29-أغسطس-2023
/lkjb

أحدثت بطاريات الليثيوم ثورة تكنولوجية هائلة غيرت نمط حياتنا. (GETTY)

بعد جيل البطاريات العادية التي كانت تستخدم في تشغيل الآلات الحاسبة وألعاب الأطفال وأجهزة الراديو بطريقة تقليدية، ظهرت بطاريات الليثيوم التي أحدثت ثورة تكنولوجية هائلة غيرت نمط حياتنا، من خلال تشغيل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وسماعات الرأس اللاسلكية. فأصبحنا نشهد تحولًا مهمًا ونوعيًا في قطاع الطاقة، إذ باتت هذه البطاريات  التقنية المفضلة للسيارات الكهربائية وتخزين الكهرباء ولعبت دورًا حاسمًا في التحول العالمي إلى اقتصاد خالٍ من الكربون.

ظهرت تقنية ليثيوم أيون في السبعينيات واكتسبت شهرة عندما سوقت لها شركة سوني 1991 لتشغيل كاميرات الفيديو Handycam الخاصة بها. توفر هذه البطاريات سعة تخزين أكبر للطاقة في وحدات أصغر وأخف وزنًا مقارنة بالتقنيات السابقة مثل حمض الرصاص أو بطاريات النيكل والكادميوم.

يمتد مستقبل بطاريات الليثيوم أيون إلى ما وراء أسواق السيارات الكهربائية، إذ يتطلب تخزين الشبكة الضروري لمعالجة الطبيعة المتقطعة لمصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح  توسعًا هائلًا. ومع ذلك، تتدفق معظم الاستثمارات حاليًا في مجال بطاريات الليثيوم أيون في سوق السيارات الكهربائية.

دفعت ثورة المركبات الكهربائية، التي بدأت في الصين وتنتشر الآن في أنحاء العالم، إلى إنتاج بطاريات أيونات الليثيوم على نطاق واسع، بعد أن كانت هذه المادة الكيميائية مُخصّصة للمستحضرات الصيدلانية. فأصبحت تُوظّف الآن في اقتصادٍ جديدٍ لتخزين الطاقة والتأسيس للتحول عن الوقود الأحفوري. 

في عام 2016، استهلكت صناعة البطاريات 35% من 180 ألف طن من الليثيوم المنتج، أما في عام 2023 فتتوقع وكالة بنتشمارك مينيرال إنتليجانس Benchmark Mineral Intelligence أن ترتفع هذه النسبة إلى 85% من سوق الليثيوم الذي يتوقع أن يتجاوز مليون طن لأول مرة على الإطلاق.

دفعت ثورة المركبات الكهربائية، التي بدأت في الصين وتنتشر الآن في أنحاء العالم، إلى إنتاج بطاريات أيونات الليثيوم على نطاق واسع، بعد أن كانت هذه المادة الكيميائية مُخصّصة للمستحضرات الصيدلانية.

يتزايد الطلب على بطاريات الليثيوم أيون بشكل كبير، حيث تصل الإيرادات العالمية المقدرة إلى 700 مليار دولار سنويًا وفقًا للوكالة بحلول عام 2035. ولتلبية هذا الطلب سيتعين استثمار حوالي 730 مليار دولار في مصانع البطاريات والمناجم ومرافق المعالجة، وهذا لا يتطلب كمية كبيرة من الليثيوم فقط، بل من مواد أخرى مثل النيكل والكوبالت.

منافسة محمومة

يتنافس شكلان من تقنيات أيونات الليثيوم للسيطرة على صناعة تقدر قيمتها بمئات المليارات من الدولارات، إذ أصبحت المنافسة لتطوير تقنيات الليثيوم أيون موضوع المنافسة بين شركات التقنية الكبرى من قبيل تسلا وفولكس فاجن وبي واي دي الصينية وإل جي إنيرجي سوليوشن. 

في سوق السيارات الكهربائية، هناك نوعان من عمليات الاختزال الكيميائي المعتمد على المهابط (الكاثود)، وهما عملية النيكل والمنغنيز والكوبلت (NMC)، وتلك المعتمدة على استخدام الليثيوم والحديد والفوسفات (LFP).

