23-فبراير-2024
اختطاف وعنف جنسي من الدعم السريع في السودان

(Getty) أشار بعض الضحايا إلى أنه تم "استعبادهم وبيعهم للعمل في مزارع قادة قوات الدعم السريع"

شهدت الحرب السودانية، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، انتهاكات مروعة على مدار أشهر الحرب، شملت عمليات الاختطاف والاتجار بالبشر والعمل القسري، بحسب شهادات 10 ضحايا، قابلتهم "الواشنطن بوست".

وقال الضحايا وشهود العيان والنشطاء، إن عناصر من قوات الدعم السريع، التي استولت على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم، واجتاحت معظم أنحاء منطقة دارفور الغربية، جعلت من عمليات الاختطاف هذه مصدرًا مربحًا للدخل.

بينما تورطت كافة أطراف الحرب في أعمال عنف ضد المدنيين، يقول شهود عيان ونشطاء إن قوات الدعم السريع هي المسؤولة بشكل أساسي عن موجة عمليات الاختطاف

وأشار بعض الضحايا إلى أنه تم "استعبادهم وبيعهم للعمل في مزارع قادة قوات الدعم السريع"، وفي شهادات أخرى تحدثت عن الإجبار على دفع فدية مقابل الإفراج عنهم، وفي حالات أخرى تم اختطاف نفس الشخص عدة مرات.

وبينما تورطت كافة أطراف الحرب في أعمال عنف ضد المدنيين، يقول شهود عيان ونشطاء: إن "قوات الدعم السريع هي المسؤولة بشكل أساسي عن موجة عمليات الاختطاف". وتشير الصحيفة الأمريكية إلى أن معظم "الضحايا الذين تمت مقابلتهم في هذه القصة هم من المساليت، وهي قبيلة أفريقية، على الرغم من اختطاف سودانيين من خلفيات أخرى".

اختطاف بعد القتل

قال محمد أرباب موسى (21 عامًا) لـ"الواشنطن بوست"، إنه كان مختبئًا تحت سرير عندما اقتحم مقاتلون من قوات الدعم السريع ضاحية أردمتا، في محيط مدينة الجنينة بدارفور، في أوائل تشرين الثاني/نوفمبر. إذ قُتل ما يصل إلى 15 ألف شخص خلال الهجوم على الجنينة، وفقًا لتقرير غير منشور للأمم المتحدة استعرضته صحيفة "الواشنطن بوست".

ويوضح موسى، أن "عناصر الدعم السريع عثروا عليهم، وقاموا بوصفهم بـ’العبيد’"، إذ يتذكر موسى، الذي تمت مقابلته في مخيم للاجئين في تشاد، أن "أحد عناصر قوات الدعم السريع قال: اخرجوا أيها العبيد. وأضاف موسى: لقد قتل أحد أصدقائي بفأس.… لقد تعرضنا للضرب بالسياط".

وقال موسى، إنه نُقل إلى منزل آخر، حيث كانت هناك ست جثث ملقاة في الخارج، وأمروه بالعمل في إصلاح السيارات. وقال خاطفوه لجندي آخر من قوات الدعم السريع، إن مجموعة موسى ستُقتل عندما ينتهون من العمل. ورغم ذلك، نقل موسى مع مئات الأشخاص، بناءً على أوامر من عبد الرحيم دقلو، شقيق محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع، إلى مزرعة للعمل فيها.

كما نُقل آدم حامد (24 عامًا)، الذي قال إنه نجا من إعدام جماعي في الجنينة، إلى مدرسة ​بعد أن داهم مقاتلو الدعم السريع منزله. وكانوا قد اختطفوا في البداية ابنة جاره، البالغة من العمر عامين، وهددوا بقتلها ما لم يتم دفع فدية. وأضاف أن خمسة بالغين في المنزل سلموا أموالًا مقابل حريتها.

