10-مارس-2023
getty

استنكرت الأحزاب السياسية التونسية قرار سعيّد (Getty)

يستمر الرئيس التونسي قيس سعيّد، في السعي إلى استكمال مساره في جمع كافة السلطات والصلاحيات في يده، وذلك بعد انقلاب تموز/ يوليو 2021، حيث قرر سعيّد خلال اجتماع لمجلس الوزراء حل كافة المجالس البلدية وتعويضها بنيابات خصوصية، قبل حوالي ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات البلدية في تونس.

قرر سعيّد خلال اجتماع لمجلس الوزراء حل كافة المجالس البلدية وتعويضها بنيابات خصوصية، قبل حوالي ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات البلدية في تونس

وفي مقطع مصور نشره الموقع الرسمي للرئاسة التونسية، أمس الخميس، هاجم سعيّد مجددًا معارضيه، قائلًا: "المعركة التي نقودها بالقانون ضد الذين عاثوا في البلاد فسادًا ستستمر بنفس القوة وبنفس العزم". وانتقد سعيّد المظاهرات التي تنظمها الأحزاب والجبهات المعارضة لخطواته الانقلابية خلال خطابه.

صدور المرسوم

وصدر المرسوم القاضي بحل المجالس البلدية في الجريدة الرسمية، ونص المرسوم على "إسناد مهمة تسيير المجالس البلدية المؤقتة إلى الكتّاب العامين للبلديات تحت إشراف الوالي، إلى حين انتخاب مجالس بلدية جديدة".

ومن بين التعديلات الواردة في المرسوم أنه "يُمنع من ترشح المناصب المسؤولة الحكومية من وزراء ومحافظين وقضاة، إضافة إلى رؤساء الجمعيات الرياضية، ويحق الترشح لعضوية المجلس البلدي لكل ناخب تونسي غير حامل لجنسية ثانية ويبلغ من العمر 20 عامًا عند تاريخ الترشح". 

اقرأ/ي: 

الرئيس والمعارضة واتحاد الشغل.. معركة "كسر العظام" تبلغ أوجها

 

كما ينص المرسوم على أن يتم اختيار "رئيس المجلس البلدي ومساعده الأول وفق عدد الأصوات الحاصل عليها كل مترشح". وهو بخلاف  القانون القديم الذي ينص على انتخاب رئيس المجلس البلدي من قبل الأعضاء المنتخبين. ووفقًا للمرسوم، تجرى الانتخابات في دورة واحدة ولمدة نيابية تمتد إلى خمس سنوات.

كما أوردت الجريدة دعوة لأعضاء مجلس نواب الشعب لحضور الجلسة الافتتاحية العامة الإثنين المقبل، في أول دعوة لعقد البرلمان التونسي الجديد الذي جاء عبر انتخابات شهدت مقاطعة واسعة من معظم الأحزاب التونسية.

رفض القرار

وعارضت معظم الأحزاب والفعاليات التونسية قرار سعيّد. واستنكرت حركة النهضة التونسية القرار، معتبرةً أن القرار يأتي "بقصد توظيفه في صرف أنظار الرأي العام عن الأزمات المتعددة وخاصة ما خلقه خطاب العنصرية ضد الأفارقة من تداعيات سلبية على العلاقات الدبلوماسية، وهو ما يؤكد مواصلة سلطة الانقلاب في هدم كل مكتسبات الثورة كالحكم المحلي الذي يكرس سياسة القرب والتدبير الحر والتمييز الايجابي للجهات في مقابل الإمعان في تركيز مشروع قيس سعيد في البناء القاعدي الهلامي وآليات فرز متخلفة مثل اعتماد القرعة عوض الوعي الديمقراطي وآلية الانتخاب".

اقرأ/ي:  قرار بحلّ المجالس البلدية.. هل انتهى مسار اللامركزية في تونس؟

واعتبرت منظّمة أنا يقظ التونسية القرار "هدمًا لمسار انطلق منذ خمس سنوات استثمرت فيه الدولة من أموال دافعي الضرائب بهدف تقليص الهوّة بين المواطن والدولة وتقريب الخدمات منه عملًا بمبدأ التفريع". وأضافت: "الرئيس استكمل مسار وضع اليد على مؤسسات الجمهوريّة الثانية بإعلانه حلّ المجالس البلديّة المنتخبة سنة 2018 بنسبة مشاركة 35.6% قبل شهرين من انتهاء المدّة النيابيّة". 

ودعت منظّمة أنا يقظ المجالس البلديّة إلى "الطعن في هذا الإجراء أمام المحكمة الإدارية عملًا بأحكام الفصل 204 من مجلّة الجماعات المحليّة الّذي ينصّ على أنّه (يمكن لرئيس الجماعة أو لثلث أعضاء المجلس الطعن في قرارات الإيقاف أو الحل أمام المحكمة الإدارية الابتدائية المختصة. وللمعنيين طلب توقيف تنفيذ القرارات المذكورة في أجل خمسة أيام من تاريخ إعلامهم بالقرارات)".

وقال منسق ائتلاف "صمود" حسام الحامّي، على فيسبوك: "السلطة ماضية في تفكيك دولة القانون"، وأضاف "حل كل المجالس البلدية المنتخبة وتعويضها بمجالس خصوصية معينة بجرة قلم، يبين أن السلطة القائمة لا تعترف بالمشروعية الشعبية ولا بأي شرعية سابقة أو لاحقة وكل مؤسسات الدولة التي سوف يقع تركيزها، سوف تكون موالية لرئيس الجمهوريّة، ويكون له الآليات القانونية التي تمكنه من حلها إذا لم تكن كذلك".

وهو ما عبر عنه القاضي العفيف الجعيدي، الذي كتب "حل البلديات ... فعل هدم جديد"، وفي منشور لاحق قال: "البلديات في إدارتها الديمقراطية تعني صناعة نخبة سياسية تنطلق مسيرتها من مناطقها، ويعرفها الناس بإنجازاتها ...  كان رؤساء البلديات وأعضاء مجالسها في تنافسهم مشروع إصلاح واعد للمشهد السياسي الديموقراطي". 

استنكرت حركة النهضة التونسية القرار، معتبرةً أن القرار يأتي بقصد توظيفه في صرف أنظار الرأي العام عن الأزمات المتعددة

وأضاف "العصف بمجالسهم قد لا يضر كثيرًا بالأداء اليومي للبلديات في أدوارها الكلاسيكية، لكنه سينهي للأبد فكرة المبادرة ومحاولة التطوير وصناعة التغيير بإمكانيات محدودة ...و هو في ذلك يدفن  فرصة تطوير سياسي ديمقراطي حقيقي".