16-أغسطس-2021

مشهد من مدرسة ثانوية في ويلز (Getty)

تستمر الفتيات في التفوق على الفتيان في الاختبارات التعليمية في المملكة المتحدة حيث يتم منح الطلاب مؤهلات بناء على تقييمات المعلمين بعد إلغاء الامتحانات بسبب جائحة كوفيد-19. في العام الماضي، حصدت نسبة 30% من الفتيات على الدرجة السابعة على الأقل، مقارنة بـ 24% لدى الذكور. وبتحليل هذه الأرقام، رأى خبراء التعليم أنه ربما تكون الفتيات أكثر ذكاء من الصبيان وذلك بعد ارتفاع الفجوة بين الجنسين، فقد حصدت الفتيات أعلى العلامات الدراسية بحوالي 9 نقاط مئوية هذا العام متقدمة على الذكور، بحسب ما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية.

تسببت جائحة كوفيد -19 في تدهور عام في ظروف ومستويات التعليم وأدت إلى اتساع الفجوة الجندرية والجغرافية فيما يرتبط بجودة التعليم ووفرته

ووفقًا لتقرير صادر عن مركز أبحاث التعليم والتوظيف (CEER)، فإن الفجوة الآن "كبيرة بشكل غير عادي مقارنة بالاختلافات في العقد الماضي". وقال مدير مركز أبحاث التعليم والتوظيف في جامعة باكنغهام، البروفيسور آلان سميثرز، في دراسته، بأن أداء الفتيات كان مذهلًا منذ تفعيل شهادة الثانوية العامة في عام 1988. الدراسة تحمل عنوان "GCSE 2021: سنة أخرى من تقييم المعلم"، جاء فيها "لقد كانت الإناث وما زلن متفوقات بشكل عام وفي معظم المواد التعليمية بهامش كبير، وهذا ليس سوى جانب واحد من هيمنة الإناث في التعليم".

اقرأ/ي أيضًا: اللبنانيون يحمّلون دولتهم مسؤولية انفجار عكار

وأضاف البروفيسور سميثرز الذي أعد الدراسة "هذا المدى من تفوق الفتيات على الشبان يجعل المرء يتساءل عما إذا كن أكثر ذكاء"، وتابع قائلًا "البيانات التي تظهر مدى تحسن أداء الفتيات في التعليم نادرًا ما تؤخذ على محمل الجد، وبدلًا من ذلك يتم تفسيرها بعيدًا عن المنحى الأساسي لها". ويضرب سميثرز مثالًا على هذه الحالة بالقول "عندما تبين أن أداء الفتيات كان أفضل في أكثر من 11 اختبارًا، تم تفسير ذلك على أنهن ينضجن بشكل أسرع". ويضاف إلى ذلك عدة تبريرات أخرى لتفسير تقدم الفتيات على الشبان في التقييمات التي يجريها المعلمون ومنها تغيير المنهج التعليمي في الاختبارات. وأشار سميثرز إلى وجود آراء لدى المعلمين تميل إلى تفضيل جندري كتفسير لسبب تقدم الفتيات على الشبان مرة أخرى في اختبارات هذا العام.

وتساءل سميثرز عن سبب صعوبة قبول كون الإناث أكثر ذكاء، فقال بأن هناك تفسيران محتملان، أحدهما أن الفتيات "يملن إلى التلاشي من الحياة المهنية في سن البلوغ على الرغم من أدائهن الجيد في المدرسة"، وتابع شرحه بالقول "لكن على الأرجح يكمن السبب في الدور الذي رسمه المجتمع لهن". غير أن سميثرز أكد أنه لحسن الحظ، تغير السيناريو اليوم وأصبح بإمكان الفتيات والنساء تطوير مواهبهن بالكامل والتقدم إلى حيث ستأخذهن هذه المواهب، بحسب ما نقل موقع كيو نيوز كرانش.

