27-فبراير-2024
سجن عوفر

(Getty) تتعرّض الأسيرات الغزيّات في سجون الاحتلال لأشكال مختلفة من التعذيب

في الوقت الذي يواصل فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي قصفه على قطاع غزة، لليوم الرابع والأربعين بعد المئة، لا يزال مصير مئات الغزيين الذين اعتقلهم أثناء اجتياحه لمدن وبلدات ومخيمات القطاع خلال عمليته البرية المستمرة منذ نحو 4 أشهر، أو على الحواجز التي نصبها على الطرقات التي ادعى أنها ممرات آمنة للنزوح نحو جنوب القطاع؛ مجهولًا رغم مناشدات ونداءات المنظمات الأممية والحقوقية المتزايدة.

لكن الواضح، وما لا يقبل الشك إطلاقًا، أنهم يتعرضون لمختلف أنواع التعذيب والإذلال التي تحدّث عنها ناجون كُثر من معتقلات أو مسالخ جيش الاحتلال، حيث كسر جنوده يدي الطبيب محمد أبو سلمية، مدير عام مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، ووضعوا حبلًا في عنقه وأجبروه على تناول الطعام كالحيوانات. 

تكشف هذه الممارسات أن جيش الاحتلال يخوض، إلى جانب حربه المباشرة على القطاع، حربًا أخرى علنية أيضًا ضد أهاليه سلاحه فيها الإذلال والإهانة وامتهان الكرامة الإنسانية، سواء داخل المعتقلات أو خارجها حيث فرض بفعل القصف والحصار المطبق، واقعًا بائسًا يواجه فيه الناس ما يمسّ كرامتهم بصورة يومية. 

تمارس قوات الاحتلال بحق الأسيرات من غزة أشكالًا مختلفة من التعذيب والإهانة تشمل الضرب والتنكيل والتحرش الجنسي الصريح والتهديد بالاغتصاب

ولم تكن نساء غزة بمنأى عن هذه الحرب، إن كان ذلك في مراكز الإيواء ومخيمات النزوح، حيث يواجهن يوميًا تحديات هائلة وغير إنسانية تهدِّد صحتهن الجسدية والنفسية، أو في المعتقلات التي وصلن إليها بعد رحلة تعرّضن خلالها للإهانة عبر نزع الحجاب عن رؤوسهن وتفتيشهن من قبل الجنود الذكور والتحرش بهن. 

وتمارس قوات الاحتلال بحق الأسيرات أشكالًا مختلفة من التعذيب والإهانة تشمل الضرب والتنكيل والتحرش الجنسي الصريح والتهديد بالاغتصاب إضافةً إلى إجبارهن على خلع ملابسهن أمام الجنود الذكور وتوجيه ألفاظ نابية بحقهن واحتجازهن أيضًا في أقفاص مفتوحة وسط ظروف غير إنسانية وأجواء شديدة البرودة، عدا عن حرمانهن من الغذاء والدواء والمستلزمات النسائية وفق شهادات العديد ممن أفرج الاحتلال عنهن. 

ومع توالي الشهادات والتقارير التي تتحدث عن الأوضاع البائسة للأسيرات، أصدرت عدة منظمات ووكالات وخبراء أمميون بيانات تؤكد مصداقية تلك الشهادات وتعرب عن قلقهم مما تتعرض له الفلسطينيات. وبدت هذه البيانات بمثابة تأكيد إضافي على الأوضاع المأساوية التي يواجهنها داخل السجون، سيما أن بعضها تحدّث عن حالات اغتصاب وقعت بالفعل، بالإضافة إلى تصوير الأسيرات في ظروف مهينة ونشر صورهن على الإنترنت. 

وفي وقت سابق، أمس الإثنين، نشر "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" شهادات جديدة لنساء أُفرج عنهن تكشف حجم المعاناة والانتهاكات اللتي تتعرض لها المعتقلات، إذ قالت سيدة تبلغ من العمر 44 عامًا، وجرى اعتقالها من داخل مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، أواخر كانون الأول/ديسمبر الفائت، إنها تعرضت للضرب برفقة نساء أخريات على يد مجندات جيش الاحتلال وهن عاريات بالكامل. 

وإلى جانب التعرية والتفتيش اللذين يتكرران عدة مرات وبوجود جنود ذكور، جرى أيضًا احتجازها داخل قفص شبيه بقفص الحيوانات في العراء ووسط البرد القارس، ودون طعام أو ماء كاف، وذلك عدا عن توثيق تعذيبها بالهواتف المحمولة.

وأكدت سيدة أخرى أن جنود الاحتلال هدّدوها بالاغتصاب إذا لم تُطع أوامرهم وتسجّل مقطعًا مصورًا تهاجم فيه "حركة حماس". بينما قالت فتاة تبلغ من العمر 20 عامًا، إنها تعرضت للتفتيش وهي عارية باستثناء ملابسها الداخلية، ثم وضعت إلى جانب أخريات في مكان يشبه القفص والجحيم: "بقينا في هذا القفص لمدة حوالي 8 أيام، دون تلبية احتياجاتنا الأساسية مثل قضاء الحاجة والطعام". 

وأضافت الفتاة: "كنا نتعرض لإهانات لفظية سيئة بألفاظ نابية، ومنعنا من الاستحمام واستخدام الفوط الصحية إلا بكميات شحيحة جدًا لا تكفي حتى ليوم واحد"، وذكرت أن إحدى المجندات طلبت منها: "تقبيل علم إسرائيل، وحين رفضت تعرضت للضرب بشكل جنوني في وجهي، وظلت المجندة تستفزني وتعتدي علي انتقامًا مني بعد ذلك". 

وأوضحت سيدة اعتُقلت أثناء نزوحها مشيًا عبر حاجز "نتساريم" العسكري إلى جنوب قطاع غزة، أن قوات الاحتلال صادرت كافة مقتنياتها، وأجبرتها على خلع ملابسها، ثم أُخضعت لجلسات تحقيق قاسية تضمنت معاملة سيئة بين الضرب والتعذيب وتوجيه الألفاظ النابية.

وقالت إنها تعرضت برفقة أسيرات أخريات إلى الضرب الشديد أثناء نقلهن إلى سجن "الدامون". وذكرت أنها خضعت لعدة جلسات استجواب تخللتها اعتداءات جنسية وهي عارية من ملابسها، إضافةً إلى احتجازها في البرد الشديد.