20-يوليو-2018

التابوت الأثري المكتشف في الإسكندرية بالصدفة (مواقع التواصل الاجتماعي)

تميل الحكاية عند الحديث عن الإسكندرية إلى الخرافة بطبعها، وكأن المدينة تأبى إلا أن تمر الحكاية، أي حكاية فيها، من باب الخرافة. وتكون الخرافة أو الأسطورة في بعض الأحيان مناسبة تمامًا لبسطاء يسكنون "مقابر العامود" حيث يدفن نصف أهل المدينة موتاهم، ويحكون عن قصة أحد البطلجية الأشباح، وهو "أبو منشا"

تميل الحكاية عند الحديث عن الإسكندرية إلى الخرافة بطبعها، وكأن المدينة تأبى إلا أن تمر أي حكاية فيها، من باب الخرافة والأسطورة

أبو منشا هذا رجل كان يظهر بعد منتصف الليل في إحدى الطرق القريبة من المقبرة، كما تقول الأسطورة بالطبع، ليمنع العابرين من المرور بالطريق. ويحكون هذه القصة بالشغف الشفوي لناقلي الحكايات، وكيف أنها حدثت في الأربعينات من القرن الماضي وانتهت بحلول الستينات، وكيف أن أبو منشا لم يكن رجلاً مؤذيا لكنه كان يحب أن يأمر فيطاع. وتنتهي الحكاية بأن يختفي أبو منشا.

اقرأ/ي أيضًا: بيت الكريتلية بالقاهرة.. بوابة على عالم الخيال والأسطورة

وحكاية أخرى يتداولها البسطاء عن قبر سيدي محمد الخال، الذي يعتقدون أنه من أولياء الله الصالحين، ويروون أنه في ليلة الـ27 من رمضان في كل عام، يسمعون حلقات ذكر تصدح من القبر. لكن الحكايات التي لا تدخل عادة باب العجب في الإسكندرية، هي حكايات الآثار، أما ما يجعلها ترد باب العجب، فهي تصريحات المسؤولين عنها، وما يتداوله النشطاء عن هذه القصص.

وآخر الحكايات وما فيها، أن مقاول بناءٍ اكتشف أثناء أعمال الحفر بالإسكندرية تابوتًا قديمًا، فخاف أن يفتحه أو ينقله. واعتقد أنه باستدعاء وزارة الآثار، قد يخرجون باكتشاف أثري عظيم.

تابوت يعود للعصر البطلمي

تابوت قديم يعود للعصر البطلمي، أي بعد وفاة الإسكندر الأكبر عام 323 قبل الميلاد. ويعد التابوت الحجري، الذي يبلغ ارتفاعه ما يقرب من مترين وطوله ثلاثة أمتار، الأكبر من نوعه الذي يُعثر عليه سليمًا. 

وقد تم اكتشاف التابوت بالصدفة في شارع الكرملي بحي سيدي جابر، أثناء ما كان مقاول بناء يحفر لبناء بيت. ووجد إلى جانب التابوت تمثال لمن يُعتقد أنه أحد المدفونين بالتابوت. وقد وجد بالتابوت هياكل عظمية لثلاث أشخاص، لم يتبقى منها إلى جمامها وبعض العظام. وفي جمجمة أحدهم ضربة يُعتقد أنها لسهم أصابها.

وجد هذا التمثال إلى جوار التابوت
وجد هذا التمثال إلى جوار التابوت

ويعتقد الباحثون الأثريون حتى الآن، أن الجماجم الثلاثة لعسكريين. وقد كان يُعتقد قبل فتح التابوت أنه ربما يحتوي على جثة الإسكندر الأكبر الذي لا يُعرف لها طريق حتى الآن. وكما أثار ضجة في الصحافة حول العالم، أثار الموضوع أيضًا ضجيجًا على مواقع التواصل الاجتماعي.

الرأي العام.. ساخط وساخر وفاقد للثقة

لم يعد الرأي العام في مصر، يثق في جدية ومصداقية الحكومة في الحفاظ على الآثار المصرية. وقد كشفت وسائل التواصل الاجتماعي سخرية الشارع المصري من التصريحات التي تناقلتها وسائل الإعلام الرسمية عن التابوت، فضلًا عن التعامل المتهاون معها.

وفي نفس السياق تناقل بعض المستخدمين صورًا لما اعتبروه تجاوزات حدثت أثناء عملية استكشاف التابوت وفتحه، منها مثلًا تفريع السوائل التي وجدت بالتابوت في الشارع بشكل عشوائي، بالإضافة إلى منع المصورين الأجانب من التواجد في مكان الكشف الأثري. بل إن البعض شكك في أن يكون التابوت الذي نشرت وسائل الإعلام الرسمية صوره، هو التابوت الأصلي!

 

مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار​، صرح  مقلالا من قيمة الاكتشاف بقوله، إن "التابوت الأثري المكتشف في الإسكندرية لم يضف جديدًا للعالم"، مضيفًا أن "اكتشاف أول غرفة للتحنيط بجبانة سقارة أهم من ذلك التابوت"، علمًا بأن هذه التصريحات من وزيري، تأتي قبل أن تُعرف حقيقة الجثث التي وجدت داخل التابوت وإلى من تعود.

هذه النوعية من الاكتشافات وطريقة التعامل معها تذكرنا بما حدث في آذار/مارس العام الماضي، حين قامت بعثة الآثار بانتشال إحدى التماثيل الفرعونية الضخمة التي تعود إلى عصر الرعامسة، في منطقة المطرية، حيث سيطرت الفوضى على مشهد الحفر والانتشال.

فضلًا عما يتواتر عن سرقات لكميات كبيرة من الآثار، كان آخرها و أحدثها وأكثرها شهرة، ما نقلته صحف مصرية عن سرقة وتبديد 33 ألف قطعة أثرية، وهي القطع التي اتهم فيها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي الحكومة بتهريبها أو بيعها للإمارات التي تفتتح متحفًا بجزيرة السعديات، الذي يضم مقتنيات أثرية من بلاد حول العالم.

أثبت الواقع المصري في التعامل مع الآثار تخاذلًا كبيرًا وافتقادًا للدعم الشعبي الذي يرى أن التعامل معها لا يختلف عن مجمل تعامل الدولة في أي حدث آخر

الشاهد في الأمر، أنه على الرغم من امتلاك مصر لعدد لا حصر له من آثار لقومٍ يتحدث العالم عن نبوغهم ودأبهم في صناعة ما صنعوه، إلا أن الواقع المصري في التعامل معها أثبت تخاذلًا كبيرًا، وافتقادًا للدعم الشعبي الذي يرى أن التعامل مع الكشوفات الأثرية، لا يختلف عن مجمل تعامل الدولة مع أي حدث آخر.

 

اقرأ/ي أيضًا:

سرقات الآثار الكبرى في مصر.. تسريب التاريخ

رمسيس الثاني.. المفترى عليه في مصر