04-سبتمبر-2023
اشتباكات كركوك العراق وأربيل

بداية الأحداث، تعود إلى يوم 28 آب/ أغسطس الماضي، حين قطع عشرات الأشخاص الطريق الرابط بين كركوك وأربيل بالكامل، رافضين تسليم المقر الرئيسي لقيادة العمليات العسكرية المشتركة في محافظة كركوك إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني (الترا صوت)

عاد الهدوء إلى شوارع محافظة كركوك بعد ساعات من رفع حظر التجوال الذي فرضته السلطات الأمنية على إثر اشتباكات في المنطقة المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، مما أدى إلى مقتل 4 أشخاص وجرح 16 آخرين، وفي الأثناء قررت المحكمة الاتحادية العليا إيقاف إجراءات تسليم مقر العمليات الأمنية إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني لحين البت في دعوى قانونية بشأنه. وكان ذلك التسليم هو الذي أشعل فتيل الأزمة في المحافظة المتنازع عليها بين الحكومة المركزية في بغداد وسلطات إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي في الشمال.

وبدت الشوارع والأسواق شبه خالية بعد الليلة العصيبة التي شهدتها المحافظة، حيث استمرت بعض المناوشات حتى ساعات الفجر الأولى، على الرغم من إرسال تعزيزات عسكرية كبيرة. حيث ارتفعت حصيلة المواجهات إلى 4 قتلى، كلهم من الأكراد، فيما أصيب 16 شخصًا بينهم عرب وأكراد، بحسب موقع "الترا عراق".

قررت المحكمة الاتحادية العليا، إيقاف فتح مقر للحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك، مما نزع فتيل التوتر في المرحلة الحالية

اشتباكات كركوك وعودة الهدوء

وأمس الأحد، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد، أمرًا ولائيًا بوقف إجراءات فتح مقر لـ"الحزب الديمقراطي الكردستاني"، في محافظة كركوك المتنازع عليها بين حكومتي بغداد وأربيل، والتي تشهد منذ السبت ارتباكًا أمنيًا.

وأوردت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، خبرًا أكدت فيه أن "المحكمة الاتحادية العليا، أصدرت أمرًا ولائيًا يقضي بإيقاف إجراءات فتح مقر للحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك لحين حسم الدعوى".

وكانت المحكمة الاتحادية العليا، عقدت جلستها التداولية للنظر في طلب إصدار أمر ولائي بخصوص فتح مقر للحزب الديمقراطي في كركوك، بناءً على الدعوى المقدمة إليها بهذا الشأن.

والأمر الولائي هو الأمر الذي تصدره المحكمة بناءً على طلب دون تبليغ الطرف الآخر، وهو قرار وقتي يصدره القاضي في الأحوال المنصوص عليها في القانون، على ألا يمسّ أصل الحق.

getty

وتعيش المحافظة حالة ترقب، وسط مخاوف من التصعيد، فيما أعلنت القوات العراقية صباح أمس الأحد رفع حظر التجول في المدينة وضواحيها، مع الإبقاء على حالة الانتشار الأمني، وإعادة فتح طريق أربيل- كركوك، وإزالة تجمعات وخيام المحتجين منه.

يذكر أنّ مصادر أمنية عراقية، أفادت أمس الأحد، بوقوع قصف مجهول "استهدف منطقة في محافظة كركوك وبالتحديد منطقة ساليبي في التون كوبري، وبحسب تلك المصادر، فقد شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من مسافات بعيدة.

مع الإشارة إلى المنطقة المستهدفة "تضم مقرًا سابقًا للحزب الديمقراطي الكردستاني، إلا أنه لم يُعرف ما إذا كان قد استهدف المقر أم لا".

وكان محتجون عرب وتركمان نظموا الإثنين الماضي، "اعتصامًا قرب المقر العام لقوات الأمن العراقية في محافظة كركوك، بعد تداول معلومات حول قيام رئيس الحكومة، محمد السوداني، بأمر قوات الأمن بتسليم هذا المقر إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني".

ويوم السبت الماضي تداعى متظاهرون أكراد من أجل الوصول إلى المقر العام، حيث وقعت المواجهات.

وفي أولى التعليقات القادمة من إقليم كردستان العراق قال الرئيس السابق للإقليم، مسعود بارزاني، "قامت مجموعة من قطاع الطرق ومثيري الشغب بقطع الطرق بين أربيل وكركوك بحجة منع افتتاح مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك". وأضاف "لا يسمحون للمواطنين بممارسة حياتهم اليومية وخلقوا وضعًا متوترًا وخطرًا لسكان كركوك".

