01-مارس-2024
تُعقد في إيران، اليوم الجمعة، انتخابات البرلمان ومجلس خبراء القيادة، الهيئة التي ستختار المرشد الأعلى القادم لإيران في الوقت الذي تواجه فيه البلاد أزمات عبر جبهات متعددة، مثل الانكماش الاقتصادي، والاحتجاجات الكبيرة في إيران بعد وفاة الشابة مهسا أميني، والحرب الإسرائيلية على غزة وانعكاسها الإقليمي.

(نيويورك تايمز) الانتخابات في إيران تعقد مع بروز دعوات كبيرة للمقاطعة وعدم المشاركة

تُعقد في إيران، اليوم الجمعة، انتخابات البرلمان ومجلس خبراء القيادة، الهيئة التي ستختار المرشد الأعلى القادم لإيران في الوقت الذي تواجه فيه البلاد أزمات عبر جبهات متعددة، مثل الانكماش الاقتصادي، والاحتجاجات الكبيرة في إيران بعد وفاة الشابة مهسا أميني، والحرب الإسرائيلية على غزة وانعكاسها الإقليمي.

وكان المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي، الذي وصف التصويت بواجب ديني، أول من أدلى بصوته في إيران، مع بروز حملات تدعو إلى مقاطعة الانتخابات.

وقال خامنئي للتلفزيون الرسمي "صوتوا في أسرع وقت ممكن... اليوم عيون أصدقاء إيران ومن يتمنى لهم السوء تتجه نحو نتائج الانتخابات. أسعدوا الأصدقاء وخيبوا آمال الأعداء".

تسعى السلطات في إيران للحصول على نسب مشاركة واسعة في الانتخابات، مع وجود دعوات للمقاطعة وتوقعات بنسب مشاركة منخفضة

والانتخابات هي أول مقياس رسمي للرأي العام بعد أن تحولت الاحتجاجات في عام 2022. واستطلاعات الرأي الرسمية تشير إلى أن نحو 41 % فقط من الإيرانيين سيصوتون. وسجلت نسبة المشاركة مستوى قياسيًا منخفضًا بلغ 42.5 % في انتخابات برلمان 2020، في حين شارك نحو 62 % من الناخبين في الانتخابات البرلمانية 2016.

وقالت وزارة الداخلية إن أكثر من 15 ألف مرشح سيتنافسون على مقاعد البرلمان البالغ عددها 290 مقعدًا. وقد تظهر النتائج الجزئية يوم السبت.

يقوم الناشطون الإيرانيون وجماعات المعارضة بتوزيع هاشتاغات تويتر #VOTENoVote و#ElectionCircus على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، بحجة أن نسبة المشاركة العالية ستضفي الشرعية على النظام الحالي.

وقال خامنئي، أمام حشد يوم الأربعاء ، إن "عدم التصويت لا يؤدي إلى أي إنجازات ولا يحل مشاكل البلاد". وأضاف: "إذا كانت الانتخابات ضعيفة، فسيتضرر الجميع. أنا لا أتهم أحدًا، لكني أذكّر الجميع بأن علينا أن ننظر إلى الانتخابات من منظور مصالحنا الوطنية".

ومن أبرز الشخصيات الداعية إلى المقاطعة الناشطة في مجال حقوق المرأة المسجونة نرجس محمدي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 2023. وفي بيان نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي، وصفت محمدي الانتخابات بأنها "زائفة". وقالت إن "القمع القاسي والوحشي" الذي تمارسه الحكومة يجعل المقاطعة "التزامًا سياسيًا وأخلاقيًا".

وتوقع استطلاع أجرته وكالة استطلاعات الرأي شبه الرسمية "إيسبا" أن تبلغ نسبة المشاركة 38.5 %. وادعى الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، الممنوع هو نفسه من الترشح لمجلس الخبراء، أن الأغلبية لن تصوت.

وتشير بعض استطلاعات الرأي الداخلية إلى أن نسبة التصويت في محافظة طهران ستصل إلى 22 % وفي مدينة طهران لن تزيد عن 15-17 %.

