27-مارس-2023
getty

تم تمرير القانون في وقت متأخر من ليلة الأحد الإثنين وذلك بعد تأجيل الجلسة (Getty)

مرر البرلمان العراقي قانون الانتخابات الجديد المثير للجدل وذلك بعد ليلة حافلة بالأحداث والصدامات داخل قبة البرلمان بين المستقلين الرافضين للقانون والداعمين له. 

مرر البرلمان العراقي قانون الانتخابات الجديد المثير للجدل وذلك بعد ليلة حافلة بالأحداث والصدامات داخل قبة البرلمان

وشهدت الجلسة عراكًا بالأيدي واحتجاجًا مستمرًا من طرف كتلة المستقلين ما دفع رئيس المجلس محمد الحلبوسي إلى المطالبة بحفظ النظام الداخلي حيث تدخل أمن البرلمان لإخراج النواب المستقلين، في وقت استمرت فيه المظاهرات الرافضة للقانون بالمنطقة الخضراء بعدما اضطر المحتجون لفض اعتصامهم أمام مبنى البرلمان لدواع وصفوها بالأمنية.

وفي التفاصيل، عقد البرلمان العراقي مساء الأحد جلسة علنية للتصويت على القانون الخاص بالتعديل الثالث لقانون مجالس المحافظات والأقضية رقم 12 لسنة 2018، وهي الجلسة الثالثة حول قانون الانتخابات، حيث أجّلت جلسة سابقة يوم السبت نظرًا لعدم اكتمال النصاب القانوني الخاص بها.

ومع بداية الجلسة شرع المستقلون في الاحتجاج رافضين مناقشة القانون، وتعددت أساليبهم في ذلك بين من استخدم صافرة للاحتجاج وبين من اكتفى بترديد شعارات مناوئة للقانون ورافضة له على غرار هتاف "كلا كلا سانت ليغو". ومع مواصلة الرافضين للقانون لاحتجاجهم طلب رئيس المجلس تدخل الأمن الذي قام بطرد المستقلين وإخراجهم عنوة وفي هذا الصدد تحدثت أكثر من وسيلة إعلامية عن تعرض النائب المستقل محمد نوري للضرب من طرف قوات البشمركة، فيما طالب رئيس كتلة الفتح النيابية، عباس الزاملي، "بإنهاء عضوية كل الأعضاء الذين اعترضوا على القانون".

getty

وبعد إخراج النواب المستقلين تم تمرير قانون الانتخابات بحضور 189 نائبًا، كما اعتمد التصويت القاسم الانتخابي (1.7) من نظام "سانت ليغو" المعدل، وحدث ذلك في وقت تواصلت فيه الاحتجاجات خارج البرلمان وفي محيطه، وبعد المصادقة على القانون لوحت حركة "امتداد" بتقديم دعوى إلى المحكمة الاتحادية للطعن بالقرارات التي صدرت عن جلسة يوم الأحد.

وكان النواب المستقلون قد أكّدوا ثباتهم على موقف المقاطعة، وفي هذا الصدد قال النائب المستقل عامر عبد الجبار في تصريح لصحيفة العربي الجديد قبيل انعقاد جلسة الأحد: "النواب المستقلين سيقاطعون الجلسة، من أجل منع تشريع قانون انتخابات مرفوض من قبل المرجعية والمتظاهرين والقوى الناشئة والنواب المستقلين.. سنعمل على إفشال الجلسة ومنع استكمال التصويت لحين تعديل القانون بشكل عادل ومنصف".

وأفاد النائب المستقل أن خمس دعاوى رفعت أمام المحكمة الاتحادية ضد جلسة التصويت على قانون الانتخابات، لوجود شكوك في نصاب الجلسة، مضيفًا "القوى المتنفذة غير قادرة على تحقيق النصاب والدليل جلسة أمس، كما لن تستطيع اليوم أن تحقق النصاب والمضي بتشريع القانون، إذ إن نوابًا من الكتل نفسها يعارضون القانون".

