11-يناير-2024
غابريال عطال

تنتظر غابريال عطال العديد من التحديات والملفات الشائكة (GETTY)

أصبح وزير التعليم في حكومة رئيسة الوزراء المستقيلة إليزابيث بورن، غابرييل عطال، البالغ من العمر 34 عامًا أصغر رئيس وزراء في تاريخ الجمهورية الخامسة الفرنسية، في سعي من الرئيس إيمانويل ماكرون لإعطاء زخم جديد لعهدته الثانية.

وتنتظر عطال العديد من التحديات، والقضايا الشائكة، وعلى رأسها التعليم، وقانون الهجرة، ومشروع إصلاح المساعدات الطبية الحكومية. فيما سيشهد هذا العام الانتخابات الأوروبية في حزيران/يونيو المقبل، مع الصعود القوي لليمين المتطرف.

بدأ عطال حياته السياسية في الأوساط اليسارية المرتبطة بالحزب الاشتراكي، وهو القادم من حركة "المؤيدين الشباب" لدومينيك ستروس، وزير الاقتصاد والشخصية اليسارية البارزة، قبل سقوطه، إثر اعتقاله بتهمة الاعتداء الجنسي على إحدى العاملات في فندق بنيويورك عام 2011.

تنتظر عطال العديد من التحديات، والقضايا الشائكة، وعلى رأسها التعليم، وقانون الهجرة، ومشروع إصلاح المساعدات الطبية الحكومية

وفي خضم إعلان الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون عن مشروعه السياسي عام 2016، ترك عطال الحزب الاشتراكي، وكان أوائل المنظمين إلى الحركة الناشئة لماكرون "إلى الأمام"، التي أخذت تسمية "الجمهورية في المسيرة" لاحقًا، وأصبح الناطق الرسمي باسمها،وعضوًا في المكتب التنفيذي اعتبارًا من عام 2021.

وبعد وصول ماكرون إلى قصر الإليزيه، في عام 2017، انتخب غابرييل عطال نائبًا برلمانيًا عن ضاحية "إيسي-لومولينو" الباريسية وهو بعمر 28 عامًا. 

وامتلك النائب الشاب طموحًا سياسيًا، جعله يستلم منصبًا حكوميًا بعد عام من نيله مقعد في الجمعية العامة (البرلمان الفرنسي)، إذا أصبح كاتبًا للدولة لدى وزير التربية الوطنية والشباب في حكومة ادوارد فيليب الثانية، قبل أن يتم تعيينه بعد ذلك وزيرًا ناطقًا باسم الحكومة.

وفي بداية العهدة الثانية، للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في نيسان/أبريل 2022، واصل غابرييل عطال صعوده، حيث أصبح وزيرًا منتدبًا مكلفًا بالحسابات العامة، وذلك في حكومة رئيسة الوزراء إليزابيث بورن. ودافع بشدة عن مشروع قانون ماكرون المثير للجدل لإصلاح نظام التقاعد.

وفي صيف هذا العام، أصبح غابرييل غابريل عطال، وزيرًا للتربية الوطنية، ومنذ توليه هذه الحقيبة الشائكة بسبب القضايا المثيرة للجدل. لم يستمر وقتًا طويلًا في هذا المنصب لتسلط عليه الأضواء، بعد قراره المثير للجدل على الصعيد السياسي والاجتماعي، بمنع ارتداء التلميذات للعباءة داخل المدارس، بالإضافة لمكافحة التّنمر المدرسي، مع بداية السنة الدراسة الحالية. كما طالب الأساتذة باستعادة "هيبتهم" داخل الصفوف.

وقال في مقابلة تلفزيونية، إنه تعرض للتنمر بسبب ميوله الجنسية المثلية في المدرسة، وأنه كان هدفًا لخطاب الكراهية المعادي للمثليين ومعاداة السامية على وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن أصبح سياسيًا.

getty

وفي حفل تسليم وتسلم المهام بينه وبين إلزابيث بورن، شدد غابرييل عطال في كلمته في باحة قصر "ماتينيون"، مقر الحكومة الفرنسية، على أن "قضية المدرسة هي أولويته المطلقة، وأم المعارك"، وأنها ستكون "بوصلته" التي يحملها معه إلى رئاسة الحكومة. مؤكدًا على أن: "فرنسا لن تكون أبدًا مرادفًا للتراجع، فرنسا ستكون مرادفًا للتحول، فرنسا ستكون مرادفًا للجرأة".

