02-مارس-2024
انتهاكات بحق أسرى غزة

(Getty) علاج الأسرى يتم دون إزالة القيود من أيديهم، بحسب تعليمات جيش الاحتلال

تكشف شهادات الأسرى في سجون الاحتلال، عن ظروف معاناة مروعة، أدت إلى استشهاد 11 أسيرًا، خلال خمسة أشهر. وتتفاقم هذه المعاناة، مع أسرى قطاع غزة، نتيجة وحشية جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي، والسلوك الانتقامي في التعامل معهم.

وبحسب قصة نشرتها وكالة أسوشيتد برس، لأسيرة من قطاع غزة تدعى نبيلة، فإن الظروف الصعبة للاعتقال، تبدأ من لحظة وصول جيش الاحتلال، وحتى الإفراج عنهم.

وكانت نبيلة، قد اعتقلت من داخل مدرسة للأمم المتحدة في مدينة غزة، ظنت أنها ستكون آمنة، وقالت: "الجنود اقتحموا المكان وأمروا الرجال بخلع ملابسهم واقتادوا النساء إلى المسجد لتفتيشهن. وهكذا بدأت ستة أسابيع في الاعتقال الإسرائيلي، تضمنت الضرب المتكرر والاستجواب".

تقول جماعات حقوق الإنسان، إن إسرائيل تخفي فلسطينيي غزة، حيث تحتجزهم دون تهمة أو محاكمة ولا تكشف لعائلاتهم أو المحامين عن مكان احتجازهم

وقالت الشابة البالغة من العمر 39 عامًا من مدينة غزة، والتي تحدثت بشرط عدم استخدام اسمها الأخير خوفًا من اعتقالها مرة أخرى: "كان الجنود قساة للغاية، ضربونا وصرخوا علينا باللغة العبرية. إذا رفعنا رؤوسنا أو نطقنا بأي كلمة، كانوا يضربوننا على رؤوسنا".

وأضافت نبيلة، أنها تنقلت بين مرافق الاعتقال الإسرائيلية في مجموعة مختلطة قبل وصولها إلى سجن الدامون في الشمال، حيث قدرت أن هناك ما لا يقل عن 100 امرأة.

وتقول جماعات حقوق الإنسان، إن إسرائيل تخفي فلسطينيي غزة، حيث تحتجزهم دون تهمة أو محاكمة ولا تكشف لعائلاتهم أو المحامين عن مكان احتجازهم.

وعند اقتحام المدرسة، قالت نبيلة: "شعرت بالرعب عندما تخيلت أنهم يريدون إعدامنا ودفننا هناك". فيما قام جيش الاحتلال بفصلها عن ابنتها البالغة من العمر 13 عامًا وابنها البالغ من العمر 4 أعوام، ووضعها في شاحنة متجهة إلى منشأة في جنوب إسرائيل.

وقالت نبيلة لوكالة أسوشيتد برس من مدرسة تحولت إلى مأوى في رفح حيث تقيم مع معتقلات أخريات تم إطلاق سراحهن مؤخرًا: "لقد كنا نتجمد من البرد وأجبرنا على البقاء على ركبنا على الأرض. الموسيقى الصاخبة والصراخ والترهيب، أرادوا إذلالنا. لقد تم تقييد أيدينا وعصب أعيننا وتقييد أقدامنا بالسلاسل".

وأشارت نبيلة، التي تنقلت بين عدة سجون، إلى أنها تعرضت لعمليات تفتيش متكررة واستجواب تحت تهديد السلاح.

كما قالت معتقلة أخرى من غزة، إنه أثناء الفحص الطبي قبل نقلها إلى سجن الدامون، أمرتها القوات الإسرائيلية بتقبيل العلم الإسرائيلي، وعندما رفضت، أمسكها جندي من شعرها وضرب وجهها بالحائط.

وفي تقرير صادر عن منظمة أطباء لحقوق الإنسان الإسرائيلية، تحدث معتقلون سابقون من غزة سوء معاملة مماثلة.

وقال أحدهم، تم حجب اسمه، إن الحراس تبولوا عليه في سجن كتسيعوت بجنوب إسرائيل، وشهد عمليات تفتيش عارية حيث أجبر الحراس المحتجزين العراة على الوقوف بالقرب من بعضهم البعض وأدخلوا أجهزة تفتيش في أردافهم.

ووصفت منظمة أطباء لحقوق الإنسان، السجون الإسرائيلية، التي تضم أيضًا فلسطينيين من الضفة الغربية والقدس، بأنها "جهاز للقصاص والانتقام". مشيرةً إلى أن مصلحة السجون الإسرائيلية والجيش "تم منحهما حرية التصرف بالطريقة التي يرونها مناسبة".

وذكر التقرير أنه في بداية الحرب، دخلت السجون في وضع "الإغلاق"، حيث حبس المعتقلين في زنازينهم لمدة أسبوعين. وبموجب إجراءات الطوارئ في زمن الحرب، علق البرلمان الإسرائيلي في تشرين الأول/أكتوبر متطلبات الطاقة الاستيعابية الطبيعية للزنزانات. ومنذ ذلك الحين، ينام النزلاء على مراتب في زنزانات مكتظة. وفي بعض المرافق، تم فصل الكهرباء والماء، مما أدى إلى إغراق المحتجزين في الظلام معظم اليوم وجعل الحمامات والمغاسل غير صالحة للاستخدام.

خلال ثمانية أيام قضتها في منشأة غير معروفة في جنوب إسرائيل، قالت نبيلة إنها لم تستحم ولم تتمكن من الحصول على فوط صحية أو أدوات النظافة، وكان الطعام نادرًا. وأشارت نبيلة إلى أن الحراس، ألقوا ذات مرة وجبات الطعام على المحتجزين وطلبوا منهم أن يأكلوا على الأرض.

