13-سبتمبر-2018

مشهد عام من شوراع البصرة (حيدر محمد علي/Getty)

تجددت التظاهرات في البصرة خلال الأيام الثلاثة الماضية، على الرغم من الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها القوات العراقية منذ مساء السبت 8 أيلول/سبتمبر، وشملت حملةَ اعتقالات طالت ناشطين ومتظاهرين في عدد من بلدات المحافظة.

اتهم متظاهرو البصرة الحكومة باستغلال حراكهم الاحتجاجي لـ "تصفية" حسابات سياسية ضمن ملف تشكيل الحكومة المقبلة

وتظاهر المئات من أهالي البصرة في مسيرات احتجاجية وسط المدينة، مطالبين بتوفير المياه الصالحة للشرب وإقالة المسؤولين في المحافظة وقائد العمليات فيها، متهمين الحكومة باستغلال حراكهم الاحتجاجي لـ "تصفية" حسابات سياسية ضمن ملف تشكيل الحكومة المقبلة الشائك دون تقديم أي حلول على أرض الواقع لمشاكلهم.

اقرأ/ي أيضًا: تظاهرات البصرة.. رهان النجاة من مقامرة ميليشيات المحاصصة

وفاقت حصيلة ضحايا الاحتجاجات في البصرة منذ اندلاعها قبل نحو ثلاثة أشهر، 25 قتيلًا ومئات الجرحى، فيما بلغت ذروة الغضب منذ مطلع شهر أيلول/سبتمبر الجاري، حين تسمم عشرات الآلاف من المدنيين نتيجة تلوث المياه، وهو ما واجهته القوات الأمنية بالرصاص، لتأخذ الاحتجاجات مسارًا عنيفًا بإحراق مبان حكومية وأخرى تابعة لأحزاب وفصائل مسلحة، فضلًا عن القنصلية الإيرانية وسط المدينة.

في حين اتخذت القوات الأمنية في المدينة إجراءات أمنية مشددة عقب ذلك، فيما هددت باعتقال "المندسين" المسؤولين عن عمليات الحرق والتخريب التي جرت في المدينة، لكن مصادر داخل المحافظة أشارت إلى أن الاعتقالات تطال حتى الآن ناشطين معروفين فقط ومتظاهرين "سلميين".

وجاءت الاعتقالات، في مناطق مختلفة من المحافظة، منها: الزبير وأبو الخصيب والمعقل وشط العرب، بحسب مصادر محلية، مبينة أن "الاعتقالات طالت العشرات حتى الآن وفق قوائم أسماء صدرت عن الجهات الأمنية".

استهدفت الاعتقالات في البصرة الناشطين المعروفين بالترويج للتظاهر، لا المتورطين بأعمال الحرق

وقال أحد الناشطين في المدينة، إن الاعتقالات تستهدف حتى الآن "الناشطين المعروفين بالترويج للتظاهر، لا المتورطين بأعمال الحرق"، محذرًا من تصعيد شعبي جديد ردًا على تلك العمليات التي "لا تستند الى أي أساس قانوني".

يُذكر أنّ منظمة هيومن رايتس ووتش أكدت في تقرير صدر في تموز/يوليو الماضي، أنّ القوات العراقية "استخدمت القوة القاتلة والمفرطة إلى حد كبير" ضد المتظاهرين الذين خرجوا للمطالبة بالخدمات والوظائف والماء والكهرباء، ودعت القوات العراقية، إلى تنفيذ القانون وفقاً لمبادئ الأمم المتحدة الأساسية، بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية.

بينما يؤكد ناشطون ومواطنون في المدينة عزمهم مواصلة تظاهراتهم، لعدم تقديم أي حلول لأزمة المدينة حتى اللحظة، إذ لا تزال أغلب مناطق المدينة تفتقر إلى مياه الشرب والخدمات الأساسية. 

إلى ذلك قال الناشط حسن ناصر لـ"ألتراصوت"، "إن التظاهرات ستعود مجددًا حتى تنفيذ المطالب التي لم نحصل منها إلا على الوعود والكلام فقط". مؤكدًا أن "المطالب لا تزال ذاتها منذ ثلاثة أشهر، وهي توفير المياه الصالحة للاستخدام البشري، وتحسين الواقع الخدمي والمعيشي".

