07-يونيو-2017

البرلمان المغربي خلال إحدى جلساته الافتتاحية (عبدالحق سنا/أ.ف.ب)

يُعرف البرلمان كأحد أهم مُؤسسات الدول الديمقراطية، أو البرلمان المنتخب المعبر عن العددية في الدولة ومكونات المجتمع للدقة. ومن المفترض أن مهمة البرلماني تنتهي بانتهاء ولايته، وكذلك الامتيازات الملحوقة على عضويته في البرلمان. 

لكن في المغرب يختلف الوضع قليلًا، فبعض النواب المغاربة يتعاملون مع البرلمان باعتباره جمعية أو مصرفًا خيريًا، يقدم الامتيازات للأبد وبالمجان، الأمر الذي أغضب كثيرًا من المغاربة مطالبين بالحد مما أسموه بـ"الريع" الذي يستهلكه نواب البرلمان في وقت تنتهج في الحكومة سياسة تقشّف شاملة.

"الريع" لا يوازي عمل البرلمان

يُقصد بالريع الحصول على امتيازات مال أو سلطة أو إكراميات، دون مقابل لتلك الامتيازات من عمل أو جهد مبذول، أو مسوغ قانوني يعطي المرء المستفيد "الحق في التمتع" بتلك الامتياز دون سواه.

يُمكن الاستفادة بشكل أفضل من حجم الأموال التي يتقاضاها النواب المغاربة، عندما تحال إلى صندوق التكافل أو لمؤسسة اجتماعية

ووفقًا لهذه المقاربة، يقول رشيد لزرق، المختص في الشأن الدستوري، في حديث لـ"ألترا صوت" إن "ما يسمى بأجر البرلمانيين على سبيل المثال لا يوازيه العمل الذي يقدمونه في القيام بمهامهم النيابية، سواء التشريعية أو الرقابية، وهو ما درج الإعلام على تسميته بالريع، بخاصة بعض الامتيازات الموكولة للنواب بدون مردود عمل خاص".

اقرأ/ي أيضًا: "المادة 8 مكرر".. هل اخترق البرلمان المغربي الدستور؟

كما أنه "يمكن الاستفادة بشكل أفضل من حجم التعويضات التي يتقاضها نواب المغاربة، عندما تحال إلى الصندوق التكافل، أو صندوق محمد الخامس للتضامن، أو لمؤسسة اجتماعية". لكن ما هي حجم التعويضات المالية التي يستفيد منها برلمانيو المغرب؟

قبل أيام استفاد النواب المغاربة، وعددهم 396 نائبًا، هواتف ذكية يبلغ ثمن الواحد منها أكثر من 700 دولار، هذا دون احتساب اشتراك الاتصالات غير المحدود، فضلًا عن الأجهزة اللوحية الذكية. كل ذلك كلّف ميزانية الدولة حوالي 340 مليون سنتيم أي حوالي 340 ألف دولار، في الوقت الذي امتنع فيه عدد من البرلمانيين السابقين إعادة هواتفهم وأجهزتهم اللوحية الإلكترونية لمجلس النواب مرة أُخرى بعد انتهاء مدة ولايتهم.

هذه الإجراءات خلقت ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي، بين رافض لها باعتبارها "ريعًا" لا يستحقونه، وبين مُؤيد باعتبارها أمرًا طبيعيًا.

بعض النواب شاركوا في هذه الضجة، مثل عمر بلافريج، وهو نائب معارض، وصف النقاش حول توزيع الهواتف الذكية واعتباره ريعًا بـ"الشعبوي" وذلك في إحدى مقطع الفيديو التي اعتاد بثها كل أُسبوع للتواصل مع ناخبيه وفقًا لتعبيره.

ويرى عمر بلافريج، أن الهواتف وباقي الامتيازات التي يستفيد منها النواب المغاربة، عبارة عن وسائل عمل، وأن النقاش حول توزيع الهواتف الذكية أو بونات الغاز، أو تذاكر قطار، هو "نقاش شعبوي لا يفيد المغاربة"، حسب قوله.

إلا أن المحلل السياسي، عمر شرقاوي، يرى العكس، وردًا على تعليق عمر بلافريج، قال الشرقاوي في منشور له على فيسبوك: "مُؤسف ومقزز وفضيحة أن يتكفلا بالدفاع بجهل وبدون دراسة قانونية، عن ريع امتيازات البرلمان، نائبيْ الفيدرالية، اللذين كنت أنا شخصيًا أراهن على مشاكستهما، وهو الدفاع الذي لم يستطع القيام به أعتى نواب بعض أحزاب الكوكوت"، على حد تعبيره، مُضيفًا: "لم يفهموا أن تلك الامتيازات غير مقننة".

ولا يعد النقاش حول الامتيازات المادية التي يحصل عليها النواب جديدًا، فقد سبق وأن أطلق بعض الحقوقيين عريضة، عبر موقع "أفاز"، تطالب بالحد من المعاشات التي يستفيد منها النواب. وقد بلغ الموقعون على هذه العريضة أكثر من 30 ألفًا.

كما أنه جرت العادة أيضًا منذ سنوات أن يتم تمكين عدد من المؤسسات الرسمية بالمغرب، ومنها مجلس النواب، من تأشيرات الحج، مع امتيازات لقضاء الفريضة الدينية بشكل مريح، وهذا ما جعل بعض الحقوقيين يصف هذا الإجراء بالريع "الديني".

التعويضات بالملايين

وفقًا لميزانية 2016، فقد بلغ إجمالي الامتيازات المادية التي حصل عليها البرلمانيون، أكثر من 176 مليون درهمًا. وتبلغ مساهمة الدولة في تقاعد أعضاء مجلس النواب أكثر من 13 مليون درهم، يُضاف إليها مصاريف التأمين بأكثر من ثماني ملايين درهم.

بلغت قيمة إجمالي الامتيازات التي حصل عليها البرلمانيون في 2016 أكثر من 176 مليون درهم!

مع ذلك هناك أيضًا نقل النواب داخل المغرب والذي يكلف ثلاثة ملايين، ونقلهم في الخارج ويكلف أكثر من ثلاثة ملايين، وأمور أُخرى، لتصل التكلفة الإجمالية في هذا الجانب إلى أكثر من 56 مليون درهم، وهو ما يمثل أكثر من الميزانية المخصصة لعام 1982، والتي بلغت 47 مليون درهم.

اقرأ/ي أيضًا: البطالة في المغرب.. توقعات متشائمة ومخاوف متزايدة

إذن هي أرقام باهظة تلك التي تصرفها الدولة "ريعًا" على النواب المغاربة، ورغم كل هذه المصروفات لم يستطع النواب أن يحظوا بثقة المواطنين فيهم، فالحراك الريفي في المغرب يشهد على ذلك، ورفض المحتجين تدخل أي طرف من الدولة يشهد أيضًا على ذلك.

 

اقرأ/ي أيضًا:

لماذا تشتعل الاحتجاجات بالمغرب في كل رمضان؟!

تداعيات حكومة العدالة والتنمية.. هكذا خُدشت صورة الإسلاميين في المغرب