هذا، وفي ردود الفعل على تعيين عطال، انتقد جان لوك ميلونشون، زعيم حزب "فرنسا الأبية" اليساري، والمرشح الرئاسي السابق هذا القرار، وكتب ميلونشون منشورًا في حسابه على منصة "إكس"، جاء فيه: أن "يعود غابرييل عطال كناطق رسمي، منصب رئيس الحكومة يختفي، إذ إن الملك الرئاسي يمارس الحكم مع بطانته... البؤس للشعوب التي يكون حكامها أطفالًا".

بدورها، وصفته رئيسة الكتلة النيابية لحزب "فرنسا الأبية" في الجمعية العموية، ماتيلد بانو، بأنه "ماكرون جونيور [الصغير] متخصص بالغطرسة والازدراء". وفي تصريح للصحافة قالت بانو: "لا يمكن لأحد أن يصدق ولو للحظة واحدة أن تعيين غابرييل عطال سيغير شيئًا بالنسبة لواحد من كل ثلاثة فرنسيين يعانون من الجوع في هذا البلد، وللأطفال الذين ينامون في الشوارع، وللمدارس والمستشفيات العامة التي تعاني الانهيار، وهو ما ساهم فيه عطال إلى حد كبير"، وأضافت: "نحن نطالب بتصويت على الثقة، وإذا رفض السيد عطال الخضوع له، فسنتقدم بطلب حجب. وسنرى بعد ذلك من في الأغلبية ومن في المعارضة".

getty

من جهته، قال الأمين العام للحزب الاشتراكي أوليفيه فور: "لا تحدثوني بعد الآن عن ما يسمى بالجناح اليساري للماكرونية الذي يزعم أن غابرييل عطال أنه يأتي منه. هذا غير موجود: عندما تكون على اليسار، فإنك لا تمرر قانونًا للهجرة يتبنى أطروحات اليمين المتطرف".

أما مسؤولة قطاع الشباب في الحزب الاشتراكي إيما رافوفيتش، فكتب منشورًا على حسابه في منصة "إكس"، جاء فيه: "عطال يصبح أصغر رئيس وزراء للجمهورية الخامسة. ومن خلال التعابير اللغوية، سرعان ما ينسى هذا الماكروني أنه مسؤول عن الهجمات الرهيبة ضد الشباب الفرنسي. تقييم قصير وغير شامل مناهض للشباب".

يعتبر رئيس الحكومة الجديدة مرشحًا يتمتع بالمصداقية لخلافة إيمانويل ماكرون في عام 2027. ففي استطلاع للرأي أجراه معهد "إيفوب" الفرنسي، في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تصدر رئيس الوزراء الجديد صدارة ترتيب الشخصيات المفضلة لدى الفرنسيين لخلافة إيمانويل ماكرون كرئيس للجمهورية

من جهتها، تساءلت زعيمة حزب اليمين المتطرف مارين لوبن في منشور بصفحتها على منصة "إكس" عما يمكن أن "يأمله الفرنسيون من رابع رئيس للحكومة وخامس حكومة في سبع سنوات؟ لا شيء... إنهم ينتظرون مشروعًا يجعلهم في قلب أولويات السياسة العامة، والطريق إلى ذلك يمر في 9 حزيزان/يونيو" مع موعد الانتخابات البرلمانية الأوروبية.

على صعيد آخر، يعتبر رئيس الحكومة الجديدة مرشحًا يتمتع بالمصداقية لخلافة إيمانويل ماكرون في عام 2027. ففي استطلاع للرأي أجراه معهد "إيفوب" الفرنسي، في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تصدر رئيس الوزراء الجديد صدارة ترتيب الشخصيات المفضلة لدى الفرنسيين لخلافة إيمانويل ماكرون كرئيس للجمهورية، في عام 2027، متقدمًا بفارق طفيف على رئيس الوزراء السابق إدوارد فيليب، الذي كان يتصدر استطلاعات الرأي السابقة لدى الفرنسيين لقيادة البلاد بعد ماكرون.

وبالنسبة للمراقبين، يُذكّر صعود غابرييل عطال السريع والبارز، بصعود إيمانويل ماكرون، الذي وصل لقصر الإليزيه كأصغر رئيس في تاريخ الجمهورية الخامسة الفرنسية.