تنخفض كلفة تصنيع بطاريات من النوع الثاني بالمقارنة مع النوع الأول السائد في المركبات الكهربائية الغربية نظرًا لأن خام الحديد متوفر نسبيًا، وعمليات استخراجه وتنقيته أقل كلفة. 

ويشار إلى أنه لا يوجد أي نوع من بطاريات أيونات الليثيوم الآمنة تمامًا من خطر الحريق، لكن تميل بطاريات الليثيوم والحديد والفوسفات إلى أن تكون أكثر استقرارًا وأمانًا من نظيراتها القائمة على النيكل.

أما البدائل الأكثر شيوعًا فهي بطاريات النيكل والكوبالت والألمنيوم، إذ يهدف أنصار التقنيات الأخرى من قبيل بطاريات أيونات الصوديوم، إلى الوصول إلى كثافة طاقة مماثلة لبطاريات الليثيوم والحديد والفوسفات حاليًا، ناهيك عن أن المواد الخام المطلوبة لصناعتها أكثر وفرة وفيها ميزات سلامة أكثر من نظيراتها، لكنها مع ذلك أكثر تكلفة في الوقت الحالي، إذ لا تُنتج سوى بكميات قليلة، ولا زالت سلاسل التوريد الخاصة بها غير متطورة.

لاع

تتفوق الشركات الكورية الجنوبية من قبيل إل جي إنيرجي سوليوشن وسامسونج إس دي آي في إنتاج بطاريات النيكل والمنغنيز والكوبلت، والتي تُستخدم في غالبية السيارات الكهربائية المباعة في الغرب، إذ يكون طول عمرها الافتراضي الطويل نسبيًا أكثر ملاءمة لعادات القيادة، ولكن الشركات الصينية لا تزال تنتج 75% منها من الإنتاج العالمي ، وفقًا لبيانات بنشمارك.

وتهيمن الصين بالكامل تقريبًا على بطاريات الليثيوم والحديد والفوسفات، إذ تنتج 99% من الإنتاج العالمي، وقد أحدثت هذه التكنولوجيا ثورة في البلاد بفضل التحسينات في كثافة الطاقة، ومستويات الأمان العالية، وانخفاض تكلفتها مقارنة بالخلايا التي تحتوي على الكوبلت والنيكل. وقد ارتفعت حصة الليثيوم والحديد والفوسفات في السوق الصينية من 18% إلى 60% في ثلاث سنوات فقط.

ومن جانب آخر وفي ظل توسّع استخدام بطاريات الليثيوم أيون متوسطة وكبيرة الحجم في السيارات الكهربائية وأنظمة تخزين الطاقة (ESS)، تتزايد المخاوف بشأن الحرائق والانفجارات.

 تحدث الحرائق في البطاريات عند قصر دائرة البطاريات بسبب التأثيرات الخارجية أو سوء الاستخدام أو التقادم، بالإضافة إلى ظاهرة الهروب الحراري المصحوبة بتفاعلات متسلسلة طاردة للحرارة تجعل من الصعب إطفاء الحريق وتشكل خطرًا كبيرًا على السلامة الشخصية.

وقد حذرت شركة آبل الأسبوع الماضي مستخدمي هاتف آيفون من النوم مع إبقاء هواتفهم قيد الشحن، وشددت على ضرورة اتباع الاحتياطات المناسبة عند عملية الشحن تجنبًا لأي حرائق يمكن أن تحدث بفعل الحرارة الناتجة عن عملية شحن البطارية.

يطور الباحثون نموذجًا من بطاريات الليثيوم غير قابل للاشتعال لمنع الهروب الحراري فيها. إذ يعمل فريق بحث تعاوني  من المعهد الكوري للتكنولوجيا الصناعية (KITECH) على تطوير إلكتروليت غير قابل للاشتعال لا يشتعل في درجة حرارة الغرفة، وذك عن طريق تكييف التركيب الجزيئي للكربونات العضوية الخطية لمنع الحريق والهروب الحراري في بطاريات أيونات الليثيوم. ويتميز النموذج المطور غير القابل للاشتعال بتكلفة تنافسية وتوافق ممتاز مع موصلات الإلكترود عالية الكثافة. لذلك فمن المتوقع أن يعتمد النموذج الجديد، ليسرع أخيرًا ظهور بطاريات عالية الأداء ذات استقرار حراري ممتاز.