وتنص وثيقة رسمية حصلت عليها وكالة أسوشيتد برس، توضح العمليات في المنشأة الطبية العسكرية في سدي تيمان التي ينقل إليها أسرى غزة، على أن "المقاتلين غير الشرعيين يتم علاجهم مكبلي الأيدي ومعصوبي الأعين".

وفي تقرير سابق لموقع "الترا فلسطين"، نقل عن المحامية كفاية خريم، شهادتها قسم "23" في سجن عوفر، الذي يعتقل فيه أسرى قطاع غزة.

أوضحت كفاية خريم، أنها قابلت خمسة أسرى فلسطينيين خلال زيارتها الأخيرة لسجن عوفر، والخمسة تحدثوا من تلقاء أنفسهم وبدون أي سؤال مسبق عن قسم 23 وما يجري فيه، مضيفةً: "قالوا لي إنهم لا يستطيعون النوم خلال الليل من كثرة الصراخ وأصوات التعذيب التي يسمعوها من قسم 23".

ونقلت كفاية خريم عن الأسرى قولهم، إن الأسرى في قسم "23" يتعرضون للتعذيب بشكل يومي ومتواصل ويتم إدخال الكلاب عليهم، ويتم رميهم في ساحة السجن في البرد الشديد، خلال الليل بدون أي أغطية أو تقديم ملابس دافئة لهم.

وأضافت خريم: "أحد الأسرى الشهود تأخر عن رفاقه الأسرى خلال عودته للقسم الخاص، ومر بالصدفة من أمام قسم 23 وشاهد شخصًا من شدة التعب والتعذيب والإنهاك الظاهر عليه يبدو كهيكل عظمي، وكان يقوم بمسح دماء عن الأرض". مشيرةً إلى أن المعلومات قليلة عن القسم، إذ لا يُسمح لأسرى قطاع غزة بالاختلاط ببقية الأسرى الآخرين.

بدوره، قال جعفر عبيات، أسير سابق أفرج عنه مؤخرًا من قسم 21 في سجن عوفر، لـ"الترا فلسطين": إنه خلال اعتقاله التقى بأسرى من قسم 22 وهو القسم الملاصق لقسم 23 حيث يوجد أسرى من قطاع غزة، وأبلغوه أنهم كانوا يسمعوا صوت جرهم بالسلاسل الحديدية، ويعرفون ذلك لأن الممر الملاصق لغرف الأسرى في الطابق الثاني هو من الصاج، فكانوا يسمعوا صوت جرهم بواسطة الجنازير إلى الساحة في الأسفل.

وأوضح جعفر عبيات، أنهم كانوا يسمعوا صوت الأسرى وهم يجبرون على أداء أصوات الحيوانات، "وعلى ما يبدو كان ذلك عندما يتم تقديم الأكل لهم بحيث يتم إجبارهم على النزول للساحة للأكل بشكل جماعي وإجبارهم على النباح".

وأضاف عبيات، أن جنود الاحتلال يقيدون أسرى غزة في قسم 23 بسلك حديدي وليس بالكلبشات أو الحبال أو القيود البلاستيكية، كما حرموهم من أي ثياب شتوية، ويقدمون لهم طعامًا أقل مما يتم تقديمه لبقية الأقسام، هذا عدا عن الإذلال والضرب المتواصل.

وأفاد أن المعتقلين في قسم 23 يتعرضون لتفتيشات ليلية بشكل مستمر وفي أوقات متعددة ومختلفة بحيث لا يستطيعون النوم والبقاء في حالة توتر مستمرة.

وبيّن جعفر عبيات، أنه لم يقابل أي أسير من قطاع غزة في العيادات، "وهذا يعني أنهم لا ينقلون أي مصاب منهم للخارج، ولا يقدمون لهم أي علاج، والعلاج يكون بشكل موضعي داخل الأقسام".

من جانبه، قال رئيس هيئة الأسرى قدورة فارس، إن ما يتعرض له أسرى قطاع غزة "عمل إجرامي" من حيث طريقة معاملتهم واحتجازهم بلا محاكمة ولا نظام ولا قانون، وبلا أي رقابة من أي جهة، عدا عن حجب أي معلومات حولهم.

قال جعفر عبيات، أسير سابق أفرج عنه مؤخرًا من قسم 21 في سجن عوفر، لـ"الترا فلسطين": إنه خلال اعتقاله التقى بأسرى من قسم 22 وهو القسم الملاصق لقسم 23 حيث يوجد أسرى من قطاع غزة، وأبلغوه أنهم كانوا يسمعوا صوت جرهم بالسلاسل الحديدية

ويقول قدورة فارس لـ الترا فلسطين، إن معلومات وردت إليهم عن سماع الأسرى أصوات تعذيب في قسم 23 وقسم 25 في سجن عوفر، قبل أن تبث وسائل إعلام إسرائيلية هذا الأسبوع تقارير صحيفة من قسم 10 في سجن عوفر، المخصص للأسرى من قوات النخبة في حماس، بحسب الإعلام العبري.

ويؤكد فارس، أن لا أحد يمتلك معلومات دقيقة عن أسرى قطاع غزة، بما في ذلك أعدادهم وظروف اعتقالهم، مضيفًا أن منع إسرائيل التواصل مع أسرى غزة وامتناعها عن الإدلاء بأي معلومات، يعني أن هناك أمرًا مبيتًا ضدهم.

وأشار قدورة فارس، إلى أن هناك "فظاعات" ترتكب بحق أسرى قطاع غزة، وما يتم تصويره من فيديوهات رسمية تنشر في وسائل الإعلام الإسرائيلي هي "شيء مرعب، فما بالك بما خفي ولا يتم تصويره؟".