20-يناير-2022

تضييقات على القضاء وقمع للاحتجاجات في تونس (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

أعلن رئيس المجلس الأعلى للقضاء في تونس أن المجلس في حالة انعقاد وسيعلن رأيه في المرسوم الأخير الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد، مضيفًا أنه يأمل ألا يكون مرسوم وقف المنح وسيلة للضغط علينا.

أعلن رئيس المجلس الأعلى للقضاء في تونس أن المجلس في حالة انعقاد وسيعلن رأيه في المرسوم الأخير الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد

وكانت الرئاسة التونسية قد قالت في بلاغ صادر عنها إن الرئيس سعيّد أصدر مرسومًا يعدل القانون الأساسي الخاص بالمجلس الأعلى للقضاء، وينص على وضع حد للمنح والامتيازات المخولة لأعضاء المجلس. ويأتي هذا القرار وسط أزمة مستمرة منذ أسابيع بين رئاسة الجمهورية والقضاء، ويمثل المرسوم ضمنًا ضربة للجهاز الذي تعرض لانتقادات متكررة من قبل الرئيس التونسي الذي أكد أن القضاء وظيفة من وظائف الدولة، ولمح إلى حل المجلس.

اقرأ/ي أيضًا: إدانات ومخاوف بعد عملية اختطاف نائب رئيس حركة النهضة التونسية

واحتد النقاش حول استقلالية القضاء في تونس بعد أن أعلنت وزيرة العدل ليلى جفال في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي عن إعداد مشروع قانون يتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء ما أثار حفيظة العديد من القضاة، حيث اعتبروا ذلك تدخلًا في الشأن القضائي، وهو ما رفضه الرئيس التونسي مؤكدًا أن إعداد هذا المشروع سيتم بإشراك القضاة أنفسهم. وأكد المجلس الأعلى في كل بياناته رفضه المساس بالبناء الدستوري للسلطة القضائية، وتمسكه بوضع القضاء كسلطة، وبشرعية المجلس الأعلى المستمدة من الدستور والقانون الأساسي المتعلق بإحداثه.

ولم تكن بداية الأزمة بين قيس سعيّد والقضاء مع الإعلان عن الإجراءات الاستثنائية في 25 تموز/يوليو 2021 إذ اعتبر المجلس وقتها أنه بمنأى عن هذه الأزمة السياسية. لكن معالم الأزمة بدأت تتضح بعد استدعاء قيس سعيّد لعدد من القضاة إلى قصر قرطاج، إذ اجتمع بهم وعرض عليهم مجموعة من القضايا من أهمها تلك المتعلقة بالانتخابات. وطلب من القضاة ترتيب النتائج القانونية بخصوص تقرير محكمة الحسابات التي تظهر التمويلات الأجنبية التي حصل عليها بعض المرشحين في الانتخابات البرلمانية الماضية.

بعدها بدأ المجلس الأعلى للقضاء في التحرك وأصدر بيانات ضد توجهات سعيّد، رفض من خلالها المساس بالبناء الدستوري للسلطة القضائية. في المقابل لم يفوّت الرئيس التونسي أي فرصة لمهاجمة المجلس الأعلى للقضاء، وأعلن بشكل مباشر أنه يستعد قريبًا للإعلان عن مراحل جديدة حتى تستعيد فيها الدولة والقضاء عافيتهما.

في سياق آخر، اتهمت حركة النهضة أمس الأربعاء السلطات التونسية بالمسؤولية عن مقتل المتظاهر رضا بوزيان في الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في الذكرى الحادية عشر للثورة يوم 14 كانون الثاني/ يناير على أثر تعرضه للعنف الشديد على يد أعوان الأمن. وقالت حركة النهضة في بيان لمكتبها الإعلامي إن الأمن اعتدى على المواطن بوزيان في أثناء التظاهرات مما تسبب له بنزيف حاد في الدماغ، وقد تعمدت السلطات الأمنية إخفاء وضعيته عن أهله، فلم تعلمهم بوضعه طيلة خمسة أيام قضاها في قسم الإنعاش بمستشفى الحبيب ثامر بالعاصمة التونسية.

