10-يناير-2023
.

النقاش يدور حاليًا حول التفكيك نظام انقلاب حزيران/ يونيو 1989 دون تحديد موعد باقي الورش (سونا)

انطلقت في السودان، أعمال المرحلة النهائية من العملية السياسية المعروفة باسم "الاتفاق الإطاري"، يوم الأحد، في الخرطوم، في اختراقٍ هو الأكبر منذ توقيع الاتفاق الشهر الماضي، بين المكون العسكري وعدد من مكونات القوى السياسية. في خطوة جديدة ضمن مسار حل الأزمة السياسية في السودان.

انطلقت في السودان، أعمال المرحلة النهائية من العملية السياسية المعروفة باسم "الاتفاق الإطاري"، يوم الأحد، في الخرطوم، في اختراقٍ هو الأكبر منذ توقيع الاتفاق الشهر الماضي

هذا وسجل الحضور الدولي، تأكيدًا على الالتزام السياسي بالاتفاق، فقد اعتبرت الآلية الثلاثية الراعية للعملية السياسية في السودان "الإتحاد الأوروبي، مجموعة الهيئة الحكومية للتنمية "IGAD"، وبعثة الأمم المتحدة"، والوساطة الرباعية "الولايات المتحدة، الإمارات، السعودية، وبريطانيا"، أن الاتفاق الإطاري سيكون مرجعيًا للتصالح والتوافق السياسي.

ورحب البيان الصحفي لمجموعة الرباعية والترويكا بانطلاق المرحلة الثانية والأخيرة للعملية السياسية في السودان، وأكد البيان على "الالتزام بشمولية العملية السياسية، والتأكيد على المشاركة الفاعلة للمرأة والشباب وإشراك ممثلين من كافة أرجاء السودان، والمجتمعات المُهمشة على وجه الخصوص، في هذا الحوار، ليساهموا في تشكيل مستقبل بلدهم". 

ودعا البيان "جميع الأطراف للانخراط بحسن نية في هذه الحوارات، وتركيز الجهود لاستكمال المفاوضات والوصول لاتفاق على وجه السرعة، حيث أن ذلك ضروري لمعالجة التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية والإنسانية الملحة في السودان، كما أنه أساسي لاستئناف المساعدات الدولية والاستثمار ورفع مستوى التعاون بين حكومة السودان والشركاء الدوليين"، وشدد أعضاء الرباعية والترويكا على "إدانة أي محاولات لتقويض هذه العملية السياسية، أو إثارة مزيد من عدم الاستقرار داخل السودان".

ورحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بإطلاق المرحلة النهائية في العملية السياسية نحو استعادة انتقال بقيادة مدنية في السودان، استنادًا على التقدم الذي تم إحرازه عند توقيع اتفاقية الإطار السياسي في 5 كانون الأول/ ديسمبر 2022، بحسب بيان للمتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة.

من جهة أخرى، بيّن نائب رئيس مجلس السيادة في السودان الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أن تأخر المرحلة النهائية، كان من أجل إلحاق بقية المكونات السياسية بالاتفاق، بينما أكد رئيس المجلس  الفريق عبد الفتاح البرهان، أنه لن يكون هناك أي دورٍ للمؤسسة العسكرية في المرحلة القادمة، وأن المؤسسة العسكرية لن تتراجع عن تعهدها بالانسحاب من المشهد السياسي، وتسليم قيادة مرحلة الانتقال السياسي للمدنيين، مضيفًا أن المؤسسة العسكرية ستدفع بباقي القوى السياسية والمدنية للالتحاق بالمسار السياسي. 

ومن المتوقع أن تحسم المرحلة النهائية النقاش، حول خمسة ملفات أساسية، وهي العدالة والعدالة الانتقالية، والإصلاح الأمني والعسكري، ومراجعة وتقييم اتفاق السلام، وتفكيك نظام 30 حزيران/ يونيو 1989، وقضية شرق السودان، ويشكل ملف  العدالة الانتقالية، التحدي الأبرز في ظل إجماع المكونات المدنية الموقعة، على أن الاتفاق يلبي أمال الشعب السوداني وتطلعاته، كما يعده البعض اختراقًا للأزمة السياسية في البلاد، وسيفضي إلى تشكيل حكومة مدنية جديدة، خاصةً أن أبرز بنود الاتفاق، تدور حول نأي الجيش عن السياسة، واعتماد فترة انتقالية من عامين تبدأ من تاريخ تعيين رئيس للوزراء، وإطلاق عملية شاملة لصياغة الدستور تحت إشراف مفوضية صياغة الدستور، وتنظيم عملية انتخابية شاملة في نهاية الفترة الانتقالية.

وسيناقش المشاركون ضمن ورش عمل لمدة أربعة أيام، خريطة طريق  لتفكيك نظام 30 حزيران/ يونيو 1989، فيما لم يحدد بعد أيً موعد لبقية الورش، ومن المتوقع أن تنتهي أعمال جميع الورش مع نهاية شهر كانون الثاني /يناير الحالي، على أن يوقع بعد ذلك اتفاق نهائي في مطلع شباط/ فبراير المقبل لتكوين حكومة مدنية لا يشارك فيها العسكر.

على الجانب الآخر، تتباين رؤى وتوجهات قوى الحرية والتغيير، فالكتلة الديمقراطية مازالت متمسكة بموقفها الرافض للاتفاق، ومجددة شرطها توسيع قاعدة الاتفاق ليشمل الجميع، عدا حزب المؤتمر الوطني، وتعهدت بتحريك الشارع لإسقاطه، وذكرت الكتلة أنها أوقفت اللقاءات غير المباشرة مع مجموعة الحرية والتغيير-المجلس المركزي.

والاتفاق الإطاري لم يحسم القضايا المهمة، وتركها لمؤتمرات وورش عمل ضمن المرحلة النهائية بمشاركة القوى الموقعة على الاتفاق، ما يعنى أن القوى الرافضة للاتفاق لن تشملها هذه المشاركة، وهو ما يعقد أي إمكانية لاستجابتها وانضمامها للاتفاق، خصوصًا وأنها تعتبر ما جرى هو اتفاق ثنائي بين المدنيين والعسكريين، ولا يعبر بشكلٍ واسع عن تطلعات الشارع السوداني.

الاتفاق الإطاري لم يحسم القضايا المهمة، وتركها لمؤتمرات وورش عمل ضمن المرحلة النهائية بمشاركة القوى الموقعة على الاتفاق

وبشكلٍ عام، بدأت أصعب المراحل ضمن العملية السياسية بين العسكر والمدنيين، كما أنها تعتبر مرحلة حاسمة للأطراف والقوى الرافضة للاتفاق الإطاري، التي تحدثت في وقت سابق أنها لن تقبل العملية، في الوقت الذي تشير فيه الأطراف المشاركة في الحوار إلى سعيها ضم القوى الرافضة للاتفاق إلى العملية السياسية.