وقد رفضت جبهة الإصلاح، وهي تحالف يضم 16 حزبًا ومنظمة إصلاحية، تقديم قائمة من المرشحين احتجاجًا على استبعادهم من الانتخابات، بما في ذلك الرئيس السابق للجنة السياسة الخارجية في البرلمان، حشمت الله فلاحت بيشه، الذي كان منتقدًا لتسليح إيران لروسيا في عام 2011.

وقالت مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس سانام فاكيل لـ"نيويورك تايمز": "إن الانتخابات مهمة لسببين. أولًا، العودة إلى الاحتجاج الشعبي من خلال عدم المشاركة في الانتخابات، وثانيًا، مدى انخفاض الأصوات يمكن أن يخبرنا شيئًا عن قاعدة السلطة في الجمهورية الإسلامية".

بدوره، اعتبر الكاتب الإيراني أحمد زيد أبادي، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن الانتخابات الحالية لا تختلف سابقاتها شكلًا ومضمونًا، ولكنه أضاف: أن ما يمنحها أهمية في الوقت الحالي هو "إحباط واضح أصاب شرائح كبيرة من المجتمع، خصوصًا من الطبقة المتوسطة والأكاديمية من الانتخابات وعدم رغبتها في المشاركة، وكذلك إعلان غالبية القوى الإصلاحية عدم الحضور في الانتخابات".

وتابع زيد أبادي، في حديث لـ"العربي الجديد" أن الإصلاحيين في هذه المرحلة الانتخابية ابتعدوا عن الانتخابات بـ"شكل أكثر وضوحًا وحزمًا من قبل"، مشيرًا إلى أنهم حتى في مرحلة التسجيل والترشح "لم يظهروا رغبة".

وأشار أبادي إلى أن ما يزيد من أهمية الانتخابات في هذه الدورة أيضًا، هو تصاعد الخلافات في صفوف المحافظين وخروج صراعاتهم الداخلية إلى العلن، والذي جاء نتيجة لابتعاد الإصلاحيين عن الانتخابات.

ويعزو زيد أبادي أسباب عزوف شرائح إيرانية عن المشاركة في الانتخابات إلى "تفاقم المشكلات الاقتصادية، لا سيما التضخم والغلاء ومعضلة السكن واليأس من المستقبل بسبب عدم الاتفاق مع الغرب، مما يعني استمرار العقوبات والمعضلات الثقافية، خصوصًا بشأن الحجاب، وكذلك إخفاق المؤسسات المنتخبة في حل مشاكل البلاد".

توقع استطلاع أجرته وكالة استطلاعات الرأي شبه الرسمية "إيسبا" أن تبلغ نسبة المشاركة 38.5%

ومنذ حركة الاحتجاج الأخيرة في إيران، تكثفت حملات القمع الحكومية على حرية التعبير والمعارضة. وفي الوقت نفسه، تستمر أزمات اقتصاد البلاد في الظهور، مع ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة عملة البلاد. وهي أمور، ترتبط بالفساد وسوء الإدارة، بالإضافة للعقوبات الغربية الصارمة المفروضة على إيران.

ومع بروز دعوات المقاطعة، وحتى مع انخفاض نسبة إقبال الناخبين، من المتوقع أن يحافظ الفصيل المحافظ على قبضته على البرلمان لأن مرشحيه يخوضون الانتخابات دون منافسة إلى حد كبير. إذ قامت هيئة صيانة الدستور، والتي تتولى فحص جميع المرشحين البرلمانيين، بإزالة جميع أولئك الذين يمكن اعتبارهم مستقلين أو وسطيين أو إصلاحيين تقريبًا. وتمت الموافقة على ترشح أكثر من 15 ألف مرشح لـ 290 مقعدًا، بما في ذلك خمس مقاعد للأقليات الدينية، لفترة ولاية مدتها أربع سنوات تبدأ في أيار/مايو.

أمّا النقطة الهامة في هذه الانتخابات، ورغم أن دور البرلمان في إيران، يدور حول الجوانب الرقابية. إلّا أن الانتخابات الأهم هي لمجلس خبراء القيادة، الذي قد يختار في دورته الحالية، خلفية المرشد الأعلى لإيران.