27-نوفمبر-2022
polestar

سيارة بولستار كهربائية مصنّعة في الصين (Getty)

على الرغم من كل نجاحات الصين في بسيط هيمنتها على العديد من قطاعات الإنتاج والتصنيع، إلا أنها ظلت في المقعد الخلفي على صعيد إنتاج السيارات والمركبات التي تعمل على الوقود على مدى العقود الماضية، وظلت الموديلات الصينية القليلة خيارًا أخيرًا بالنسبة للكثيرين من الناس حول العالم، حتى داخل الصين نفسها. فالصينيون يفضلون حتى اليوم السيارات الأجنبية، مثل فولكسفاجن وجنرال موتورز وتويوتا ومرسيدس، إلا أن ذلك قد لا يستمر طويلًا، خاصة في مرحلة التحوّل الكهربائي، الذي يبدو أن الكلمة الفصل فيها ستكون للمصنّع الصيني، محليًا وعالميًا، وهو سيناريو قد يتحقق خلال الأعوام القليلة المقبلة. 

يتوقع محللون أن تحقق الشركات الصينية المصنعة للسيارات الكهربائية سيطرة واسعة على القطاع بحلول العام 2025 

وبحسب صحيفة واشنطن بوست، فإن عصر السيارات الصديقة للبيئة سيمنح الصين فرصة مذهلة، وذلك لأن المركبات الكهربائية أبسط نسبيًا من السيارات التقليدية، وتتطلب أجزاء أقل، وتمنح هوامش أكبر للإبداع والابتكار. ويظهر أن المصنعين الصينيين قد أدركوا الإمكانات في هذه الفرصة، وعمدوا إلى ضح مليارات الدولارات في تطوير قطاع السيارات الكهربائية والاستثمار فيه، بدعم من الدولة وعلى عينها، وهو ما ساعد العلامات التجارية المحلية مؤخرًا على الاستحواذ على نصيب الأسد من مبيعات السيارات الكهربائية داخل الصين، وحجز مقعد أمامي في هذا القطاع عالميًا، في أكبر الأسواق الاستهلاكية، بما فيها الولايات المتحدة، إضافة إلى أسواق الشرق الأوسط. 

فقد بدأت الشركات الصينية المصنعة للسيارات الكهربائية برفع طاقتها الإنتاجية من السيارات الكهربائية، إلى حدود قصوى لم تتمكن الشركات الغربية المنافسة من بلوغها، وهو ما منح المصنّع الصيني ميزة واضحة على مستوة كفاءة التصنيع، ساعد على تحقيقها الدعم الحكومي الكبير لمصانع السيارات الكهربائية، إضافة إلى تطوير البنية التحتية اللازمة لتشغيل هذه السيارات محليًا، وخفض الرسوم والضرائب على أسعارها، بالإضافة إلى فرض قوانين حمائية لصالح شركات تصنيع البطاريات في الصين، من أجل تعزيز قدرتها التنافسية. 

والآن، وبعد إرساء قواعد معتبرة لها محليًا، واكتساب ثقة المستهلك الصيني، تتجه شركات السيارات الكهربائية الصينية لاستهداف الأسواق الأجنبية، في أوروبا والولايات المتحدة وأمريكا الجنوبية والهند والشرق الأوسط، وذلك في محاولة لبسط حضورها كخيار معتمد يتمتع بكفاءة كاملة وتقييمات متقدّمة على المنافسين وفق المعايير العالمية المعتمدة لتقييم هذه السيارات، ولاسيما على صعيد كفاءة البطارية الكهربائية، ومستوى الأمن من الأخطار فيها، إضافة إلى الإضافات التكميلية داخل السيارة لمنح السائق تجربة قيادة خضراء وآمنة. 

إلا أن العائق الذي تخشاه الصين في طريق طموحاتها الجريئة، هو تصاعد التوترات الدبلوماسية والتجارية بينها وبين الدول الغربية، واتّجاه الأسواق الأوروبية والأمريكية إلى زيادة التعرفة الجمركية على السيارات الصينية التي تعمل بالبطاريات، والتوسع في دعم الشركات المحليّة المنافسة للحيلولة دون تصدّر الشركات الصينية في قطاع السيارات الكهربائية على حساب المنتج الوطني. كما تخشى الصين أن تنسحب الدعاية السلبية ضدّ منتجاتها على سمعة سياراتها الكهربائية وثقة المستهلكين بها، رغم أن بعض المستهلكين قد لا يعرفون أو يهتمون كثيرًا بمكان تصنيع سياراتهم، ما دامت ذات جودة عالية، وسعر معقول. 

سيارات كهربائية صينية

هذا التخوّف دفع شركة صينية، مثل "بولستار"، إلى اعتماد حيلة تسويقية ماكرة، بتجنب الإعلان عن نفسها على أنها صينية، عبر الاستحواذ على شركات أجنبية، واتخاذ مقار رئيسية لها في مدن غربيّة. فشركة بولستار، مملوكة لمجموعة "جيلي" القابضة الصينية العملاقة، التي تعد من الشركات الصينية الرائدة في التوسّع العالمي، حين استحوذت على شركة فولفو السويدية، وأنشأت شركة "بولستار"، كمشروع مشترك بين "فولفو" و"جيلي" عام 2017. ورغم أن إدارة الشركة وكبار المصممين والمهندسين فيها يعملون في السويد، إلا أن تصنيع السيارة يحدث في الصين، حيث يحدث أيضًا تصنيع نموذج كهربائي آخر من فولفو. وبحسب البوست، فإن الشركة ستكون قد باعت أكثر من 50،000 سيارة بولستار كهربائية في 27 دولة حول العالم في نهاية العام الجاري، أي ضعف إنتاجها عام 2021. 

تواجه الشركات الصينية المصنعة للسيارات الكهربائية صعوبة في اختراق الأسواق الأمريكية

وبسبب التوترات الحاصلة مع الولايات المتحدة، وصعوبة اختراق السوق الأمريكية بسبب السيطرة التي تتمتع بها سيارات "تيسلا" هناك، فإن الشركات الصينية فضّلت التركيز على الأسواق الأوروبية وبعض أسواق الشرق الأوسط. فشركة "نيو" (Nio) الصينية، ومقرها شنغهاي، تبيع سيارتها الكهربائية "إي تي 7" (ET7)، في أسواق أوروبية مختلفة، مثل هولندا وألمانيا والدنمارك والسويد والنرويج، وعلى عكس بولستار، فإنها أجلت خططها لاقتحام السوق الأمريكية حتى العام 2025. وتسير على ذات الإستراتيجية شركة "إم جي" (MG)، المملوكة حاليًا لشركة "سايك" (SAIC) الصينية المملوكة للدولة، والتي تبيع موديلاتها الكهربائية في أوروبا، إضافة إلى شركة "بي واي دي" (BYD)، التي بدأت بالتوسع في أوروبا عبر ثلاث موديلات من السيارات الكهربائية، بعد أن جذبت أنظار الجميع في معرض باريس للسيارات الشهر الماضي، وهو الأمر الذي يبدو أنه أثار حفيظة ثلة من كبار السياسيين في أوروبا، مثل إيمانويل ماكرون، الذي ناشد المستهلكين إلى دعم السيارات الكهربائية "المصنّعة داخل دول الاتحاد الأوروبي".