22-مايو-2020

رجل يشاهد أحد مقاطع الفيديو التي نشرها رامي مخلوف (أ.ف.ب

ألترا صوت – فريق التحرير

أعلنت وزارة العدل السورية منع رجل الأعمال السوري رامي مخلوف ابن خال رئيس النظام السوري بشار الأسد من السفر خارج البلاد بصورة مؤقتة، وذلك بعد أقل من يومين من صدور قرار يقضي بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لمخلوف مع زوجته وأولاده في إطار الصراع الدائر بين الدائرة المقربة من النظام السوري للهيمنة على مفاصل القرار الاقتصادي، وبين رجال الأعمال السوريين المدعومين من الدائرة المقربة من الأسد.

وصف خبراء مختصون بالشأن السوري الصراع الدائر داخل عائلة الأسد بأنه أكبر صدع داخلي منذ عقود داخل الأسرة التي حكمت سوريا منذ وصول الرئيس الراحل حافظ الأسد

وقالت وزارة العدل التابعة للنظام السوري في منشور عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك إن "محكمة القضاء الإداري قررت عملًا بنص المادة 38 من دستور الجمهورية العربية السورية منع مخلوف من المغادرة خارج البلاد بصورة مؤقتة لحين البت بأساس الدعوة المرفوعة ضده من قبل الوزارة، فضلًا عن دعوى أخرى مسجلة باسم المدير العام للهيئة الناظمة للاتصالات والبريد".

اقرأ/ي أيضًا: رامي مخلوف.. سقوط المحرّم الرابع

وكانت غرفة العدل الدولية (غرينكا 37) قد أشارت في بيان سابق لها إلى تواجد مخلوف في دولة الإمارات، مطالبةً في بيانها أبوظبي باتخاذ الإجراءات القانونية ضده مع شركائه، بعدما أشار في أحد مقاطعه المصورة إلى استهداف الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري "أكبر مؤيد لها"، في إشارة للدعم المالي واللوجستي الذي قدمه مخلوف للميليشيات المحلية التي كانت تقاتل إلى جانب قوات النظام في مناطق المعارضة السورية، الموجهة إليها تهم بارتكابها انتهاكات إنسانية وجرائم حرب، بما فيها التعذيب المنهجي والإعدام الجماعي للمدنيين.

ويواجه مخلوف عقوبات اقتصادية فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن بسبب جمع ثروته المالية من فساد الحكومة السورية في عام 2008، وتوسعت رقعة العقوبات التي طالت مخلوف خلال السنوات الأخيرة لتشمل دول الاتحاد الأوروبي، بعدما ظهر في تسجيل نادر في عام 2011 يؤكد دعمه للنظام السوري وتحويل شركاته للأعمال الخيرية.

ثلاثة تسجيلات نادرة في أقل من شهر

في ظهور نادر لأول مرة عبر حسابه الرسمي على فيسبوك، انتقد مخلوف في مقطع مصور مطلع الشهر الجاري ابن خاله الأسد بعد فرضه ضرائب مالية على شركات الاتصالات المملوكة لإمبراطوريته المالية، ودعا مخلوف في المقطع الأول الأسد للتدخل من أجل إنهاء خلافه مع حكومة النظام السوري، وإيقاف استهداف استثمارته التي جنبت خزينة الدولة الانهيار، مشددًا على موافقته دفع 130 مليار ليرة سورية، ما يعادل 77 مليون دولار في سعر الصرف الموازي، التي أقرت بتوجيهات من الأسد نفسه.

وبعد أقل من ثلاثة أيام على ظهوره الأول، وجه مخلوف في مقطع آخر انتقاده لمجموعة من الأشخاص ضمن الدائرة المقربة للأسد لم يقم بتسميتهم، إلا أن مراقبين اعتبروا أن الأشخاص المعنين بالمقطع زوجة رئيس النظام السوري أسماء الأسد، ورجل الأعمال المقرب منها سامر الفوز، وحاول مخلوف في المقطع الثاني استمالة الأسد لجانبه عبر مناشدته بتخفيف الضغوط التي تمارسها الأجهزة الأمنية على شركاته واصفًا إجراءاتها بأنها "غير عادلة".

وأضاف بأن الضغوط التي تمارس على موظفيه وشركاته"غير مقبولة وغير إنسانية" بعد حملة الاعتقالات التي طالت موظفيه، قبل أن يضيف مستهجنًا مداهمة الأجهزة الأمنية لشركاته التي كانت "أكبر داعم وأكبر خادم وراع لهذه الأجهزة في أثناء الحرب. للأسف بدأت الأمور تنقلب بطريقة مختلفة"، مؤكدًا على عدم تنازله وأن الضغوط التي تمارس عليه ستأتي نتائجها بالضرر على الطرفين المعنيين في القضية.