وأضاف: "قُتل شخص واحد على الفور، وبعد ذلك طُلب من أهلنا دفع مبلغ 200 ألف جنيه سوداني (330 دولارًا)، وإلا سنقتل جميعًا". وقام أقاربهم بجمع الأموال ودفعوا الفدية، وتم إطلاق سراح المجموعة. لكن بعد ساعة، جاء المزيد من المقاتلين وأخذوهم إلى المدرسة. وقال حامد، إن الفصول الدراسية في المدرسة كانت مليئة بالأسرى من رجال ونساء وجنود ومدنيين.

وقال حامد، إن شقيق حميدتي، وصل إلى المدرسة وأكد للأسرى سلامتهم. لكن الحراس لم يطلقوا سراح الأشخاص إلا مقابل فدية أخرى قدرها 330 دولارًا، والتي دفعتها عائلته مرة أخرى في النهاية.

البحث عن المفقود

وقالت خميسة زكريا (37 عامًا)، التي ذهبت للبحث عن ابنها المفقود خارج الجنينة دون جدوى، إنها عثرت بدلًا من ذلك على صبيين من مجموعة المساليت العرقية يعملان كخادمين لدى أخت عمدة المدينة. قال أحدهم (15 عامًا)، إنه كان ضمن مجموعة مكونة من 17 شخصًا من المساليت، مقسمين على زعماء الدعم السريع وأجبروا على العمل كخدم في المنازل.

وقالت فاطمة إسحاق، 40 عامًا، إن قوات الدعم السريع قتلت ابنها البالغ من العمر 17 عامًا عندما داهمت منزلها في أردمتا. مضيفةً أن ابنها الأصغر، البالغ من العمر 15 عامًا، اختطف أثناء محاولته الفرار. وتقول: "لقد دفعت حوالي 80 دولارًا مقابل حريته، لكن آسره سلمه إلى مقاتل آخر، الذي أمرها بالدفع مرة أخرى. في النهاية، كان عليها أن تدفع ثلاث مرات. وفي نهاية المطاف، أخبرها أحد مقاتلي قوات الدعم السريع أنه سيبقي ابنها مستعبدًا لحمل البضائع المنهوبة، لكنه لن يقتله. وقالت إنه لا يزال مفقودًا". وقالت فاطمة: "أشعر بالعجز الشديد. سأموت لمساعدته".

عنف جنسي

قال أحد سكان كبكابية في شمال دارفور، لـ"الواشنطن بوست"، إنه سمع اثنين من مقاتلي قوات الدعم السريع في السوق يناقشان بيع فتاتين في تشرين الأول/أكتوبر.

وقالت سليمة إسحاق، رئيسة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة في وزارة التنمية الاجتماعية السودانية، إن وحدتها تعقبت فتيات مختطفات في عدة مناطق، بما في ذلك دارفور والخرطوم وأماكن أخرى. وقالت: "شاهدهم شهود عيان مقيدات بالسلاسل في السيارات".

وقالت المبادرة الاستراتيجية للمرأة في القرن الأفريقي، إن "أسواق الشابات ظهرت في بداية الصراع. يصل مسلحون من الدعم السريع عند الفجر في شاحنات صغيرة وفي الخلف نساء وفتيات مقيدات"، وفقًا لروايات اثنين من سائقي الشاحنات التجارية في مكان الحادث.

قال الضحايا وشهود العيان والنشطاء، إن عناصر من قوات الدعم السريع، التي استولت على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم، واجتاحت معظم أنحاء منطقة دارفور الغربية، جعلت من عمليات الاختطاف هذه مصدرًا مربحًا للدخل

وقال أحد النشطاء في شارجينيل بولاية شرق النيل، إن 13 امرأة مفقودات من المنطقة منذ تشرين الثاني/نوفمبر. وقد عادت اثنتان منهن بروايات عن العنف الجنسي. 

وقالت واحدة منهن، إن مقاتلي قوات الدعم السريع احتجزوها لمدة خمسة أيام واغتصبوها. وقالت المرأة الأخرى للجنة، إنها احتُجزت في الخرطوم بالقرب من المطار، مع حوالي 50 امرأة أخرى في مبنى سكني يُستخدم الآن لاحتجاز النساء واغتصابهن.