16-أكتوبر-2017

احتجاجات ضد التدخل الإيراني المتصاعد في سوريا في ديسمبر 2016 (صورة أرشيفية/أوزان كوز/أ.ف.ب)

"الممانعة"، كما يطلقون عليها، هي العنوان الأبرز لأي خطاب سوري إيراني مشترك، وهي القاسم المشترك الوحيد الذي يبدو بين دولتين لا تربطهما أي علاقات تعاون حقيقية بعيداً عن السلاح فحجم التبادل الاقتصادي بين سوريا وإيران هو الأضعف، والفستق والمن والسلوى هما السلعتان الوحيدتان اللتان كانتا علامة ماركة إيرانية مسجلة في أسواق سوريا.

بعد التدخل الإيراني سياسيًا واقتصاديًا في سوريا، تتجه إيران نحو إكمال دورة التغلغل بالحياة العامة السورية عبر الإنتاج الدرامي

ومع زيادة التدخل الإيراني في الشأن السوري وسيطرتها الميدانية على الأرض السورية ومفاصل النظام، بدأت إيران بالبحث عن مصالحها الاقتصادية عبر إغراق الخزينة بسلسلة من القروض والديون وصلت إلى المليارات، وهذا ما سهل عليها المطالبة باستثمارات موازية لتلك القروض.. واستعراض هذا الملمح الاقتصادي هو للتدليل على مدى هشاشة العلاقة بين البلدين باستثناء بروباغندا المقاومة المعلنة.

ومنذ أيام قليلة، برز جانب جديد من التعاون ليكمل دورة التغلغل الإيراني بالحياة العامة السورية، وهذه المرة في الشأن الثقافي والإعلامي والفني، ويبدو الجانب الأخير هو المقصود فيما تم الاتفاق عليه، وخلال السنوات الطويلة من عمر العلاقة الثقافية بين الدولتين استطاعت المستشارية الإيرانية اجتذاب مجموعة من المثقفين السوريين والفلسطينيين وإشراكهم في ندوات ودعم مشاريعهم الفكرية، وقبول عدد من الطلبة في جامعاتها وهو ما كان غير قادر على إحداث أثر كبير لدى السوريين، ولكن مع بدء المقتلة السورية تعاظم هذا الدور بشكل واسع ليشمل دعم فعاليات مثل يوم الأرض ويوم القدس وكل ما يتعلق بـ"المقاومات" المدعومة إيرانياً.

اقرأ/ي أيضًا: روسيا في لبنان.. السينما بوابة سياسية أيضًا

الاتفاقية الجديدة وفق وزير الإعلام السوري، وهو مما نشرته وكالة أنباء النظام، هي تتعلق بـ"أهمية تعزيز التعاون المشترك مع إيران في مجال العمل الإعلامي ولا سيما فيما يخص الدعم التقني والإنتاج الدرامي والعمل على إيجاد وسائل تدعم الإنتاج الدرامي السوري".

تفاصيل الاتفاق وفق وزير إعلام النظام: "الاتفاق مبدئيًا على إنتاج عملين في مجال الدراما سيتم الإعلان عنهما قريبًا بعد وضع اللمسات الأخيرة عليهما"، وأما ما هو مستقبلي فهو "دراسة أكثر من مشروع وطرح مجموعة أفكار لتبنيها في المستقبل بما يخدم قضايا البلدين ومحور المقاومة ومواجهة المخطط التكفيري الذي تتعرض له المنطقة"، طبعًا حسب وزير إعلام النظام.

القصة باختصار إذًأ إنتاج درامي لا يتجاوز أحلام الإيرانيين في دراما متوافقة مع المنظومة الفكرية والدعوية المظلومية من أجل خلق جيل متوافق مع ما يجري على الأرض من لطميات باتت تزعج الدمشقيين وتبدل من مزاجهم المعتدل.

من المؤكد أن الإيرانيين الكبار، من أمثال مجيد مجيدي وأصغر فرهادي، لن يكونوا مدربين لمخرجي السينما السورية، التي لا تنتج عبر مؤسستها العامة أكثر من فيلم واحد في العام وتوقفت عنه أثناء الحرب.

