04-فبراير-2022

لوحة لـ جان تاراسين/ بولندا

أعيش دوام الأيام بشكل مؤقت.

آمنتُ بتعريفٍ جديد لما هو دائم، رافقتُ الأغاني الطويلة لكي أختصر بطء الوقت، ولأخترع جدوى تافهة جديدة أنتظرها.

لم يصبني اليأس حين سقطتُ للمرّة الألف فقد ذكّرتني بحصص الرياضة التي عشتها حين كنتُ ابتدائيًا في هذا العالم، في ذلك الوقت، في تلك المدرسة.

تغرينا عروض السنة الجديدة فنتوهمُ أن جديدًا هناك ينتظرنا، غافلين عن الحقائق المكتوبة على هامش تذاكر العبور التي منحنا إياها الرب في حفل الختام.

ذلك الهامش الذي نهمله عادةً، يوسوسُ للشوارع كلّ شيء عنّا.

كل حلم عشناه كان وشاية الملاحق التي تنتظرنا، لم نلتفت لمقص السماء ونحن نسرد صورَ حكاياتنا على أول من التقينا بعد أن شعرنا أننا على قيد الكلام، بحثنا عن ستوديو بغرفة معتمة لا تعترف بديجالتية الحاضر الذي نعيشه فلم نجد، سبقتنا سرعة الدقائق التي نهملها والنظرات التي تهافتت علينا من جيلٍ لا يعرفُ شيئًا عن لحظات رأينا فيها شريطَ الأغاني الذي نُحب وهو يُمضَغُ في بطنِ المُسجل، أو الفيديو، أو الـ "واك مان".

البياض الذي طغى على رؤوسنا يشبه بيان احتجاج أصدرته رغباتنا ضد قراراتنا.

احتجّ قلبنا فانطلقت أعضاؤنا بتظاهرةٍ عفوية تطالب بتحقيق كل الأوهام التي وعدناها بها، ثم اختبأنا.  

*

تعبنا من انتظار ما ليسَ لنا، اهترأنا من خسارة كل المعارك متوقعين انتصارًا في الحرب التي نخوضها دون أن نعطي لأنفَاسنا الحق أن تستريح.

صافرة الحكم الرئيسي لم تكن مدعاة احتفال لنا، فأُصابتنا كآبة المركز الثاني، ولازمتنا.

*

مقترحٌ للمهتمين؛

على هذه الأرض الكثير من البشر، كم منهم جاء عن رغبة؟ وكم منهم جاء بفعل ضغوطٍ تافهة لكي يثبت الرجل أنه رجل، وأنه أحسن اختيار شريكته وفق تصنيفات مجتمع مهووسٌ بشؤون الآخرين.

من ولدوا ارضاءً للغير يستحقون احترامًا أكبر من هذا العالم الذي يدّعي كل جميلٍ في ألوانٍ ينشرها، ولا يعطي أحدًا الحق أن يعيشها.

*

تعلمنا قياس الزمن والمسافة والسرعة وفق معادلات تضربُ وتَطرح وتَقسمُ أرقامًا على أرقامٍ باردة. مجردة هي الحسابات حين تصير الأيام مكررة، والساعاتُ محددة، والدقائقُ سهلة المرور.

الوقت هو المسافة المقطوعة بسرعة ما، هذا ما أُجبرنا على فهمه لنجتازَ امتحانًا مدرسيًّا، وها نحن نشتم كل حصّة أضعناها في محاولةٍ لإيجاد معادلة بسيطة تفسرُّ تجمّد الوقت حين ننتظرُ شيئًا، أو نشتاق له.

*

ثانية واحدة فقط قد تختصر خطوة جديدة نحو النهاية.

ثانية واحدة قد تمتدُّ كأنها ألف عام.

*

كما ولدنا،

سنموتُ وحدنا.

وما بين الصحوة الأولى والنومة الأخيرة خيارات كثيرة.

ربّتنا الحياة كفراخٍ جاهلة، كبرنا فصار القرار لنا،

والقرار هو خيار من كثير أردناه.

*

الديك الذي صاح كثيرًا صارً مزعجًا،

يحبّونه ويرغبون موته.

*

تعلمت بعد حياةٍ كاملة ألا أشبه الديك،

وأن أكون خفيفًا على من جاء هُنا نتيجة خطأ ما،

وأن أكون وحدي،

مهما شاءت الأعضاء التي تحملني.

 

اقرأ/ي أيضًا:

عشتار تغض الطرف

حظٌّ يساوي حظَّ الخائفين