10-نوفمبر-2017

إحدى الوقفات الاحتجاجية لنقابات التعليم في المغرب تنديدًا بالاعتداءات على الأساتذة (فيسبوك)

لا حديث وسط المغاربة هذه الأيام سوى عن الإضرابات التي أعلن عنها رجال ونساء التعليم بالمغرب، بعد سلسلة من الاعتداءات التي تعرضوا لها من طرف تلاميذهم، في أقل من أسبوع واحد وفي عدد من المدن المغربية. وكانت هذه الإضرابات بدعوة من ثلاث نقابات تعليمية رئيسية، هي الجامعة الوطنية للتعليم، والجامعة الوطنية لموظفي التعليم، والجامعة الحرة للتعليم.

يعرف المغرب مؤخرًا احتجاجات عارمة في صفوف الأساتذة والمعلمين بعد تكرر اعتداءات التلاميذ عليهم وفي ظل خطاب مهين من السلطة

وأكدت هذه النقابات، في بيان اطلع "الترا صوت" على نسخة منه، أن الاعتداءات ضد الأساتذة هي "نتيجة طبيعية وإفراز موضوعي لاستمرار الخطاب الرسمي في إهانة الأسرة التعليمية وتبخيس دورها في المجتمع، والإمعان في تكريس أزمتها الاجتماعية والمهنية والإدارية والتربوية"، رافضة "منطق الإساءة لنساء ورجال التعليم تحت طائلة أي مبرر".

اقرا/ي أيضًا:  عنف متجدد في المؤسسات التعليمية المغربية..إلى متى؟

 

ووصفت النقابات التعليمية ذاتها ما يحصل من اعتداءات على المدرسين بـ"الحملة الممنهجة.. والتي يتم الترويج لها لتحميلهم إفلاس المنظومة باستهداف كرامة المدرس والمس بمكانته الرمزية داخل المجتمع المغربي". وقد تفاجأ المغاربة بأربع حالات اعتداء خلال هذا الأسبوع على مدرسين، وتم تداول أشرطة فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي توثق اعتداء التلاميذ على الأساتذة.

تعتبر النقابات التعليمية أن الاعتداءات على المدرسين تندرج ضمن حملة ممنهجة لتحميلهم إفلاس المنظومة التعليمية العمومية

 

 

وفي هذا السياق، تقول لطيفة بوعبيد، أخصائية تربوية ضمن حديثها لـ"ألترا صوت"، أن تنامي حالات الاعتداءات على رجال التعليم، يدل على "أن المدرسة ليست بمعزل عن المجتمع، الذي يعاني هو الآخر من ظاهرة العنف التي أصبحت تجتاح العديد من الفضاءات العمومية بالمغرب". وشددت الأخصائية لطيف بوعبيد على أنه يجب الاعتراف أن هذه الاعتداءات تدل على "فشل المدرسة المغربية في تربية التلاميذ لأن دورها ليس تعليميًا فقط بل تربوي".

اقرا/ي أيضًا: العنف الأسري في المغرب.. ضد الرجال أيضًا

وأشارت إلى أنه "يجب التفكير في حلول مستعجلة لمحاصرة هذه الظاهرة كـ"توظيف أخصائيين نفسيين واجتماعيين في الوسط المدرسي"، للاهتمام بالصحة النفسية للتلاميذ، الذين يعانون من ضغط المقررات وعديد المشاكل في حياتهم الخاصة خارج المدرسة. دون أن ننسى أن "الفشل الدراسي والتسرب يمكن أن يكون أيضًا من أسباب تطور ظاهرة العنف، إضافة إلى عوامل أخرى مثل الاكتظاظ والتي تتحمل فيه وزارة التعليم كامل المسؤولية في ذلك"، وفقًا لتعبيرها.

وأضافت الأخصائية التربوية، أنه "كلما كان التلميذ يعاني من الضغط وكثرة الامتحانات والمقررات، كان أكثر ميلًا لتبني سلوكيات عدوانية"، مستطردة "العنف الممارس من طرف التلاميذ هو رد فعل طبيعي تجاه مدرسة عمومية غالبًا ما تكون غير منصفة، اكتفت بالدور المعرفي، ولا توفر لجميع التلاميذ البيئة المطلوبة وفرص النجاح والأنشطة الموازية".

ومن جهته، يؤكد مصطفى المرابط، باحث في علم الاجتماع، أنه لم يتفاجأ من حالات الاعتداءات المتكررة خلال هذا الأسبوع على المعلمين من طرف التلاميذ، وذكر ضمن حديثه لـ"ألترا صوت"، أن "الشباب المغربي أصبح يعيش ضياعًا واضحًا، وما حالات الاعتداء سوى رد فعل طبيعي لتقليص أدوار كل من  المدرسة والأسرة". مؤكدًا "أصبح دور المدرسة مقتصرًا فقط على الوظيفة التعليمية، أما دور الأسرة فبعدما كان متعلقًا بالتربية والتنشئة أساسًا أصبح مقتصرًا فقط على توفير الأكل والمرقد للطفل"، وفقاً لتعبيره.

واعتبر الباحث في علم الاجتماع أنه "يجب على النشطاء دق ناقوس خطر لإعادة النظر في أسس المنظومة القيمية والتربوية، والاعتراف بأن منظومة التعليم بالمغرب فشلت في حماية التلاميذ من العنف قبل إجراء المراجعات ونقاش الحلول".

 

اقرا/ي أيضًا:

المغرب.. موجة غضب ضد "ماكياج" العنف المنزلي

التلميذ الجزائري.. كل هذا العنف من أين؟