09-أكتوبر-2015

بالقرب من معسكر بيت إيل (الأناضول)

سيكون اليوم الجمعة طويلا ومزدحما، تكثيف أسبوع من المواجهات المفتوحة مع الاحتلال في الضفة والقدس والأرض المحتلة 1948، الدعوات للمظاهرات والمواجهات تملأ الأرجاء، والشهداء يطلبون الشهداء. يمكن أن تكون هذه انتفاضة السكاكين بكل مباشرة، وقبل ذلك انتفاضة الشعب دون فصائل ولا قيادة ولا نخب، بل انتفاضة الشباب الفلسطيني الخارج من الجامعات والمدارس إلى نقاط المواجهة لا يردعه شيء، الكل متأخر إلا الشابات والشبان، والصور بكامل الألوان تظهر تقدمهم وتأخر الجميع.

أسبوع دامٍ، من دم الفلسطينيين ودم أعدائهم، والمواجهة مفتوحة وكل جمعة تأتي تزيد المواجهة قوة واتساعا، أما من ينتظرون أن يخرج قرار ما ليقول إنها "انتفاضة" فسينتظرون طويلا.

تتضارب التكهنات وتتباين التوقعات، أما ما يمكن اقتراحه هنا كمحددين أساسيين لإمكانية تصاعد الموجة الحالية فهما: ارتقاء أعداد أكبر من الشهداء، وتطور أساليب المواجهة وتعددها.

 الواضح الآن أن قرار الاحتلال بالتصعيد في القدس اتخذ، أما الضفة فلا تزال الأمور غير واضحة تماما

العلاقة بين ارتقاء الشهداء وحدة المواجهات باتجاهين، وهذا واضح بخبرة الفلسطينيين ونضالهم، والدم محدد رئيس لانخراط فئات أكبر في المواجهات، وانخراط فئات عمرية أكبر في الحراك الشعبي بمجمله. ومن الواضح أن جيش الاحتلال يدرك ذلك ويعمد إلى أساليب الاعتقال والتنكيل وقمع التظاهرات مع تجنب سقوط شهداء، لأن هذا يعني موجة جديدة من المواجهات، إلا أن المواجهات العنيفة تحرم جنود الاحتلال من السيطرة على الحال القائمة وتؤدي إلى سقوط الشهداء إثر تهديد الاحتلال وجنوده. طبعا هذا في حال وجود قرار إسرائيلي بعدم التوسع في استخدام العنف، وربما يتبدل الحال على نقاط التماس في الأيام القادمة، الواضح الآن أن قرار التصعيد في القدس اتخذ، أما الضفة فلا تزال الأمور غير واضحة تماما.

اقرأ/ي أيضًا: غزة.. العين على الضفة

المحدد الثاني هو تطور أساليب المواجهة، وهذا واضح في تصاعد عمليات الطعن، فهي المحرك الرئيس لما جري ويجري في الأيام الماضية، وتحمل نموذجا متقدما على المواجهات عند نقاط التماس، وليست كالعمل المسلح الذي يسهم في تحييد عموم الجماهير عن المشاركة، بل على العكس تبدو محرضة على مزيد من الفعل المقاوم بالإمكانيات المتوفرة. المهم هنا أن تطور أساليب المواجهة لا يمكن التنبؤ بشكله أو نوعه وهو متروك لما يوفره الواقع من إمكانيات، إلا أن ملامح أساليب ومستويات جديدة في المواجهة بدأت تتضح، مثل مهاجمة المستوطنين وقطع الطرق عليهم، واللجوء إلى أشكال أولوية من التنظيم في المخيمات والقرى والأحياء بين الشبان وتنظيم حركتهم وطريقتهم في خوض المواجهات مع الاحتلال.

حتى الآن لا يبدو أن هنالك قرارا إسرائيليا واضحا اتخذ بشأن كيفية مواجهة الأحداث، والتخبط واضح في بيان نتنياهو أمس وتركيزه على متابعة وسائل التواصل الاجتماعي، شيء يذكر بالدكتاتوريات العربية وتعاملها مع فيسبوك أول الثورات. وكذلك الحال مع السلطة الفلسطينية فحديث أبو مازن عن عدم الانجرار للعنف لا يبدو متعلقا بالسلطة، بقدر ما يبدو وكأنه توصية للشباب الغاضب من السلطة التي لا يأبهون بها كما هو واضح. وصمت السلطة أو وقوفها على الحياد مريب ولا يبدو أنه سيستمر، والسلطة لديها الكثير من الأدوات للتضييق على حركة الجماهير، في حين لا يبدو أنها احتفظت بأي أداة من أدوات التصعيد أو المواجهة. الحديث عن السلطة لا عن فتح، والرهان على فتح قادرة على العمل والتحشيد بعيدا عن إرادة السلطة.

الفصائل بليدة وعجوزة وهذا واضح، إلا أن أسبوعين من المواجهات وحصيلة مرتفعة من الشهداء ستدفعها لمواقف أوضح، خاصة حين يتسلل إلى قيادتها الشعور بأن العناصر تتفلت والمزاج الشعبي سينحاز لكل من يختار التصعيد، حينها ستتسابق على الانخراط في الهبة وإذكائها، هكذا تقول التجارب القريبة والبعيدة، فلا رصيد شعبيا لمن يقعد في مراحل المواجهة.

الأيام القادمة ستكشف الكثير، ونقاط التماس تكشف ما اتخذ من قرارات لدى حكومة نتنياهو، وربما يكون اليوم الجمعة كافيا للحكم على وجهة الأسابيع القادمة.

اقرأ/ي أيضًا: إن شئتم أن تسمّوها انتفاضة