05-مارس-2016

طلبة من مساندي حزب الوفد في احتجاجات في القاهرة سنة 1936(Getty)

قصة الطلاب مع القصر الملكي والاستعمار، الحكاية التي تبدأ من القصر ولا تنتهي فيه. وبما أننا في شهر آذار/مارس حيث قصة خضوع الجامعة والكفاح المستمر لاستقلال المنظومة الأكاديمية، اخترت أن أعرض لكم هذا الكتاب الذي يلخص قصة بداية تبعية الجامعة للمنظومة الحكومية في مصر وقصص المحاولات الطويلة للتحلل من تلك التبعية.

سعت مؤسسة القصر في مصر إلى كسب الطلاب خلال صراعها مع حزب الوفد نظرًا لقدرة الطلبة على تغيير مسار الأحداث

ألف الراحل أحمد عبد الله كتابًا بعنوان "الطلبة والسياسة في مصر"، يتناول فيه المؤلف الواقع السياسي المصري من خلال بوابة المجتمع الطلابي. الكتاب ممتع وشيق ومليء بالتفاصيل المهمة للباحثين على مدار فترة طويلة، تمتد من العشرينيات وحتى منتصف الثمانينيات، وترجمته من الإنجليزية كانت على يد زوجته السيدة إكرام يوسف أحد أبرز الوجوه اليسارية في مصر.

اقرأ/ي أيضًا: يوم الطالب العالمي.. ذكرى للنضال

الطلاب والقصر الملكي

يقول أحمد عبد الله إن "مؤسسة القصر الأتوقراطية كانت تبحث عن تأييد الطلاب نظرًا لكونهم قوة وقتئذ قادرة على تغيير مسار الأحداث". ويتحدث عبد الله في هذه المرحلة عن اللعب بورقة الطلاب بين حكومة الملك وحزب الوفد، وكيف أن القصر كان يحاول بشتى الطرق استمالة الطلاب وتحريضهم ضد حكومة الوفد وقتها لدرجة جعلت حكومة الوفد تسعى إلى استصدار قانون لتخفيض درجات النجاح الصغرى في الامتحانات، وكيف أن الملك رفض التصديق على هذا القانون، وحاول البلاط أن يظهر لينًا واضحًا في التعامل مع الطلبة، ووصل الأمر إلى درجة الإفراج عن الطلبة في انتفاضة عام 1936 دون التحقيق في التهم المنسوبة إليهم.

أما بالنسبة للأزهر فقد شكل، حسب أحمد عبد الله، مركز التأييد الرئيس للقصر، وهو يرى أن هذا الأمر لم يكن غريبًا، في ظل الطبيعة المحافظة للأزهر، التي كانت ترى في الملك خليفة، خاصة بعد أن أنهى أتاتورك الخلافة في تركيا. كانت التماسات طلاب الأزهر تُرفع مباشرة إلى الملك بدلًا من الحكومة، كما كانت تهاني الطلبة للملك تُرفع إلى الملك مباشرة وقد ساند القصر الأزهر عندما عارض محاولات الحكومة دمجه ضمن وزارة التعليم .

الطلاب والإدارة الحكومية

كان الأزهر في مصر مركز التأييد الرئيس لمؤسسة القصر، الذي كان يرى فيها الخليفة خاصة بعد إنهاء الخلافة في تركيا

كان السياسيون يفضلون طبخ سياستهم قبل العام الدراسي، وفي ذلك يشير أحمد عبد الله إلى سعي صدقي باشا، رئيس وزراء الحكومة عام 1946، إلى التوصل لاتفاق جديد مع بريطانيا لضمان الجلاء قبل بداية العام الدراسي، وأقر السفير البريطاني هذا الإجراء بقوله: "توضح التقارير الضرورة العاجلة للتعامل مع المسألة الطلابية بصورة جذرية. فإذا لم يفرض على الطلبة أن يقفوا عند حدودهم فلن يكون من الممكن إيجاد حكومة مستقرة أو إقرار علاقات إنجليزية مصرية هادئة".

وقد حمل تقرير شامل إلى وزارة الداخلية سبل التعامل مع الحركة الطلابية، وأشار التقرير إلى بديلين للتعامل إما القمع وهو الحل الأمني المعتاد وإما صرفها إلى مسارات أخرى كالرياضة والثقافة والاهتمامات الفكرية شريطة أن تكون بعيدة عن الحياة السياسية والحزبية.

اقرأ/ي أيضًا: الفصل التعسفي.. سلاح السلطة في وجه طلاب مصر

وقد جاء التنفيذ الفعلي لهذين الخيارين على هيئة مزيج بينهما، فكان المستهدف الطبيعي الاستقلال الأكاديمي للجامعة، حيث أصبح وزير التعليم بحكم منصبه رئيسًا أعلى للجامعة، والمسؤول الإداري الأعلى، أي صار رئيس الجامعة تابعًا للوزير ويتم تعيينه بمرسوم ملكي بناء على توصية الوزير، بالإضافة إلى أن خمسة من الأساتذة من أعضاء مجلس الجامعة يعينون بالتزكية من الوزير أيضًا، وتحول الأساتذة والمدرسون إلى موظفين مدنيين يعينون ويفصلون بواسطة الوزير ويخضعون أيضًا لإجراءات تأديبية صيغت في لوائح خاصة، كما تمول الجامعة من الميزانية العامة للدولة، فهل تتخيلون كم أصبحت السيطرة محكمة وبالقانون أيضًا؟

اقرأ/ي أيضًا:

القوى الطلابية المصرية في مواجهة الانتهاكات

الحراك الطلابي في مصر..هل انتهى؟