19-يناير-2019

اشتباك بالأيدي في إحدى جلسات البرلمان التونسي (صحف تونسية)

قبل أن يتعرف العالم على كلمة برلمان التي تعبر عن مجلس تشريعي ورقابي منتخب، عُرفت المجالس الشعبية الديمقراطية في أثينا القديمة، كأول تجربة واضحة ومباشرة لاحترام رأي الشعوب في قرارات السلطة وكانت هذه المجالس اليونانية في أحد أشكالها تستقبل جميع الأحرار في قاعتها وتستمع لآرائهم وتسمح لهم بالتصويت. 

تشتهر البرلمانات العربية بالمشاجرات بالأيدي والسب والقذف بين نوابها، حتى باتت سمة تميز أغلبها، خاصة البرلمانات التي تعاني شبح الطائفية

بينما يعتقد المؤرخ الدنماركي ثوركيلد جاكوبسون، أن هذه المجالس نشأت قبل ذلك في بلاد ما بين النهرين، وآخرين يعيدوها إلى حضارة الهند القديمة، لكن أغلب المؤرخين يعتقدون أن بلاد العراق والهند قديمًا، كانتا مجال للأوليغارشية

اقرأ/ي أيضًا: البرلمان العراقي.. من كوميديا التشريع إلى الإباحية

وعلى كل، بقيت مسميات المجالس الديمقراطية متغيرة حتى استخدمت كلمة برلمان في المملكة المتحدة لأول مرة في القرن الـ13.

في الدولة العربية الحديثة، سبقت مصر الجميع بامتلاك مجلس تشريعي، وذلك في عام 1866 خلال حقبة الوالي العثماني محمد علي. وعرف آنذاك باسم مجلس شورى البرلمان. لكن برلمان 1923 في مصر كان الأقرب للشكل الحقيقي للسلطة التشريعية وفقًا لما يملكه من صلاحيات مساءلة ورقابة وسحب ثقة للحكومة.

وتبعت معظم الدول العربية مصرَ من حيث تاريخ نشأة البرلمانات التي توالت بعد الانتدابات البريطانية والفرنسية والإيطالية، التي تبعت الحرب العالمية الأولى. ومع انحلال عقدة الدكتاتوريات العربية بتراخيها في نهايات القرن العشرين، ونهاية عدد منها، أو تفككها خلال ثورات الربيع العربي؛ عادت البرلمانات العربية إلى الواجهة باعتبارها الحد الأدنى من الديمقراطية الممكنة. 

وكانت الاشتباكات بالأيدي والمشاجرات والشتائم إحدى الظواهر التي اعتاد المواطن العربي على مشاهدتها مرارًا في المجالس التشريعية لبلاده وباقي الدول المجاورة.

وتعتبر ظاهرة الجدل الحاد والنقاشات الساخنة ظاهرة طبيعية في أي برلمان في العالم، وفقًا لما يرافق جلساته من قضايا حساسة تتعلق بالواقع الاقتصادي والخدمي للشعب، بالإضافة إلى قضايا الحريات والأمن القومي. 

لكنها نادرًا ما تتحول إلى اعتداءات جسدية وشتائم نابية، كما يحدث مرارًا في البرلمانات العربية، لا سيما تلك التي تعاني من شبح الطائفية كالعراق والكويت ولبنان، ترافقهما بصدارة العنف البرلماني مملكة الأردن.

وعلى خلفية واحدة من أحدث الشجارات التي شهدها البرلمان الأردني، وأكثرها طرافة، وقد تعاطى معاها رواد مواقع التواصل الاجتماعي بسخرية؛ جمعنا هنا لكم خمسةً من أبرز المشاجرات البرلمانية العربية التي وُثقت بالصوت والصورة:

1. أيار/مايو 2011 في مجلس الأمة الكويتي

تعتبر جلسة مجلس الأمة الكويتي حول قضية معتقلي سجن غوانتانامو الحاملين للجنسية الكويتية، والتي كانت في 18 أيار/مايو من عام 2011، واحدة من أشهر جلسات المجلس. 