وأضاف النائب أن النواب المستقلين زاروا المعتصمين أمام المنطقة الخضراء، وأكدوا دعمهم الحراك الاحتجاجي ورفض القانون الذي يهدف إلى سيطرة الكتل والأحزاب الكبيرة على كامل المشهد السياسي والانتخابي.

كما أكد أن إصرار القوى المتنفذة على تمرير القانون ومخالفة رأي المرجعية والشارع والقوى الناشئة والمستقلين، "سيزيد من غضب الاحتجاج في الشارع العراقي، داعيًا إياها إلى الحذر من إهمال صوت الشارع"، على حد قوله.

من جهتها، قالت رئيس كتلة "الجيل الجديد" النيابية سروة عبد الواحد في بيان صحافي، يوم الأحد، إن مقاطعة جلسة اليوم تأتي لدعم "حركة امتداد والمستقلين والأصوات المعارضة.. لن نترك شركائنا في نصف الطريق، ولن نشارك بجلسة اليوم أيضًا".

ويجادل معارضو قانون الانتخابات الجديد بأنه يعيد هيمنة القوى الكبرى على المشهد البرلماني باعتماد القاسم الانتخابي 1.7 حيث يعتمد القانون على توزيع الأصوات داخل القائمة الانتخابية وليس على الفائز الأعلى كما يعتمد القانون بأن المحافظة هي دائرة انتخابية واحدة ويلغي عدالة المنافسة في الانتخابات، مما يجعل الكتل التقليدية "هي المهيمنة وهي صاحبة الحظ الأوفر للدخول مجدداً إلى قبة البرلمان" حسب المستقلين والمعارضين لنظام سانت ليغو.

ما هي آلية "سانت ليغو"؟

تم اعتماد هذه الآلية بالدول التي تعمل بنظام التمثيل النسبي، حيث يكون القاسم الانتخابي بواقع 1,4 تصاعديًا، وفي هذه الحالة، تحصل القوى الصغيرة على فرصة للفوز بمقاعد في البرلمان والمجالس المنتخبة. إلا أن العراق، اعتمد سابقًا القاسم الانتخابي بواقع 1,9، وهو ما يجعل الأحزاب والكتل الكبيرة تحتكر المنافسة، وذلك على حساب القوى الصغيرة، والمرشحين الأفراد، والمستقلين.

وقدم مشروع تعديل قانون الانتخاب تحالف إدارة الدولة، وهو يمثل الكتلة البرلمانية الأكبر داخل البرلمان العراقي، والتي تضم الإطار التنسيقي، والحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني، وتحالف السيادة، وتحالف "عزم"، وبابليون. ويبلغ عدد نواب التحالف 270 نائبًا من مجموع 325 نائبًا، في البرلمان العراقي.

وترفض القوى المدنية والوطنية في العراق، إلى جانب التيار الصدري، هذه الصيغة من المشروع، وتهدد باللجوء إلى الشارع، باستثناء "التيار الصدري".

ووفق القانون الجديد ستجري الانتخابات عبر آلية القائمة "شبه المفتوحة"، تكون فيها المحافظة دائرة واحدة وتقسم المقاعد وفق آلية "سانت ليغو".

ترفض القوى المدنية والوطنية في العراق، إلى جانب التيار الصدري، هذه الصيغة من المشروع، وتهدد باللجوء إلى الشارع، باستثناء "التيار الصدري"

أما القانون الحالي، فكان الترشيح فرديًا، والفائز بأعلى الأصوات ينال المقعد من دون وجود أي عتبة انتخابية. والمحافظات مقسمة إلى دوائر انتخابية متعددة، بحيث لكل 100 ألف ناخب في الدائرة، ممثل في البرلمان، لكن الأهم  هو أنه يعمل وفق "الدوائر المفتوحة" حيث لا تستطيع التحالفات أو الأحزاب تحويل أصواتها من مرشح إلى آخر.