26-أكتوبر-2022
المتظاهرون يدفعون أحد الباصات المتعطلة لاستخدامه كحاجز في شارع رئيسي بأم درمان (الترا سودان)

المتظاهرون يدفعون أحد الباصات المتعطلة لاستخدامه كحاجز في شارع رئيسي بأم درمان (الترا سودان)

نزل السودانيون أمس الثلاثاء إلى الشوارع في مظاهرات حاشدة ضدّ "الانقلاب العسكري" تزامنًا مع الذكرى الأولى للإجراءات الاستثنائية التي فرضها قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، وأعاقت التحول الديمقراطي في البلاد. وطالبت قوى المعارضة في مظاهرات أمس باستئناف مسار التحول الديمقراطي والمجيء بحكومة مدنية لإخراج البلاد من أزمتها السياسية التي أدخلها فيها العسكر.

نزل السودانيون أمس الثلاثاء إلى الشوارع في مظاهرات حاشدة ضدّ "الانقلاب العسكري" تزامنًا مع الذكرى الأولى للإجراءات الاستثنائية التي فرضها قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان

 وحظي الحراك الاحتجاجي بدعم دولي قوي حيث دعا الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والآلية الثلاثية إلى تشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية في السودان، فيما قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن  إنه حان الوقت لإنهاء الحكم العسكري في السودان.

وفي التفاصيل، نقلت مصادر مختلفة أن الآلاف خرجوا في مظاهرات حاشدة في مناطق سودانية مختلفة، وهتفوا بشعارات تطالب بالعودة إلى الثكنات وبتولي المدنيين للسلطة. وشهدت الخطروم مسيرات ليلية دعت المواطنين إلى المشاركة في مليونية الثلاثاء ضد استمرار الحكم العسكري المسؤول عن مآزق السودان.

وبدت صورة الاحتجاجات غير مكتملة، نظرًا لقيام السلطات السودانية بقطع خدمات الإنترنت في عموم السودان قبيل الاحتجاجات، حسب ما نقلته وكالة رويترز، كما نقلت مصادر سودانية أن قوات الأمن انتشرت على الجسور التي تربط الخرطوم بضواحيها وعلى طرقها الرئيسية. وقبل ذلك قررت السلطات إغلاق الجسور النيلية بالعاصمة الخرطوم سوى جسري سوبا والحلفايا.

ومنذ وقت مبكر وقبيل الساعة الواحدة ظهرًا، بدأ المتظاهرون في التوافد إلى مراكز التجمع داخل الأحياء السكنية بأم درمان، ومنها صوب المسارات المحددة عند نقاط الالتقاء المؤدية إلى المجلس الوطني؛ يحملون الطبول والأعلام واللافتات المناوئة للانقلاب العسكري، والمطالبة بإسقاطه وإقامة الحكم المدني الديمقراطي. 

وسيطر المحتجون على المجلس الوطني مع تراجع القوات النظامية التي أطلقت الغاز المسيل للدموع، ما أدى لوقوع إصابات متعددة تم نقلهم إلى موقع العيادة الميدانية بالقرب من المجلس الوطني، لإجراء الإسعافات الأولية. وتعد هذه المرة الأولى التي تقام فيها عيادات محلية منذ انقلاب قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، وساهمت العيادات الميدانية في تقليل مخاطر الإصابات الناتجة عن النزيف. 

ويتمسك المحتجون بمواصلة التظاهرات ورفض أي تسوية سياسية مع المكون العسكري، فيما يطالبون بمحاكمة قتلة المتظاهرين وقادة الانقلاب العسكري واستعادة الحكم المدني في البلاد. 

وكانت الشرطة اتهمت ما أسمتها بالتشكيلات العسكرية ومجموعات ترتدي الخوذات وتحمل الأعلام، باستخدام العنف، وطالبت الشرطة في بيانها الذي قوبل بردود أفعال واسعة مساء الثلاثاء، وزارة العدل بمنحها صلاحيات لمحاكمة هذه المجموعات إيجازيًا. 

وقالت قوى الحرية والتغيير "المجلس المركزي"، في بيان صحفي اليوم الأربعاء، إن "الانقلاب فشل تمامًا منذ يومه الأول في تشكيل أي حكومة والحديث عن الجهاز التشريعي في البيان هو طلبٌ لاستصدار قرارتٍ من داخل سلطة الأمر الواقع المتمثلة في "مجلس السيادة الانقلابي" لمنحهم ضوءًا أخضرًا لرفع وتيرة العنف والإفلات من العقاب، وهي جرائم موثقة سيتم محاسبة مرتكبيها والقصاص منهم لامحالة"، بحسب تعبيره.  

وقال التحالف إن بيان قوات الشرطة الذي اتهم الحركة الجماهيرية ومقاومتها السلمية وخروج مواكبها المناهضة للانقلاب بأنها تتضمن تشكيلات عسكرية ومجموعات منظمة مسلحة، هو اتهام مردود على سلطة الانقلاب التي ظلت تستخدم كل أنواع العنف المفرط والقمع والقتل بالرصاص الحي والمتناثر (الخرطوش) والدهس. وأضاف البيان: "تم إثبات ذلك عبر التوثيق المستمر من قبل وسائل الإعلام والصحافة، وتوثيق الثوار والثائرات السلميين على مدى سنةٍ كاملة". 

إسناد دولي لمطالب المحتجين

تحظى مطالب قوى المعارضة بإسناد دولي واسع، حيث دعت الآلية الثلاثية، وهي آلية تضم الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية لشرق أفريقيا (إيغاد)" والاتحاد الأوروبي و 13 دولة أخرى، إلى تشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية في السودان. وطالبت عدة سفارات غربية في الخرطوم السلطات "باحترام حرية الرأي وحق التجمع السلمي"، كما طالبت بـ"عدم استخدام القوة"، في بيان دان أيضًا مقتل متظاهر أول أمس الأحد.

وكان موقف الخارجية الأمريكية أكثر وضوحًا، حين قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن الوقت حان "لإنهاء الحكم العسكري" في السودان. ففي تغريدة نشرها بلينكن مساء الإثنين قال: "تقريبًا، قبل سنة من اليوم، انقلب الجيش السوداني على حكومة بقيادة مدنية، وقوّض التطلعات الديمقراطية لشعبه. حان الوقت لإنهاء الحكم العسكري".

يتمسك المحتجون بمواصلة التظاهرات ورفض أي تسوية سياسية مع المكون العسكري، فيما يطالبون بمحاكمة قتلة المتظاهرين وقادة الانقلاب العسكري

يذكر أن زعيم الانقلاب عبد الفتاح البرهان فرض في الـ25 من تشرين الأول/أكتوبر 2021 إجراءات استثنائية أنهت كل التعهدات التي اتخذها قبل ذلك بعامين بتقاسم السلطة مع المدنيين، بالإضافة إلى حل مجلسي الوزراء والسيادة الانتقاليين، وإقالة ولاة، واعتقال مسؤولين وسياسيين، وإعلان حالة الطوارئ في البلاد، وهي إجراءات اعتبرتها قوى المعارضة انقلابًا صريحًا كامل الأركان.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

ذكرى الانقلاب.. شهيد في أم درمان والمحتجون يتمسكون بإسقاط النظام

فيديو| عام من الانتهاكات.. وما يزال النضال مستمرًا