ونشر مخلوف مقطعًا أخيرًا يوم الأحد الماضي توجه في بدايته بالاعتذار من عائلات الموظفين الموقوفين لدى الأجهزة الأمنية بسبب عدم تمكنه من إطلاق سراحهم، مشيرًا إلى أن هذه الإجراءات ستؤثر على آلاف العائلات التي يقوم بتقديم الدعم المالي لها، قبل أن يتطرق إلى المفاوضات التي عقدها مع هيئة الاتصالات السورية لتسديد المبلغ المطالب بدفعه لها، وتشير تقارير مختلفة إلى أن مخلوف يعد أحد أبرز الأشخاص الذين يقدمون الدعم لعوائل قتلى قوات النظام من الطائفة العلوية التي ينحدر منها الأسد.

وأشار مخلوف إلى أن شركته وافقت على دفع المبلغ المطلوب رغم أنه "غير محق وليس ضريبة" إلا أنه اعتبره يدخل في بند "دعم الدولة"، وأضاف بأن النظام السوري قدم مجموعة مطالب أخرى، تضمنت مطالبة شركة سيريتل للاتصالات الخليوي بتوقيع عقد حصري مع إحدى الشركات المحددة مسبقًا لتلبية كافة المستلزمات اللوجستية التي تحتاجها الشركة، إضافةً لطلب النظام السوري من مجلس إدارة سيرتيل تقديم مخلوف لاستقالته من رئاسة مجلس الإدارة ما اعتبره مخلوف "خذلانًا للشركة والبلد".

الأسد ومخلوف.. "علاقة قوة وسلطلة وفساد وتقاسم موارد سوريا"

وكانت هيئة الاتصالات قد ردت على تسجيل مخلوف الأخير بقولها إنه يأتي "ضمن حملة الخداع والمواربة بهدف التهرب من سداد حقوق الخزينة العامة"، غير أن مخلوف رد على الهيئة عبر منشور على فيسبوك يؤكد التزامه بدفع المبلغ الواجب عليه تسديده رغم "عدم أحقيته أو قانونيته"، غير أن منشور مخلوف الذي رد على هيئة الاتصالات قوبل من وزارة المالية في حكومة النظام بإصدار قرار يقضي بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لمخلوف مع زوجته وأولاده، حسبما جاء في الوثيقة التي نشرتها لأول مرة وكالة رويترز.

ويرى مسؤولون غربيون أن مخلوف لعب دورًا كبيرًا في تمويل قوات النظام السوري والميليشيات المحلية التي تعرف بـ"القوات الرديفة" الموالية لها، وتعمل إمبراطوريته المالية في قطاعات الاتصالات والعقارات والبناء وتجارة النفط، ووصف خبراء مختصون بالشأن السوري الصراع الدائر داخل عائلة الأسد بأنه "أكبر صدع داخلي منذ عقود داخل الأسرة التي حكمت سوريا منذ وصول الرئيس الراحل حافظ الأسد إلى سدة الحكم قبل 50 عامًا".

اقرأ/ي أيضًا: نهوض رامي مخلوف وسقوطه

وكانت مجد جدعان شقيقة منال جدعان زوجة ماهر الأسد شقيق بشار الأسد قد أشارت في مداخلة لها عبر قناة الجزيرة الإخبارية، إلى أن الخلاف بين الأسد ومخلوف ناجم عن "قرار سياسي" اتخذه المجتمع الدولي "لإنهاء وجود النظام السوري" كما هو الحال مع الانهيار الاقتصادي الذي تشهده مناطق سيطرة النظام السوري، وأكدت جدعان على استبعادها احتواء الخلاف بين الطرفين بعدما "طفت على السطح"، نظرًا لأن العلاقة بينهما يشوبها ""قوة وسلطة وفساد وتقاسم موارد سوريا فيما بينهم".

 وصفت تقارير غربية الخلاف بين الأسد ومخلوف بـ"السقوط المذهل" الذي كشف عن بعض من "المكائد الداخلية" ضمن الدائرة المقربة من الأسد

وفيما وصفت تقارير غربية الخلاف بين الأسد ومخلوف بـ"السقوط المذهل" الذي كشف عن بعض من "المكائد الداخلية" ضمن الدائرة المقربة من الأسد، فإن موقع ميدل إيست أي البريطاني اعتبر أن القضية أكثر تعقيدًا من حلقة الخلافات ضمن دائرة الأسد المقربة، مشيرًا لوجود احتمالين إما أن تكون إحدى الدول الداعمة للنظام السوري تستخدم مخلوف لزيادة الضغط على النظام للقبول بالتسوية السياسية، أو أنها استراتيجية من قبل النظام السوري لمواجهة هذا الضغط.

 

اقرأ/ي أيضًا:

رحلة الليرة السورية إلى الانحدار.. الخفايا والمآلات

أملاك النظام السوري.. موسكو كمسرح لفساد عائلتي الأسد ومخلوف