ويسيطر الرجال على جميع مجالات الحياة العامة مع تمثيل المرأة تمثيلًا ناقصًا في المناصب العليا في السياسة، والطب، والتمويل، والقانون، والنقابات، والخدمة المدنية، والقطاع الخيري، والهيئات الرياضية، وأكثر من ذلك. لكن هذه التفاوتات بين الجنسين لا تظهر على الفور، حيث رجحت الأخبار الأخيرة تقدم الفتيات على الشبان في أعلى نتائج اختبارات GCSE. وقد أفادت صحيفة الإندبندنت البريطانية في تقريرها حول الموضوع بالقول "تقدمت الفتيات بفارق كبير في العديد من الموضوعات الشائعة، مثل الهندسة 32.8 نقطة مئوية، والفن والتصميم 20.6 نقطة مئوية، والتصميم والتكنولوجيا 18.6 نقطة مئوية، إضافة إلى عدد آخر من الموضوعات. وفي المقابل، احتل الشبان المرتبة الأولى في 4 مواد فقط وبفارق ضئيل عن الفتيات.

وتناولت صحيفة الغارديان المسألة في تقريرها بالقول "في التعليم الرسمي تتفوق الإناث على الذكور في كل مستوى وفي كل فئة عمرية، ويحدث هذا ليس فقط في المملكة المتحدة ولكن في كل دولة متقدمة، مع استثناءات قليلة"، ويضيف التقرير "هل يعني ذلك، كما اقترح أحد المعلقين، أن الفتيات ببساطة أكثر ذكاء؟ لا، فحسب الأكاديميين الإجابة هي شبكة أكثر تعقيدًا من المواقف والعوامل الاجتماعية التي تفسر سبب أداء الطلاب". وقالت المعلمة جيني جولدينج "إن تحسن الأداء أظهر أعلى الدرجات من قبل الفتيات هذا العام بعد استبدال الامتحانات الرسمية بتقييم المعلمين بسبب الوباء المنتشر، ومن المرجح أن تستفيد الفتيات أكثر من الشبان من هذا التعديل"، وأضافت "الشيء الذي أعرفه من كوني معلمة رياضيات، ولدي 35 عامًا من التدريس، هو أن الفتيات عادة سيعملن بشكل أكثر ثباتًا لإثبات أنفسهن داخل الصف". ويذهب التقرير إلى شرح العوامل النفسية والعصبية والجنسانية والاجتماعية المحددة لهذه الفروقات.

وأشار تقرير بي بي سي إلى أنه حين تنحسر العاصفة التي خلفها وباء كورونا على التعليم فإن النتائج ستظهر بشكل جلي وستتضح الفجوة الكبيرة على الصعد كافة. ويشير التقرير بالقول "أولئك الذين تقدموا في درجاتهم التعليمية  قبل الوباء سوف يتقدمون أكثر الآن، بينما الذين خسروا درجات من قبل الوباء سوف تتراجع درجاتهم أكثر. ورأى التقرير أن "سنوات من العمل بغية تقليص فجوة التحصيل العلمي سرعان ما انهارت، حيث كشفت نتائج الامتحانات عن اتساع طويل الأمد وعميق الجذور لعدم المساواة". وبحسب التقرير، فالفروقات ليست بين الجنسين فقط، بل بين المدارس العامة والخاصة أيضًا، وكذلك جغرافيًا حيث تبين ازدياد الانقسام الإقليمي، مع تقدم لندن بشكل أكبر على أجزاء من شمال إنجلترا ووجود فجوة واسعة بين الشمال والجنوب. ووفقًا لمفوض التعليم السابق في إنجلترا، كيفان كولينز، فإن "هذه الانقسامات ليست ظاهرة عابرة مؤقتة سوف تتلاشى بسهولة".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

إدانة بريطانية لقرار موسكو بطرد صحفية في "بي بي سي"

حكومة نيكاراغوا تقيد حرية الصحافة من خلال احتجاز ورق طباعة الصحف