22-نوفمبر-2017

شوقي الموسوي/ العراق

في هذه المدينة السيرك

حيث يلعب الجميع دور مساعد الساحر

يصطفون أمام الهدف وينتظرون السكاكين تخطئهم

ليبحثوا عن النجاة في اليوم التالي

ليس من السهل أن أنجو وأعشق في آنٍ

أن أكتب القصيدة بيد وأحصي الشراك بالأخرى

ولا من السهل أن آخذ لون الحياة وأمنحها لوني.

 

كطريدة أمضي

أتخطى الحدائق وأقطع منابت الأشواك

أعقد اسم حبيبتي على لساني

وتبذر بقية الأسماء في روحي السواد

ندائي على سائق الباص نباح

صرختي في الكابوس نباح

هذه الشكوى نباح

والشعر سكتة فاصلة بين النوم والإعياء.

 

أكتب في رحلة البقاء قصيدة

كرسائل الجنود إلى حبيباتهم.

ألملم هشاشتي فتصير كومة

أسكب عليها: تلاوة المؤذن قبل الأذان

بكائيات الجعفريين على ذبيحهم

حيرة أمي وآلام فاصلها

وصمتكِ في الليل قبل أن انام.

 

أكتب

كلما اقتربت من العالم خطوة رأيت ندوبًا جديدة على محياه، ثمة ناب أسود يرهب الضوء حين يفتح العالم فمه، وثمة خصلة رمادية تنزل على كتفه، أكثر غموضًا من شعر السحرة وتخلو من هالة الأنبياء.

على طريق العالم أحمل صورتك في متاع خفيف، أصنع من الصورة وسادة وأمسح بها الوجع وأخلق منها الرفقة حين يستوحش الطريق.

ثمة حديث طويل يتسرب من تشققات شفاهي، يتجمع أحيانًا فيتكور وأغص به، ويتقطع أحيانًا فتسقط منه جواهر المعنى. ثمة حديث يقال بنفس واحد أطول من طاقتي، يستهلك لغة كاملة ويطلق الكثير من الصرخات، حديث القصيدة التي تشتعل بنداء ولا تنتهي، تخلف الكلام حريقًا تنضج تحتها جلود الأسى والخذلان.

 

وأبكي..

للدمع مساحته الأثيرة في الورق

كلماته الشفيفة ومعناه الثابت عبر الأزمان.

وللدمع حواريته الغائرة في النفس والمطرزة بالحقيقة:

 

أشتاقك في وجه كل امرأة يحمله الهواء الفاسد غبارًا جارحًا إلى عيني.

أشتاقك في صور الأجساد التي أقلبها قبل النوم.

أشتاقك في نعاسي حين يأتي مبكرًا، وحين يستفحل الأرق.

أشتاقك في الصباح كأس حليب محلى بالعسل،

        وفي النهار قيلولة تحرسها يدك من الكوابيس،

        وفي الليل ماء أريقه فيك وكدمة ترسمينها عليًّ.

أشتاقك في الأغاني، في القبلة التي تذوب مع الكلمات، والبهجة التي تعلو مع الأوكورديون، والحزن الذي يخلفه التشيلو، والسلام الذي يفشيه البيانو.

أشتاقك في قصائدي، في أحلامي التي أثثتها بصورك، بعريك، وحزنك، وضحكك، وبلاهتك.

أشتاقك في تعبي، حين يخذلني جسدي، وتمضي خطاي إلى الهاوية ولا أجد يديك في السقوط.

 

يطفئ السعال نار ولاعتي، فأعيد المحاولة مرارًا حتى أشعل السيجارة، أنفث الدخان ساخنًا، أكتب لك أحبك، وأترك الباقي للأيام.

 

اقرأ/ي أيضًا:

عودٌ على بدء المدن

الأشياء التي ستعيشُ أكثر منّا