07-يناير-2022

تيتوس لوكريتيوس وقصيدته

الترا صوت - فريق التحرير

تيتوس لوكريتيوس (99-55 ق م)، فيلسوف وشاعر روماني. كتب قصيدة مطوّلة عنوانها "في طبيعة الأشياء"، وصف فيها خصائص المادة وطبيعة الذرّات التي يتألف منها الكون، وتحدّث عن أصل الإنسان والأحوال الجوية والزلازل والأمراض وغيرها.

كتب الشاعر والناقد فوزي كريم: "حين كتب الروماني تيتوس لوكريتيوس قصيدته المطوّلة "في طبيعة الأشياء"، كان شاعرًا بالدرجة الأولى، لا فيلسوفاً. لأن الفلسفة التي عبَّر عنها باللغة الشعرية، كانت فلسفة شاعرة في جوهرها. شغلها قدرُ الإنسان ومصيره، وسبل خلاصه من ربقة الألم. وهي تحمل بذرة هذه الرؤيا التي صرنا نقرأها في نصوص شعراء عديدين، من بينهم المعري وعمر الخيام ورومي. وفي الأفق الفلسفي نقرأها في فلسفة شوبنهاور، الذي جاء فيما بعد. وهذه الأخيرة كانت مصدر وحي لشعراء وموسيقيين على حد سواء".

هنا قطع من هذه القصيدة الطويلة.


إذًا أبدأ بمناقشة النظام الأسمى للسماء والآلهة،

وسأكشف لك عن بدايات الأشياء، من أين أتت

الطبيعة بجميع الموجودات، وكيف ترعاها وتجعلها تتكاثر،

وإلى أي شيء تتحول الطبيعة نفسها مرة أخرى بعد تحللها،

تلك الأشياء التي اعتدنا على أن نطلق عليها "المادة"،

والتي تُدعى في الفلسفة الأجسام المنتجة للأشياء، ونسميها

أصل الموجودات، كما اعتدنا أن تُطلق على هذه الأشياء

العناصر الأولى، لأن كل الموجودات تنشأ من تلك الأجسام الأولى،

عندما دبّت حياة البشر على تحو خاطئ على الأرض فإنها

كما هو واضح للعيان، قد عانت من وطأة المعتقدات الخاطئة،

التي كانت تطل برأسها من أنحاء السماء،

وتزعج الشر بمظهرها المخيف،

في البداية تجاسر رجل أفريقي بأن رفع عينيه البشريتين

في وجه المعتقدات، وكان أول إنسان يقف في مواجهتها،

لم تثنه عن موقفه قصص الآلهة والصواعق والسماء بهزيم

رعدها ذي الوعيد، بل إن ذلك قد أثار - إلى حد بعيد –

شجاعة عقله القوية، لدرجة أنه صار أول إنسان يرغب

في تحطيم الأقفال محكمة الإغلاق لأبواب الطبيعة.

لذلك فإن قدرته العقلية المفعمة بالنشاط كانت لها الغلبة،

وذهب إلى ما وراء حصون السماء المستعرة،

وتجاوز بفكره وخياله الكون اللامتناهي كله،

ومنه يعود إلينا منتصرًا فيعلمنا ما بإمكانه الظهور في الكون،

وما ليس بإمكانه، وخلاصة القول بأي حكمة صار لكل شيء

قدرة محدودة، وبأي حكمة صار لكل شيء نهاية محددة.

ولذلك فإن المعتقدات بعد ان طُرحت أرضًا بدورها قد وطأتها الأقدام،

بينما انتصار فكرنا يجعلنا نصل إلى عنان السماء.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أوفيد: اهمس لكِتابِك بنواياك

سافو: لا العسل تشتهيه نفسي ولا النحل