09-أبريل-2023
البابا فرانسيس

البابا فرانسيس بسترة بيضاء منفوخة وعصرية (VOX)

ظهر البابا فرانسيس مؤخرًا بعدة صورٍ غريبة ولافتة، تبيّن لاحقًا أنها مولّدة عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي. فقد رأينا البابا يرتدي جاكيتة طويلة بيضاء منفوخة مستوحاة من تصميم معروف لأحد الماركات العالمية، ثم رأيناه في مقعد طائرة نفاثة حربيّة، وبعدها وهو على دراجة ناريّة ضخمة في أحد الشوارع المزدحمة. ثمة صور أخرى أكثر طرافة، من بينها صورته وهو في حشد من الناس، يرتدي بزّة جلديّة، كتلك التي يرتديها بعض الرجال البيض على الدراجات النارية، وأخرى وهو يقضي وقتًا ممتعًا في أحد البارات، وغيرها من الصور العديدة الطريفة التي غزت الإنترنت في الأسابيع الماضية. 

ظهرت مئات الصور التي تُظهر رأس الكنيسة الكاثوليكية في سيناريوهات غريبة، وقد تفاعل مع هذه الصور ملايين الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي

فقد ظهرت مئات الصور التي تُظهر رأس الكنيسة الكاثوليكية في سيناريوهات غريبة، وقد تفاعل مع هذه الصور ملايين الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حتى ظنّ بعضهم أنها حقيقية. لكن الغالبية كانوا يعلمون أنها صور تشترك جميعها بأنها مفبركة، ومولّدة عبر نماذج الذكاء الاصطناعي، التي تنشئ الصور عبر أوامر نصيّة قصيرة. 

البابا فرانسيس في طائرة حربية

 

لم تقتصر هذه الصرعة الجديدة على البابا فرانسيس، الذي ينظر إليه على أنه شخصية محببة وقريبة من عامة الناس، بخلاف سلفه. فقد شاهدنا في الآونة الأخيرة صورًا مفبركة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في سيناريوهات عن عملية اعتقاله من قبل الشرطة، وتحويله للمحاكمة. فقد وجد الناس في نماذج الذكاء الاصطناعي متنفسًا للتعبير عن بعض آمالهم فيما يخص مستقبل بعض الشخصيات السياسية، ومن بينهم ترامب، في ظل حالة من الاستقطاب المتزايد في الولايات المتحدة بين مؤيديه والمعارضين لعودته إلى المشهد السياسي في البلاد. 

إلا أن البابا فرانسيس ظل الشخصية المفضّلة لخيالات المستخدمين لهذه النماذج، وقد حصد بحسب مراجعة أجرتها صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، القدر الأعلى من التفاعل مع صوره عبر شبكة الإنترنت. 

لماذا البابا فرانسيس؟ 

بحسب جينيفر هيردت، وهي أستاذة الأخلاق المسيحية في مدرسة ييل ديفينتي، فإن الشخصيات الدينية مثل البابا تكون عادة أهكومة متوقعة وهدفًا طبيعيًا للتهكم السياسي والثقافي والتعبير الفني. كما أن البابا فرانسيس هدف مثالي، لأنه "معروف ببساطته وتضامنه مع  الفقراء والمهمشين". وعليه فإن مستوى التباين في التوقعات يكون في أعلى مدى له، كأن يظهر البابا مثلًا وهو يستعد لقيادة طائرة مقاتلة. في هذه الحالة يرتفع مستوى التناقض بين الصورة نفسها والصورة المتخيلة عن البابا، وتساعد قلقلة التوقّعات على خلق شعور ممتع لدى مشاهدي هذه الصور.  

البابا فرانسيس على دراجة نارية

من جهة أخرى، يعتقد سوباراو كامبهباتي، أستاذ علوم الكمبيوتر بجامعة ولاية أريزونا، أن مثل هذه الصور المزيفة يمكن أن تكون خطيرة إذا اعتقد الناس أنها حقيقية وأساؤوا استخدامها لنشر معلومات مضللة، أو الاعتقاد بأمور مخالفة للواقع وبعيدة عنه. 

لكن العديد من صور الذكاء الاصطناعي التي استلهمت شخصية البابا فرانسيس قد تمخّضت عن إعجاب عام بشخصيته، ونوع من التضامن معه في فترة كان يخضع فيها للعلاج في أحد المستشفيات بعد إصابته بفيروس أثر على جهازه التنفسي. ولم يصدر عن الفاتيكان أي تعليق حول تلك الصور التي انتشرت انتشارًا واسعًا، كما لم يتمّ الردّ على طلبات صحفيّة عديدة لمعرفة رأي المؤسسة أو البابا نفسه بها. 

البابا والسترة البيضاء المنفوخة

الصورة التي حولت فرانسيس إلى نجم بين جماهير الذكاء الاصطناعي هي تلك الصورة التي تظهره وهو يرتدي سترة بيضاء منفوخة، بتصميم مستوحى من دار "بالنسياجا" الفرنسية الشهيرة للأزياء الفخمة، ويسير في أحد الشوارع. الصورة نشرت أول مرة في 24 آذار/مارس المنصرم على أحد المنتديات في الولايات المتحدة، بعد أن تم توليدها عبر نموذج "ميد جورني" (Midjourney)، ثم جرت مشاركتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. 

البابا فرانسيس بسترة بيضاء منفوخة مولدة بتقنية الذكاء الاصطناعي

إحدى التغريدات التي شاركت الصورة على تويتر، وأضافت تعليقًا طريفًا عليها، حصدت أكثر من 229 ألف إعجاب، كما شوهدت أكثر من 20.6 مليون مرّة. هذا المستوى من التفاعل فاق بكثير التفاعل مع صور أخرى مولدة بتقنية الذكاء الاصطناعي عن لحظات متخيلة لاعتقال ترامب، والتي لم تتجاوز في أحسن الحالات 40 ألف إعجاب و6 ملايين مشاهدة. 

وبعدها لم يهدأ طوفان صور البابا فرانسيس بسيناريوهات عديدة متخيلة، وهو يأكل الوجبات السريعة، أو يلتقي بكائنات فضائية أو وهو يعزف على الغيتار أو يغوص في أعماق البحار أو يتراقص على الشاطئ أو يرتدي بزّة صفراء وهو يعمل على تنظيف نفايات بيولوجية خطرة. وظل البابا مصدرًا للإلهام والتجربة في منتديات الذكاء الاصطناعي، على نحو غير مسبوق لأية شخصية عامة أخرى في العالم حتى الآن.