15-يناير-2024
بعد 100 من الحرب، أعادت غزة تشكيل الخارطة الجيوسياسية (GETTY)

(Getty) بعد 100 من الحرب، أعادت غزة تشكيل الخارطة الجيوسياسية

اعتبرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الحرب في غزة هي من أهم الأحداث جيوسياسية في القرن الحالي، فقد تحوّلت الحرب، بعد 100 يوم، إلى نزاع مستعصٍ يهدد بالتوسع إلى جميع أنحاء الشرق الأوسط، وعرقلة التجارة العالمية.

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن الولايات المتحدة سارعت لمساعدة إسرائيل، في حرب تشكل أحد اختبارات السياسة الخارجية المحددة للرئيس الأمريكي جو بايدن، وتردد صدى الصراع ودعم الإدارة القوي لإسرائيل على السياسة الداخلية الأمريكية، مما أثار موجة من الاحتجاجات في حرم الجامعات، التي أضافت وقودًا إلى "الحروب الثقافية"، بينما يتجه بايدن إلى انتخابات مثيرة للجدل.

وأجبرت الحرب في غزة الولايات المتحدة على إعادة التركيز على الشرق الأوسط، بعد سنوات من إعادة التوجه الدبلوماسي والعسكري لمواجهة صعود الصين، وصرفت الحرب انتباه الولايات المتحدة عن جهودها لمساعدة أوكرانيا في الحرب.

وخلطت الحرب أوراق السياسة الأمريكية وأولوياتها، فقبل العدوان الإسرائيلي على غزة كانت جهود واشنطن في المنطقة تتركز على التطبيع، وخاصة بين السعودية وإسرائيل، بهدف إعادة تشكيل التحالفات الأمنية بالمنطقة، واحتواء إيران. وقد توقف كل هذا، ولا يعرف وقتًا لاستئنافه من جديد.

أجبرت حرب غزة الولايات المتحدة على إعادة التركيز على الشرق الأوسط، بعد سنوات من إعادة التوجه الدبلوماسي والعسكري لمواجهة صعود الصين، وصرفت الحرب انتباهها عن جهودها لمساعدة أوكرانيا

ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن المسألة الآن أصبحت كيفية حل الصراع العربي الإسرائيلي، الذي تجاهله المجتمع الدولي وإسرائيل إلى حد كبير خلال السنوات الماضية، ومرة أخرى أصبح أمرًا أساسيًا للدبلوماسية العالمية، على الرغم من أن الطريق إلى حل الدولتين يبدو أكثر صعوبة من أي وقت مضى.

وتقول نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس، سنام فاكيل: "فكرة تهميش القضية الفلسطينية هي سراب".

وتضيف الصحيفة: "من المرجح أن يكون لموعد وكيفية إنهاء إسرائيل الحرب تأثير على جبهات متعددة، بما في ذلك أمنها على المدى الطويل. وخارج ساحة الحرب في غزة، تعمل الولايات المتحدة على احتواء إيران، وحزب الله اللبناني وأنصار الله الحوثيين. وأصبحت عملية السلام الهشة في اليمن، التي ساعدت الولايات المتحدة في التوسط فيها، وهي محور التقارب الأخير بين السعودية وإيران، معرضة الآن للخطر"، بحسب "وول ستريت جورنال".

وقال كبير زميل السياسة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، هيو لوفات: "عندما تمتد حرب في غزة إلى ما وراءها، وإلى ما وراء إسرائيل، إلى المنطقة، وهو ما يحدث الآن، سيكون لهذا تداعيات عالمية".

وأدت الضربات الأمريكية الأخيرة في اليمن إلى زيادة التدخل العسكري لواشنطن، بعد أن وضعت سفنًا حربية في المنطقة خلال الأيام الأولى من العدوان، لـ"ردع حزب الله" عن مهاجمة إسرائيل. وزودت الولايات المتحدة إسرائيل بقنابل كبيرة، إلى جانب عشرات الآلاف من الأسلحة وقذائف المدفعية الأخرى، للمساعدة في "طرد" حماس من غزة، وفق ما ورد في وول ستريت جورنال.

وقام وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بأربع زيارات إلى المنطقة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، في محاولة لمنع الحرب من التوسع إلى صراع إقليمي.

وأدت التوترات إلى استقالة رؤساء في جامعة هارفارد، وجامعة بنسلفانيا، واتهمت جنوب إفريقيا، يوم الخميس، إسرائيل بالإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية، وذلك على خلفية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

عملية للحوثي في البحر الأحمر

وفي الشهر الرابع من عدوانها على غزة، أشارت إسرائيل إلى أنها تتحول إلى مرحلة صراع أقل شدة، تحت ضغط من الولايات المتحدة، للحد من الإصابات بين الفلسطينيين، وسط أزمة إنسانية متفاقمة.

وقال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي في عهد نتنياهو، من عام 2009 إلى عام 2011، عوزي أراد: "في الواقع، لا تزال الأزمة في حالة تغير مستمر"، وأضاف: "لا يزال هناك المزيد من مخاطر التصعيد".

من جهته، تحدث الأستاذ المحاضر في جامعة بيرزيت في الضفة الغربية، غسان الخطيب: "من الواضح أن ما حدث حتى الآن قد هز ميزان القوى الإقليمي ضد إسرائيل والولايات المتحدة"، وأضاف: "إسرائيل، حتى الآن بعد ثلاثة أشهر، غير قادرة على هزيمة حماس".

وتقول الصحيفة الأمريكية، عن الأهداف الإسرائيلية للحرب، إن معظم التحليلات العسكرية الإسرائيلية، تعتقد بأن تحقيق هذا الهدف مع استعادة المحتجزين، سيكون صعبًا.

في المقابل، تشير "وول ستريت جورنال"، إلى أنه في الوقت الحالي، ينقسم قادة حماس حول ما يمكن للحركة تحقيقه من الحرب. ويعتقدون أنهم حققوا انتصارًا في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وتسبّبوا بضربة أمنية وعسكرية لإسرائيل، من خلال تأمين قيادتهم بعد الهجوم الإسرائيلي. ولكن السؤال المهم هو إن كانت حماس قادرة على استخدام ما تبقى لديها من محتجزين لتحرير السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وهو هدف السنوار، أو تظل في السلطة داخل غزة، وكقوة مؤثرة في السياسة الفلسطينية.

أمّا عن سؤال ما بات يعرف بـ"اليوم التالي"، تقول الصحيفة الأمريكية: "حتى لو هزمت إسرائيل، حماس فليس من الواضح من سيدير قطاع غزة، أو يموّل إعمار الدمار. وتعتقد الدول العربية المؤثرة، مثل مصر، أن حماس يجب أن تلعب دورًا، وقد زادت الحرب من شعبيتها مقابل السلطة الفلسطينية.

وتضيف: "سيكون تحقيقُ أيٍّ من هذه الأهداف صعبًا، بعدما توترت علاقات الدول العربية مع الولايات المتحدة، نظرًا للدعم غير المشروط لإسرائيل".

وتختم الصحيفة الأمريكية بالقول: "قوض دعم الولايات المتحدة لإسرائيل دورها في عالم الجنوب، حيث تساءلت العديد من الدول عن دعم الجهود الأمريكية في أوكرانيا، في حين عندما تواصل دعم احتلال الإسرائيلي لفلسطين".

ويقول لوفات من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "من رؤية بكين وموسكو فإن مراقبة الولايات المتحدة وهي تهدر مصادرها على دعم إسرائيل، ليست ميزةً سيئةً"، وأضاف: "في النهاية خرجت الصين وروسيا بميزة".