09-فبراير-2023
زلزال تركيا

فرق الإنقاذ المحلية في شمال سوريا تواجه صعوبات كبيرة في ظل نقص المعدات (Getty)

فاقم الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا والشمال السوري، من أزمات الأخير، ليأتي الزلزال ويكون معاناة فوق المعاناة، وكارثة فوق الكارثة، حيث يعاني الشمال من ضعف في دخول المساعدات الإنسانية، وانتشار الأوبئة والجوائح فيه، كان آخرها انتشار الكوليرا نتيجة انعدام البنية التحتية وانهيار المنظومة الصحية، بالإضافة للعمليات الانتقامية التي تشنها قوات النظام السوري، بدعم من القوات الروسية، مما جعل المنطقة غارقة في مأساة إنسانية.

قال الصحفي إبراهيم الشمالي لـ"ألترا صوت"، إن عمليات البحث في الأنقاض تجري في ظروف صعبة جدًا، فيما يحتاج شمال غرب سوريا، إلى احتياجات عاجلة مثل الوقود من أجل تشغيل المستشفيات بشكلٍ كامل

"كارثة داخل كارثة" هكذا تصف جريدة "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقرير لها، الحال بالشمال السوري، "دوي سقوط المباني، الغبار المتصاعد من أكوام الخرسانة الرمادية القاسية وأسياخ الحديد الملتوية التي كانت منازل ومكاتب"، ومرةً أخرى، يحفر الناس بأيديهم في الأنقاض، على أمل، يتبدد في كثير من الأحيان لإنقاذ أهلهم وأحبابهم.

تضيف الصحيفة، "فجر الإثنين الماضي، تسبب زلزال مدمر في تدمير مجمعات سكنية ومتاجر وحتى أحياء كاملة في ثوانٍ، في مشاهد اعتادت عليها المنطقة التي دمرتها أكثر من عشر سنوات من الحرب".

قبل يوم من الزلزال كانت المنطقة تتعرض لمنخفض جوي صعب، وإلى جانب الأوضاع السيئة الأخرى مثل عدم الحصول على الطعام المطلوب، وندرة الوقود، بالإضافة إلى البنية التحتية المتهالكة التي ساهمت في تفشي الكوليرا، بالإضافة إلى نظام صحي منهار، وتجمل الصحيفة الأمريكية ذلك، بالقول: "جاء زلزال يوم الإثنين، ليفاقم الكارثة في الشمال السوري الذي نسيه العالم".
تنقل الصحيفة عن إبراهيم الخطيب، أحد سكان تفتناز في شمال غرب سوريا، إنه هب فزعًا من نومه في الصباح الباكر، واندفع إلى الشارع مع جيرانه، ويقال: "كيف لنا أن نتحمل كل هذا؟ الغارات الجوية الروسية، ثم هجمات بشار الأسد، واليوم زلزال؟".

بدوره، يقول الدكتور أسامة سلوم في مستشفى على حدود إدلب، "تأتينا جثث جديدة كل دقيقة، توفي صبي، في السادسة من عمره تقريبًا، حين كنت أجري له عملية إنعاش قلبي رئوي"، وأضاف "رأيت الحياة تغادر وجهه"، يتابع الدكتور سلوم "ظللنا نجوب السماء بأعيننا بحثًا عن الطائرات، كان عقلي يخدعني، ويوهمني بأن الحرب عادت من جديد".

Earthquake Hits Turkey And Syria

وناشد المتحدث باسم لجنة الإنقاذ الدولية مارك كاي، بإرسال المزيد من المساعدات إلى سوريا في أعقاب الزلزال، وقال "في أيّ مكان آخر في العالم، ستكون هذه حالة طوارئ، ولكن في سوريا هي حالة طوارئ داخل حالة طوارئ".

ورغم الاستجابة السريعة من فرق الطوارئ في المنطقة المنكوبة، والبحث بين الأنقاض في البرد القارس والمطر، كان حجم الدمار يفوق طاقة عمال الإنقاذ المعتادين على المباني المنهارة، فلا تتوفر معدات إنقاذ تكفي الأعداد الكبيرة من الأشخاص المحاصرين تحت الأنقاض، وانهارت المباني التي نجت من الزلزال الأول الذي بلغت قوته 7,8 درجة على مقياس ريختر، جراء الهزات الارتدادية المتكررة، في انعكاس لهشاشة البنية التحتية في سوريا، بعد سنوات من الغارات الجوية الروسية، والقصف المدفعي لقوات النظام السوري.

Earthquake Hits Turkey And Syria

وفي الشمال الغربي السوري، يقول مدير منظمة "الخوذ البيضاء" رائد الصالح، إن "عشرات الآلاف من الأشخاص في تلك المنطقة أصبحوا مشردين مؤخرًا"، وأضاف "مخيمات اللاجئين ممتلئة عن آخرها بالفعل جراء النزوح من مناطق الحرب، فهي تضم 2.7 مليون شخص قدموا إلى الشمال الغربي من أجزاء أخرى من البلاد".