وتابع "من المثير للدهشة أن القوات الأمنية والشرطة في كركوك لم تتمكن في الأيام القليلة الماضية من منع الفوضى والسلوك غير القانوني للذين قطعوا الطريق، أما اليوم فقد تم استخدام العنف ضد الشباب الأكراد والمتظاهرين في كركوك".

بدوره دعا رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، "رئيس الوزراء الاتحادي إلى التدخل الفوري للسيطرة على هذا الوضع غير المقبول"، وأضاف "نهيب بالمواطنين الأكراد المضطهدين في كركوك ممارسة ضبط النفس والابتعاد عن العنف".

وعلى مستوى العاصمة بغداد أمر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بـ"تشكيل لجنة تحقيق"، متعهدًا بـ"محاسبة المقصرين الذين تثبت إدانتهم في هذه الأحداث وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم العادل".

كما دعا "جميع الجهات السياسية والفعاليات الاجتماعية والشعبية إلى أخذ دورها في درء الفتنة والحفاظ على الأمن والاستقرار والنظام في محافظة كركوك"، بالإضافة إلى "الشروع بعمليات أمنية واسعة في المناطق التي شهدت أعمال شغب لغرض تفتيشها بالشكل الدقيق".

كما أجرى سوداني اتصالًا هاتفيًا مع رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني (الحاكم الفعلي للإقليم الذي يشمل أربيل ودهوك والسليمانية)، حثه فيه على "تكثيف العمل المتكامل من أجل تفويت الفرصة على كل من يعبث بأمن مدينة كركوك واستقرارها".

getty

وأجرى سوداني أيضًا اتصالًا مع رئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، لتباحث الأوضاع في محافظة كركوك، وجرى  في الاتصال "التشديد على أهمية عدم إتاحة المجال أمام أي عناصر غير مسؤولة، تستهدف النسيج الاجتماعي للمحافظة"، بحسب المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء.

جذور الاشتباكات

ويعود التوتر الحالي، إلى نية الحزب الديمقراطي الكردستاني، العودة إلى مقاره واستئناف نشاطه السياسي، من أجل الاستعداد للانتخابات المحلية، وذلك بعد خروجه من المدينة عام 2017. واندلعت المواجهات العنيفة، احتجاجًا على ذلك، مع دخول فصائل من "الحشد الشعبي" على خط الأزمة.

وبداية الأحداث، تعود إلى يوم 28 آب/ أغسطس الماضي، حين قطع عشرات الأشخاص الطريق الرابط بين كركوك وأربيل بالكامل، رافضين تسليم المقر الرئيسي لقيادة العمليات العسكرية المشتركة في محافظة كركوك إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، حيث تتخذ القوات العراقية من هذا المبنى مقراً لها منذ عام 2017.

وبحسب صحيفة "العربي الجديد"، شارك في الاحتجاجات أطراف من "الحشد الشعبي"، وآخرون من "الجبهة التركمانية" والأحزاب العربية. وبحسب مصادر أمنية من كركوك، فإن "الأيام الماضية شهدت وجودًا لعناصر حزب العمال الكردستاني في احتجاجات كركوك، بهدف التصعيد ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في أربيل".

يعود التوتر الحالي، إلى نية الحزب الديمقراطي الكردستاني، العودة إلى مقاره واستئناف نشاطه السياسي، من أجل الاستعداد للانتخابات المحلية، وذلك بعد خروجه من المدينة عام 2017

وقالت المصادر لـ"العربي الجديد"، إن "الأحزاب الكردية دفعت بمحتجين لها، كإجراء مناوئ لتظاهرات القوى العربية والتركمانية، وكان الفاصل بين التظاهرات عشرات الأمتار بينهم، لكن الأزمة تفجرت عندما دخلت عناصر مجهولة منطقة الاحتجاجات وأطلقت النار في الهواء من أسلحة خفيفة، وكذلك حرق سيارات متوقفة، ما أدى إلى تبادل إطلاق النار الذي أوقع القتلى والجرحى". ولفتت المصادر إلى أن الرواية الرسمية لم تصدر بعد وكل طرف يتبنى رؤية مختلفة حول ما حصل.

وكان "الديمقراطي الكردستاني" قد خرج من كركوك، إثر حملة عسكرية للقوات العراقية عام 2017، ردًا على تنظيم حكومة إقليم كردستان وقتها استفتاءً شعبيًا للانفصال عن العراق، وقيامها بإشراك مدينة كركوك في الاستفتاء.