ووقع في هذه الجلسة اشتباكات بين النواب، تضمنت ضربًا باليدين والعقال بين نائبين من الطائفة الشيعية وأربعة نواب من التيارات الإسلامية. لكن هذه الجلسة بطبيعة الحال ليست الوحيدة التي شهدت شجارًا داخل البرلمان الكويتي

2. تشرين الأول/أكتوبر 2012 في البرلمان اللبناني

في البرلمان اللبناني تقع المشاحنات بشكل مستمر، لكن الاشتباكات بالأيدي ليست من المشاهد المعتادة فيه، إلا أنه أبى أن يخلو من مشهد واحد على الأقل، يتبادل فيه نوابٌ الضرب ورمي قناني المياه. 

كان ذلك خلال اجتماع لجنة الأشغال العامة في الأسبوع الأول من تشرين الأول/أكتوبر 2015، إذ تبادل نواب من تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، الاتهامات بالسرقة، على رأسيهما جمال الجراح وزياد أسود، الأمر الذي تطور إلى تبادل الشتائم والعراك بالأيدي وقناني المياه.

3. كانون الثاني/يناير 2019 في البرلمان التونسي

لم تبتعد تونس عمّا يبدو أنه تقليد البرلماني عربي، إذ شهدت قاعة مجلس نواب الشعب، في 16 كانون الثاني/يناير الجاري، مشادة كلامية تطورت إلى تبادل السباب والاشتباك بالأيدي. 

حدث ذلك بعد شكوى قدمها الجيلاني الهمامي، النائب عن الجبهة الشعبية التونسية، اشتكى فيها ضد رئيس المجلس محمد الناصر، الأمر الذي خلق حالة من الفوضى، تضمنت العراك بالأيدي والسب بالدين من قبل أحد النواب.

4. نيسان/أبريل 2016 في البرلمان العراقي

ليس من المستغرب أن يكون البرلمان العراقي ضمن قائمة البرلمانات العربية التي شهدت مشاجرات مصورة، لما فيه من صراعات سياسية متعددة على مستويات قومية وطائفية. 

ومن كثرة ما شهده البرلمان العراقي من مشاجرات، قد يصعب الاختيار من بينها لقائمتنا، لكن واحدة من أشهر تلك المشاجرات، كانت حادثة رشق النائبة عالية نصيف حذاءها في سلمان الجميلي الذي كان وزير الإسكان والإعمار حينها.

وهناك كذلك المشاجرة الكبيرة التي وقعت في الجلسة التي تبعت اقتحام مجلس النواب من قبل المتظاهرين في نيسان/أبريل 2016، والتي كانت شرارتها مطالَبة النائب ريبوار طه، من أعضاء البرلمان التابعين للتيار الصدري، بتقديم اعتذار للاتحاد الوطني الكردستاني، "لما تحمّله من أضرار إثر اقتحام أنصار التيار المنطقة الخضراء ومجلس النواب"، لتشتعل مشاجرة كبيرة لم تنته إلا برفع الجلسة.

5. إطلاق النار في البرلمان الأردني!

يأتي البرلمان الأردني متقدمًا على باقي البرلمانات العربية في قائمة المشاجرات، من حيث الكم والنوع، والتي وصلت في إحدى الجلسات إلى إطلاق النار داخل البرلمان من قبل أحد النواب!

وحدث ذلك بعد شجار بين النائب طلال الشريف والنائب قصي الدميسي، ما دفع الأول لإطلاق النار من سلاح كلاشينكوف على زميله الدميسي في مكاتب النواب بالمبنى، دون أن يصيبه.

وصلت المشاجرات في البرلمان الأردني إلى درجة أن أطلق أحد النواب النار من سلاح كلاشينكوف على أحد زملائه في المجلس

لاحقًا صُوّت على إلغاء عضوية الشريف من المجلس، ومحاكمته بتهمة الشروع في القتل واستخدام سلاح غير مرخص، إضافة إلى نجميد عضوية الدميسي عامًا كاملًا، كونه كان طرفًا في المشاجرة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"بيت الكوميديا".. 10 مقترحات "غريبة" قدمها برلمانيون مصريون

البرلمان المغربي "بنك خيري".. امتيازات ريعية للنواب بلا مقابل