15-ديسمبر-2023
البابا فرانسيس

حذّر البابا فرانسيس من دكتاتورية تكنولوجية تهدد الوجود البشري برمته (Getty)

يبدو أنّ الذكاء الاصطناعي لا يشغل بال السياسيين والمشرعين والمهتمين بمجال التكنولوجيا فحسب، وإنما أصبح الشغل الشاغل لفئات أخرى ربما تكون أبعد الناس نظريًا عن أمور كهذه. فقد دعا البابا فرانسيس إلى إيجاد معاهدة دولية ملزمة لتنظيم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا على ضرورة ألا تحل الخوارزميات محل القيم الإنسانية، ومحذّرًا أيضًا من "دكتاتورية تكنولوجية" تهدد الوجود البشري برمته.

أتى حديث البابا فرانسيس ضمن رسالة وجهها بمناسبة اليوم العالمي للسلام، الذي تحتفل به الكنيسة الكاثوليكية الرومانية في الأول من كانون الثاني/يناير. وتُرسل هذه الرسالة عادةً إلى زعماء العالم ورؤساء المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة، وكان عنوانها لهذا العام "الذكاء الاصطناعي والسلام".

تأتي دعوة البابا فرانسيس لإيجاد معاهدة دولية ملزمة لتنظيم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وسط تنافسٍ شديد بين الشركات العالمية المطوّرة له

وتتزامن هذه الدعوة مع مساعٍ دؤوبة تبذلها الحكومات العالمية للموازنة بين مزايا هذه التكنولوجيا، وبين الحاجة الملحة إلى استحداث قوانين حماية لضبط استخدامها. وكتب البابا فرانسيس في رسالته: "يكشف الطابع العالمي للذكاء الاصطناعي أنّ الأمر يتعدى مسؤولية الدول لتنظيم استخدامه محليًا، فالمنظمات الدولية يسعها أن تضطلع بدور جوهري في عقد اتفاقيات متعددة الأطراف، والإشراف على تطبيقها وتنفيذها".

وتابع البابا كلامه: "أحث المجتمع الدولي على تبني معاهدة دولية ملزمة تنظم تطوير الذكاء الاصطناعي بأنواع المتنوعة واستخداماته".

وتأتي هذه الدعوات الصريحة وسط تنافسٍ شديد بين شركات التكنولوجيا لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي؛ فخلال الأسبوع الماضي، كشفت جوجل عن نموذجها "جيميني" (Gemini) للذكاء الاصطناعي، الذي يندرج ضمن مساعيها لمنافسة شركة "أوبن إي آي" (OpenAI) في هذا المجال.

واستكمل البابا فرانسيس رسالته مطالبًا بالتدقيق الأخلاقي في: "غايات مطوري الذكاء الاصطناعي ومصالحهم وأهدافهم"، ومحذرًا من خطورة بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي؛ إذ تشكل خطرًا على "بقاء البشر وتهدد وطننا المشترك (الأرض)".

وقال كذلك في رسالته: "حينما تقودنا رغبتنا المهووسة بالسيطرة على جميع الأشياء، فإننا نجازف بأن نفقد زمام أنفسنا، وحينما نسعى وراء الحرية المطلقة، فإننا نخاطر بالوقوع في دوامة من الديكتاتورية التكنولوجية".

ويُعرف عن البابا فرانسيس انتقاداته الصريحة لصناعة الأسلحة، لذلك لا عجب أن يحذّر من توظيف الذكاء الاصطناعي في أنظمة الأسلحة، فهذا الأمر يهدد بكارثة عالمية. وقال البابا: "إنّ الأبحاث عن التكنولوجيا الناشئة فيما يعرف بأنظمة الأسلحة المميتة ذاتية التشغيل، ومنها التسليح بالذكاء الاصطناعي، من مباعث القلق الأخلاقي. فهذه الأسلحة الذاتية لا يسعها أن تتحلى بالمسؤولية الأخلاقية بتاتًا".

وأردف البابا قائلًا: "لا يجوز أن نحيل قدرة البشر على المحاكمة الأخلاقية واتخاذ القرارات إلى الآلة، فلا بد من الرقابة البشرية الكافية والهادفة على أنظمة الأسلحة".