل إدلب ورغم فرض اتفاق إدلب إلا أن النظام يملك أوراق لزعزة الاتفاق، ويرجح مراقبون أن نظام الأسد يستطيع استقطاب العناصر المتطرفة وتسليحها كوسيلة ضغط على تركيا وأوروبا والولايات المتحدة. مشيرين إلى أن تنظيم "الدولة الإسلامية" بدأ بإعادة توحيد صفوفه في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، وسيؤدي انتصار روسيا وإيران والأسد في إدلب إلى تأجيج التطرف في سوريا.

يرجح مراقبون أن نظام الأسد يستطيع استقطاب العناصر المتطرفة وتسليحها كوسيلة ضغط على تركيا وأوروبا والولايات المتحدة

في حين تسعى إيران من خلال خسم ملف إدلب إلى استكمال استراتيجيتها المتمثلة بترسيخ نفوذها الطويل الأجل في سوريا. فطهران تعمل على الحد من العراقيل التي تعترض سعيها للتأثير على المدى الطويل من خلال وكلائها والحكومات الضعيفة في أعقاب مقتل قاسم سليماني. ونظرًا إلى هدف إيران الرامي إلى طرد القوات الأمريكية من المنطقة، وهدف الأسد المتمثل باستعادة كافة الأراضي السورية، فسيكون انتقال محور "روسيا - إيران - الأسد" من شمال غرب سوريا إلى شمال شرقها أكثر سهولة بهدف مواجهة الجيش الأمريكي شرق نهر الفرات.

مصير الفصائل المعارضة على الطاولة

نقلت "العربي الجديد" عن مصادر مطلعة في المعارضة السورية، أن اجتماعات تجري في أنقرة، لممثلي وقادة فصائل المعارضة، للتباحث في آليات تطبيق اتفاق إدلب، ودمج الفصائل الموجودة في المنطقة ومحيطها تحت مظلة ومرجعية واحدة، من أجل تسهيل تطبيق التفاهمات والاتفاقيات. وقالت المصادر إن بعض الفصائل المعارضة رفضت تطبيق الاتفاقيات لوجود رفض شعبي لها، خصوصًا أن هناك تعقيدات في تطبيق الاتفاقيات التركية الروسية فيما يرتبط بتسيير الدوريات، وفتح طرق آمنة للمدنيين الراغبين بالعودة إلى مناطقهم التي تقدم النظام لها، أو المناطق الواقعة جنوب طريق "إم 4". حيث نقلت أنقرة للجانب الروسي مخاوف تركيا وفصائل المعارضة من خروقات الميليشيات الإيرانية التي قد تؤدي لانهيار وقف إطلاق النار، فكان الرد الروسي بأن موسكو لن توفر الحماية الجوية لهذه الميليشيات في حال كانت هناك خطوات من هذا القبيل.

تركيا في انتظار تحرك أرووبي

وزيرة الدفاع الألمانية أنغريت كرامب ـ كارينباور، اعتبرت أن الاتفاق في إدلب لا يمكن أن يكون مستدامًا، وجددت في حديث مع وكالة الأنباء الألمانية "د ب أ"، دعوتها لزيادة المشاركة الأوروبية في المنطقة، ولفتت كرامب ـ كارينباور إلى أن مسالة تحقيق الاستقرار في المنطقة أمر مساعد كي تصبح ملاذًا آمنًا للأشخاص والمساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار والعودة الطوعية للاجئين في وقت لاحق.

اقرأ/ي أيضًا: ملفات مشتركة ومصالح مختلفة.. هل تُنهي إدلب التعاون التركي – الروسي؟

ويعقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الثلاثاء عبر دائرة تلفزيونية قمة مغلقة مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، مع احتمال حضور رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، لمناقسة ملف إدلب واللاجئين. وتحتاج العلاقة بين تركيا وحلف الناتو إلى بناء الثقة وعدم التركيز في المباحثات على قضية منظومة باتريوت مقابل تخلي أنقرة عن صفقة "إس 400" الروسية، ومحاولة الاتفاق على المصالح المشتركة للأرووبيين مع تركيا العضو في حلف الناتو.

 

اقرأ/ي أيضًا:

 تصعيد في إدلب.. هل انتهت مرحلة الخيار الدبلوماسي؟

حملة النظام السوري للسيطرة على الطريق الدولي.. هدف أم ذريعة؟