\اقرأ/ي أيضًا: البصرة بعد مقتل 12 متظاهرًا.. الحقوق مادة للمناكفة السياسية

وكانت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق قالت الأربعاء 12 أيلول/سبتمبر، إن حصيلة المصابين بالتسمم في البصرة، ارتفعت إلى 60 ألف شخص، جراء تلوث مياه الشرب، عادّة ذلك "كارثة بيئية"، فيما أبدت استغرابها من عدم قيام الجهات المعنية بزيادة الإطلاقات المائية من نهري دجلة والفرات إلى شط العرب في ظل وجود وفرة مائية.

كما اتهم ناشطون ومتظاهرون في المدينة، أذرعًا مسلحة تابعة لجهات سياسية بالوقوف وراء عمليات العنف التي جرت في المدينة، لإيجاد مبرر لقمع التظاهرات الاحتجاجية من جهة وتحقيق مكاسب سياسية من جهة أخرى.

انسحب المدنيون من الاحتجاجات بعد أن اتخذت مسارًا عنيفًا قادت إليه جهات سياسية

وقال المتظاهر محمد ظافر، إن "المدنيين انسحبوا من الاحتجاجات بعد أن اتخذت مسارًا عنيفًا قادت إليه جهات سياسية، وهو ما يشير إلى وعي المتظاهرين من أبناء المدينة"، مضيفًا أن "عمليات العنف جرت بشكل ممنهج لتستخدم ضدنا فيما بعد، فضلًا عن استغلالها سياسيًا حيث يستمر الصراع على تشكيل الحكومة المقبلة دون إعارة أدنى اهتمام للغليان الشعبي الذي قد ينفجر مجددًا في أي لحظة".

من جانبه وجه فريق المرجع الديني الأعلى علي السيستاني إلى البصرة، اتهامات إلى الحكومة المحلية بعدم الاستجابة لعروض قدمها لاستلام محطات المياه المتوقفة وتشغيلها، فيما أعلن شراء 20 مضخة لمشروع ماء البدعة. حيث قال كريم الأنباري رئيس قسم الصيانة في العتبة الحسينية، إن "الكوادر الهندسية والفنية التابعة للعتبة باشرت بتشغيل محطة مياه الفاو المتوقفة منذ عام 2011"، في حين "لم يستجب المسؤولون المحليون لعروض تشغيل بقية المشاريع المتوقفة".

بدورها اتهمت مصادر مقربة من المرجع، إن جهات تقوم بـ "التجاوز" على المياه الصالحة للشرب في البصرة، ومن ثم "بيع" المياه إلى مستحقيها، فيما أشارت إلى ارتفاع مناسيب المياه الحلوة القادمة من دجلة الى منطقة القرنة في الأيام الأخيرة، بعد زيادة الإطلاقات المائية لبعض السدود والنواظم على دجلة، الأمر الذي خفض نسبة ملوحة أعالي منطقة القرنة إلى "النصف تقريبًا".

أصدرت الحكومة العراقية مؤخرًا، سبعة قرارات بشأن الأزمة في البصرة شملت: تصنيع وحدات ضخ وتصفية المياه، وتأهيل محطة ار زيرو وصيانتها، وصرف مخصصات طعام وساعات عمل إضافية للعاملين في محطة ار زيرو، ووقف التجاوزات الحاصلة على خطوط وشبكة المياه، وتكليف شركات وزارة الموارد المائية بإنشاء خط أنبوبي ناقل لقناة البدعة، وإنشاء خط أنبوبي ثان بالتعاون بين وزارتي الموارد المائية والنفط لتعزيز تأمين مياه خام لقضاء شط العرب من شمال القرنة، وتسريع إجراءات تعيين العاطلين في البصرة، إلا أن تنفيذها قيد الواقع في علم المجهول حتى اللحظة!

 

اقرأ/ي أيضًا: 

آلاف حالات التسمم في البصرة.. مشهد مكتمل لمدينة منكوبة

شبح الكوليرا وغول التهميش.. البصرة وحدها تقاتل