أيضاً لن تستفيد الدراما التلفزيونية المتطورة من دراما اللطميات وقصص الأنبياء وهي التي وصلت إلى سدة الإنتاج العربي وتسيدته قبل الحرب بسنوات.

وعن الفهم الرسمي للاتفاق مع إيران إعلامياً وفنياً، يرى رامز ترجمان، وزير إعلام النظام، أنه يأتي من أجل دعم وجهة النظر الرسمية فيما يجري على الأرض السورية: "حرص الدولة على تقديم الدعم اللازم للدراما ومؤسسة الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني باعتبار الدراما داعمًا رئيسيًا للإعلام في نقل حقيقة ما يجري في سوريا إلى العالم إضافة إلى دورها الفاعل والمؤثر في مواجهة الحرب على سوريا".

أما كيف رأى السوريون، مؤيدون للنظام ومعارضون، هذا التعاون، فالتعليقات حسب ما تم نشره على مواقع التواصل تصب بالسخرية من الدراما الإيرانية ونتاجها وبعضهم إنهال بالسباب على إيران التي لم تساعد فريق كرة القدم بالوصول إلى كأس العالم، كما قالوا، بل على العكس شمتت بالهزيمة أمام أستراليا.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا لم نتعاطف مع المنتخب السوري؟

يرى معظم السوريين في الاتفاق الدرامي والإعلامي مع إيران تعزيزًا لاحتلالها ولا يعكس أي فائدة للدراما السورية

معارضون وصفوا الاتفاق بأنه تعزيز للاحتلال الإيراني، وأنه مقدمة لدخول اللغة الإيرانية في المناهج السورية: "قصدك دراما سورية بنكهة احتلال إيراني.. بلشت مظاهر الاحتلال بكرة كمان ينزلوا اللغة الإيرانية لغة ثانية".

[[{"fid":"91256","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"تفاعل السوريين على مواقع التواصل ","field_file_image_title_text[und][0][value]":"تفاعل السوريين على مواقع التواصل "},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"تفاعل السوريين على مواقع التواصل ","field_file_image_title_text[und][0][value]":"تفاعل السوريين على مواقع التواصل "}},"link_text":null,"attributes":{"alt":"تفاعل السوريين على مواقع التواصل ","title":"تفاعل السوريين على مواقع التواصل ","height":448,"width":500,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

ذهب البعض إلى تصوير التدخل إلى أنه جزء من الضريبة السياسية التي يتم دفعها للرعاة العسكريين والسياسيين: "سوريا لبنانية عراقية إيرانية روسية صينية". معلق آخر سخر بالقول إن الشراكة دراميًا مع الروس أفضل من الإيرانيين لأن الجمال الروسي يسعده: "ليش مو دراما روسية يعني؟... كنا نبسطنا شوي عالقليلة". وآخر رأى أن هذا الاتفاق الدرامي يعني أننا سنرى دراما سورية محشوة باللطميات: "معناها اللطميات رح تعبي المسلسلات...شر البلية ما يضحك الله يصطفل فيكن بس".

نظرة أبعد قليلًا تحدث بها البعض عن صناعة دراما طائفية سورية إيرانية مشتركة مع بعض الممثلين السوريين الذين لا عمل لهم ولا نجومية: "أكيد رح تكون دراما طائفية تحتوي على الممثلين السوريين اللي ما حدا شايلهن من أرضن ورضيان يعطيهن أدوار وقاعدين لا شغلة ولا عملة".

وفي جميع الأحوال، أغلب الآراء مالت إلى التسمية الواضحة لهكذا اتفاقات على أنها ليست اتفاقيات للتعاون إنما تكريس للاحتلال وطالبوا بخروج الإيرانيين من سوريا: "إيران احتلتنا وانتهى..اطلعوا من أرضنا وحياتنا".

 

اقرأ/ي أيضًا:

نهاد علاء الدين.. بطلة الإغراء السورية التي نسيتها الأضواء

دراما الثورة السورية (1).. سنعود بعد قليل