وطالبت الحركة بإقالة المكلف بتسيير وزارة الداخلية توفيق شرف الدين باعتباره المسؤول المباشر عن العنف الذي سلط على المتظاهرين السلميين في عدة أماكن، بالإضافة لعمليات الاختطاف والاحتجاز القسري خارج القانون. ودعت النهضة القوى المؤمنة بالحريات والحقوق والمناضلة من أجل استعادة الديمقراطية إلى توحيد جهودها ضد الانقلاب، وتخليص البلاد من آثاره الخطيرة على كل المستويات، لاسيما وضع الحريات العامة والخاصة.

من جهتها أعلنت مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" وفاة أحد المشاركين في مظاهرات الجمعة الماضية متأثرًا بإصابته فيما كان يتلقى العلاجات داخل المستشفى، مؤكدة أن الوفاة جاءت بعد تعرضه لإصابات خطيرة من جراء العنف المفرط الذي مورس على المتظاهرين. وحملت المبادرة في بيان صادر عنها سلطة الانقلاب المسؤولية الجنائية عن هذه الجريمة، وأضافت أن الشهيد رضا بوزيان كان من المفقودين منذ يوم المظاهرة، دون تمكين عائلته وهيئة مناهضة التعذيب والمحامين والمنظمات الحقوقية من معرفة مصيره ومكان اختفائه.

ودعت مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" إلى تتبّع الجناة أمام القضاء التونسي ومحكمة الجنايات الدولية، ودعت إلى إقامة جنازة وطنية للشهيد تنديدًا بممارسات الانقلاب ووضع حد للحكم الفردي القمعي. كما أدان الحزب الجمهوري والتيار الديمقراطي والتكتل من أجل العمل والحريات العنف المفرط الذي واجهت به قوات الأمن المتظاهرين في العاصمة التونسية في ذكرى الثورة، وترحمت على روح المواطن بوزيان وقدمت العزاء لأهله وذويه. وحملت الأحزاب في بيان صادر عنها وزير الداخلية توفيق شرف الدين المسؤولية المباشرة عما حدث، ورئيس الجمهورية قيس سعيّد المسؤولية السياسية الكاملة عن انتهاك الحقوق السياسية والتضييق على الحريات العامة والفردية منذ انقلابه على الدستور واستحواذه على كل السلطات.

وكانت وزارة الداخلية التونسية قد أصدرت بيانًا قالت فيه إن قوات الأمن تحلت بأقصى درجات ضبط النفس، وتدرجت باستعمال المياه لتفريق المتظاهرين الذين تعمّدوا اقتحام الحواجز ومهاجمة عناصر الأمن. وأضاف البيان أن تفريق المتظاهرين جاء لخرقهم قرارًا حكوميًا بمنع كافة التظاهرات بالفضاءات المفتوحة والمغلقة خلال هذه الفترة للوقاية من تسارع انتشار فيروس كورونا.

اتهمت حركة النهضة أمس الأربعاء السلطات التونسية بالمسؤولية عن مقتل المتظاهر رضا بوزيان في الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في الذكرى الحادية عشر للثورة

هذا وأعلنت النيابة العمومية في المحكمة الابتدائية بتونس أنها أذنت بفتح بحث تحقيقي في الحادثة. وقالت المحكمة الابتدائية في بيان نشرته وسائل إعلام تونسية إن التحريات الأولية بيّنت أن إحدى سيارات الحماية المدنية نقلت شخصًا عثر عليه بحالة إغماء قرب قصر المؤتمرات إلى مستشفى الحبيب ثامر.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

تقدير موقف: خريطة قيس سعيّد.. أتحلّ أزمة تونس أم تعمّقها؟