أمّا عن أحوال المشافي في شمال سوريا، تشير الصحيفة إلى أن حالها شبيه في أيام الحرب، حيث اكتظت الأجنحة بالمرضى الذين يتشاركون الأسرّة، والأطباء يعالجون الضحايا في كل زاوية، فالقطاع الصحي لم يعد للعمل بكامل طاقته بعد.

من جهتها، قالت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ماديفي سون سوون، إن "تدفق المساعدات من تركيا إلى شمال غرب سوريا توقف مؤقتًا بسبب تداعيات الزلزال المدمر، مما جعل عمال الإغاثة يواجهون مشكلة فيما يتعلق بطريقة توصيل المساعدات للناس في بلد مزقته الحرب". 

وأضافت أنه "لا توجد صورة واضحة عن موعد استئناف المساعدات التي يعتمد عليها نحو أربعة ملايين شخص"، وتابعت "بعض الطرق معطلة والبعض الآخر لا يمكن الوصول إليه، هناك مشكلات لوجستية تحتاج إلى حل"، مؤكدةً أنهم يبحثون عن "كل السبل للوصول إلى المحتاجين".

وفي هذا الإطار، دعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إلى فتح جميع المعابر الحدودية للتمكن من تقديم المساعدة بشكل أسرع في سوريا، وقالت بيربوك في مؤتمر صحفي، إنه "لا يوجد حاليًا سوى معبر حدودي مفتوح واحد (باب الهوى)، وقد تضرر بسبب الزلزال"، وأضافت "لهذا فإن فتح المعابر الحدودية مهم جدًا"، وتابعت إن "الواجب المطلق الآن هو أن تصل المساعدات الإنسانية إلى حيث تكون هناك حاجة إليها". 

Earthquake Hits Turkey And Syria

وطالبت من وزيرة الخارجية الألمانية من روسيا المساعدة في الضغط على النظام السوري للسماح بدخول المساعدات الإنسانية لضحايا الزلزال بسرعة، ودون أي عقبات إضافية، وقالت "لا بد أن يمارس كل اللاعبين الدوليين، ومن بينهم روسيا، الضغط على النظام السوري لضمان وصول المساعدات الإنسانية للضحايا".

من جانبه، قال الصحفي إبراهيم الشمالي لـ"ألترا صوت"، إن عمليات البحث في الأنقاض تجري في ظروف صعبة جدًا، فيما يحتاج شمال غرب سوريا، إلى احتياجات عاجلة مثل الوقود من أجل تشغيل المستشفيات بشكلٍ كامل، وتشغل محطات الأوكسجين ومنظومة الإسعاف، بالإضافة إلى الأدوية، وبشكلٍ خاص أدوية التخدير والمضادات الحيوية والمستهلكات الجراحية.

وأشار الشمالي، إلى أنه هناك حاجة إلى تأمين الطعام والملابس والاحتياجات الأساسية للمصابين جراء الزلزال.

وتحدث الشمالي عن أن فرق الإنقاذ المحلية، تنتقل من مكان إلى آخر، مشيرًا إلى أنها انتهت من إدلب وتم نقل الآليات إلى منطقة حارم وبسنية. موضحًا أن مدينة جنديرس شمال حلب توجد فيها كارثة إنسانية ولم تصلها فرق الإنقاذ حتى الآن، والوضع فيها صعب جدًا وهناك حاجة إلى آليات ثقيلة للبحث بشكلٍ مستمر.

تتلاقى الكوليرا مع الزلزال حاليًا، حيث أدت ندرة الوقود مع البنية التحتية المتدهورة في سوريا إلى أزمة تفشي الكوليرا. ففي منتصف كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي، قالت الأمم المتحدة إنها تشتبه في أكثر من 60 ألف إصابة بالكوليرا على مستوى البلاد.

"كارثة داخل كارثة" هكذا تصف جريدة "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقرير لها، الحال بالشمال السوري

ويعد الوصول إلى المياه النظيفة محدودًا جدًا لدرجة أن بعض السوريين قالوا إنهم توقفوا عن غسل أيديهم لادخار المياه للشرب، أو يشربون مباشرة من نهر الفرات الملوث، وفقًا لاستطلاع حديث في شمال شرق سوريا أجرته منظمة  "REACH"، قال 82% من المشاركين في الاستطلاع إنهم لا يستطيعون شراء صابونة.

مديرة السياسات والاتصالات في منظمة المجلس النرويجي للاجئين إيما فورستر، قالت إن "الخدمات العامة بالفعل على وشك الانهيار بعد 12 عامًا من الأزمة"، وأضافت "يقول الناس إنه أسوأ عام حتى الآن، إلى جانب سنوات الحرب".