21-نوفمبر-2017

البحرُ يبكي كما يبكي الغريق (Getty)

هل فكَّرتِ بمن يتبعون خطواتكِ؟

بمن يلهثون خلفكِ باحثينَ عن أثرٍ تلتَقطهُ الأرصفة؟

بمن يفكِّرون:

"إن كانت الشوارع تعودُ كلّ مساءٍ إلى منازلها،

كم تحتاجُ إذًا من جدرانٍ لتُعلّقَ عليها

ما جنتهُ من خطواتٍ؟"

خطواتكِ قوتُ الشوارع.

 

هل فكَّرتِ في اللاجئين وسط البحر؟

في القوارب المطّاطيّة التي تُصدر صرير الألم؟

في الألم خائر القوّة؟ والقوّة التي تفرُّ من نفسها قبل أن تفرَّ منهم؟

أولئك الحاملين ضحكةً أو صورةً أو صوتًا لكِ؛

كأطواق نجاة:

يفكِّرونَ:

البحرُ يبكي كما يبكي الغريق.

البحرُ غريقٌ مذ فكَّرَ في اللجوء إليكِ.

منذ أن انتصرت عليهِ اليابسة، واحتفظت بكِ.

هل فكَّرتِ في نفسكِ؟

وأنتِ تعدّين كلّ صباحٍ أمام المرآة وطنًا يتأهب للخروج؟

 

هل فكَّرتِ بي؟

حين أكدِّسُ صوتكِ قوتًا لعمرٍ قادم؟

حين أتصرّفُ كأنّني حيٌّ كلّما جالت دمعةٌ في عينيكِ؟

وكلّما غاب صوتكِ في زحام الصمت.

حين أفكِّر:

الصمتُ صمتٌ لأنّهُ مثلي، يعرفُ أن لا صوتَ سوى صوتكِ.

 

هل فكَّرتِ في الهواء الذي يشتمُ نوافذ غُرفتكِ المُغلقةُ عليكِ؟

في النوافذ المنتشية بانتصارها المؤقّت على الهواء؟

الهواء الذي يعرفُ أنّ شعركِ شكلهُ،

ولكنهُ الآن يحاولُ.. يحاولُ فقط

أن يصل اليكِ، أن يتنفّس.

 

هل فكّرتِ في الأشياء التي مررتِ بها؟

تلك الأشياء التي ستعيشُ أكثر من غيرها،

وأكثر منّي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

جنائزُ في مرآة السّيارة

عودٌ على بدء المدن